الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 443 ] قوله عز وجل : لقد كان لسبإ في مسكنهم الآية . وقد ذكرنا اختلاف الناس في سبإ على قولين :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أنه اسم أرض باليمن يقال لها مأرب ، قاله سفيان .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : اسم قبيلة . واختلف من قال بهذا هل هو اسم امرأة أو رجل على قولين :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أنه اسم امرأة نسبت القبيلة إليها لأنها أمهم .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنه رجل . روي أن فروة الغطيفي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سبأ ما هو؟ أبلد أم رجل أم امرأة؟ فقال : (بل رجل ولد عشرة ، فسكن اليمن منهم ستة والشام أربعة أما اليمانيون فمذحج وكنده والأزد والأشعريون وأنمار وحمير وأما الشاميون فلخم وخذام وغسان وعاملة .

                                                                                                                                                                                                                                        وذكر أهل النسب أنه سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان . قال السدي : بعث إلى سبأ ثلاثة عشر نبيا .

                                                                                                                                                                                                                                        وأما جنتان فقال سفيان وجد فيهما قصران مكتوب على أحدهما : نحن بنينا سالمين ، في سبعين خريفا دائبين ، وعلى الآخر : نحن بنينا صرواح ، مقيل ومراح ، وكانت إحدى الجنتين عن يمين الوادي والأخرى عن شماله . وفي الآية التي لسبأ في مساكنهم قولان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أنه لم يكن في قريتهم بعوضة قط ولا ذبابة ولا برغوث ولا حية ولا [ ص: 444 ] عقرب وإن الركب ليأتون في ثيابهم القمل والدواب فتموت تلك الدواب ، قاله عبد الرحمن بن زيد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أن الآية هي الجنتان كانت المرأة تمشي فيهما وعلى رأسها مكتل فيمتلئ وما مسته بيدها ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        كلوا من رزق ربكم يعني الذي رزقكم من جنتكم .

                                                                                                                                                                                                                                        واشكروا له يعني على ما رزقكم .

                                                                                                                                                                                                                                        بلدة طيبة قال مجاهد : هي صنعاء .

                                                                                                                                                                                                                                        ويحتمل ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : لأن أرضها وليست بسبخة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : لأنها ليس بها هوام .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية