الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
باب استغفار النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم والليلة
5948 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11931أبو اليمان أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16108شعيب عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري قال أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=12031أبو سلمة بن عبد الرحمن قال قال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=655832سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول nindex.php?page=treesubj&link=19705_31009والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة
قوله باب nindex.php?page=treesubj&link=31009استغفار النبي - صلى الله عليه وسلم - أي وقوع الاستغفار منه أو التقدير مقدار استغفاره في كل يوم ولا يحمل على الكيفية لتقدم بيان الأفضل وهو لا يترك الأفضل
قوله قال : قال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ) في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس بن يزيد عن الزهري " أخبرني أبو سلمة أنه سمع nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة " أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي .
قوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=847060والله إني لأستغفر الله ) فيه القسم على الشيء تأكيدا له وإن لم يكن عند السامع فيه شك
قوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=847061لأستغفر الله وأتوب إليه ) ظاهره أنه يطلب المغفرة ويعزم على التوبة " ويحتمل أن يكون المراد يقول هذا اللفظ بعينه ويرجح الثاني ما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي بسند جيد من طريق مجاهد عن ابن عمر أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول " nindex.php?page=hadith&LINKID=847062أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه في المجلس قبل أن يقوم مائة مرة " وله من رواية محمد بن سوقة عن نافع عن ابن عمر بلفظ إنا كنا لنعد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المجلس nindex.php?page=hadith&LINKID=847063رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور مائة مرة .
قوله ( nindex.php?page=hadith&LINKID=847064أكثر من سبعين مرة ) وقع في حديث أنس : " nindex.php?page=hadith&LINKID=847065إني لأستغفر الله في اليوم سبعين مرة فيحتمل أن يريد المبالغة ويحتمل أن يريد العدد بعينه . وقوله " أكثر " مبهم فيحتمل أن يفسر بحديث ابن عمر المذكور وأنه يبلغ المائة وقد وقع في طريق أخرى عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة من رواية معمر عن الزهري بلفظ " nindex.php?page=hadith&LINKID=847066إني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة " لكن خالف أصحاب الزهري في ذلك نعم أخرج nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي أيضا من رواية محمد بن عمرو عن أبي سلمة بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=847067إني لأستغفر الله وأتوب إليه كل يوم مائة مرة .
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي أيضا من طريق عطاء عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة " nindex.php?page=hadith&LINKID=847068أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع الناس فقال يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب إليه في اليوم مائة مرة وله في حديث الأغر المزني رفعه مثله وهو عنده وعند مسلم بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=815562إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله كل يوم مائة مرة قال عياض المراد بالغين فترات عن الذكر الذي شأنه أن يداوم عليه فإذا فتر عنه لأمر ما عد ذلك ذنبا فاستغفر عنه وقيل هو شيء يعتري القلب مما يقع من حديث النفس وقيل هو السكينة التي تغشى قلبه والاستغفار لإظهار العبودية لله والشكر لما أولاه وقيل هي حالة خشية وإعظام والاستغفار شكرها ومن ثم قال المحاسبي : خوف المتقربين خوف إجلال وإعظام وقال الشيخ شهاب الدين السهروردي : لا يعتقد أن الغين في حالة نقص بل هو كمال أو تتمة كمال ثم مثل ذلك بجفن العين حين يسبل ليدفع القذى عن العين [ ص: 105 ] مثلا فإنه يمنع العين من الرؤية فهو من هذه الحيثية نقص وفي الحقيقة هو كمال هذا محصل كلامه بعبارة طويلة ، قال فهكذا بصيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - متعرضة للأغيرة الثائرة من أنفاس الأغيار فدعت الحاجة إلى الستر على حدقة بصيرته صيانة لها ووقاية عن ذلك انتهى .
وقد استشكل nindex.php?page=treesubj&link=31009_21374وقوع الاستغفار من النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو معصوم والاستغفار يستدعي وقوع معصية وأجيب بعدة أجوبة منها ما تقدم في تفسير الغين ومنها قول nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي : هفوات الطباع البشرية لا يسلم منها أحد nindex.php?page=treesubj&link=21376_21383_21384والأنبياء وإن عصموا من الكبائر فلم يعصموا من الصغائر . كذا قال وهو مفرع على خلاف المختار والراجح عصمتهم من الصغائر أيضا ومنها قول ابن بطال : الأنبياء أشد الناس اجتهادا في العبادة لما أعطاهم الله - تعالى - من المعرفة فهم دائبون في شكره معترفون له بالتقصير ، انتهى ومحصل جوابه أنnindex.php?page=treesubj&link=31009الاستغفار من التقصير في أداء الحق الذي يجب لله - تعالى - ويحتمل أن يكون لاشتغاله بالأمور المباحة من أكل أو شرب أو جماع أو نوم أو راحة أو لمخاطبة الناس والنظر في مصالحهم ومحاربة عدوهم تارة ومداراته أخرى وتأليف المؤلفة وغير ذلك مما يحجبه عن الاشتغال بذكر الله والتضرع إليه ومشاهدته ومراقبته فيرى ذلك ذنبا بالنسبة إلى المقام العلي وهو الحضور في حظيرة القدس .
ومنها أن استغفاره تشريع لأمته أو من ذنوب الأمة فهو كالشفاعة لهم وقال nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي في " الإحياء كان - صلى الله عليه وسلم - دائم الترقي فإذا ارتقى إلى حال رأى ما قبلها دونها فاستغفر من الحالة السابقة وهذا مفرع على أن العدد المذكور في استغفاره كان مفرقا بحسب تعدد الأحوال وظاهر ألفاظ الحديث يخالف ذلك وقال الشيخ السهروردي : لما كان روح النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يزل في الترقي إلى مقامات القرب يستتبع القلب والقلب يستتبع النفس ولا ريب أن حركة الروح والقلب أسرع من نهضة النفس فكانت خطا النفس تقصر عن مداهما في العروج فاقتضت الحكمة إبطاء حركة القلب لئلا تنقطع علاقة النفس عنه فيبقى العباد محرومين فكان - صلى الله عليه وسلم - يفزع إلى الاستغفار لقصور النفس عن شأو ترقي القلب والله أعلم . [ ص: 106 ]