الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ درس ] ( ووجب ) بعد قضاء الحاجة ( استبراء ) مصور ذلك ومفسر ( باستفراغ ) [ ص: 110 ] أي إفراغ وإخراج ( أخبثيه ) هما البول والغائط ( مع سلت ذكر ) ماسكا له من أصله بأصبعيه السبابة والإبهام مثلا يمرهما لرأس الكمرة ( ونتر ) بمثناة فوقية ساكنة أي جذبه ليخرج ما بقي فيه ( خفا ) أي السلت والنتر أي يندب أن يكون كل منهما خفيفا لا بقوة لأنه كالضرع كلما سلت بقوة أعطى النداوة ولأن قوة ذلك توجب استرخاء العروق ويضر بالمثانة أي مستقر البول إلى أن يغلب على الظن انقطاع المادة ثلاثا أو أقل أو أكثر وينبغي أن يخفف زمنهما أيضا ولا يتبع الأوهام ، فإنه يؤدي إلى تمكن الوسوسة من القلب وهي تضر بالدين والعياذ بالله تعالى

التالي السابق


( قوله : ووجب استبراء باستفراغ أخبثيه إلخ ) اعلم أن السين والتاء في كل منهما يحتمل [ ص: 110 ] أن يكونا للطلب وأن تكونا زائدتين ويحتمل أن تكونا للطلب في الأول وزائدتين في الثاني ، فإن كانتا للطلب فيهما أو زائدتين فيهما كانت الباء للتصوير ; لأن طلب البراءة هو طلب الإفراغ والإخراج للأخبثين وكذلك البراءة هي إخراج الأخبثين ولا يصح جعلها حينئذ للاستعانة ولا للسببية ; لأن المستعان به غير المستعان عليه والسبب غير المسبب ، وهنا البراءة وإخراج الأخبثين شيء واحد وكذا طلبهما .

وأما إن جعلنا السين والتاء في الاستبراء للطلب وفي الاستفراغ زائدتين كانت الباء للسببية أو للاستعانة أي ووجب طلب البراءة بتفريغ المحلين من الأخبثين وبعض الشراح جعل الباء في كلام المصنف للتصوير وبعضهم جعلها للسببية أو الاستعانة وكل صحيح نظرا لما قلنا ( قوله : : أي إفراغ وإخراج أخبثيه ) أي من مخرجيهما ، فلو توضأ والبول في قصبة الذكر أو الغائط في داخل فم الدبر كان الوضوء باطلا ; لأن شرط صحة الوضوء كما مر عدم حصول المنافي فالاستبراء مطلوب لأجل إزالة الحدث لا لأجل إزالة الخبث فلا يجري فيه الخلاف الذي في إزالة النجاسة كما قرر شيخنا ( قوله : مع سلت ذكر ) متعلق بوجب أي وجب ما ذكر مع سلت ذكره ونتره وفيه إشارة إلى وجوبهما وهذا في حق الرجل .

وأما في حق المرأة ، فإنها تضع يدها على عانتها ويقوم ذلك مقام السلت والنتر ، وأما الخنثى فيفعل ما يفعله الرجل والمرأة احتياطا وقوله مع سلت ذكر إلخ هذا خاص بالبول ، وأما الغائط فيكفي في تفريغ المحل منه الإحساس بأنه لم يبق شيء مما هو بصدد الخروج وليس عليه غسل ما بطن من المخرج بل يحرم لشبه ذلك باللواط ( قوله : مثلا ) أشار إلى أن السلت لا يتوقف على خصوص السبابة والإبهام نعم هما أولى ; لأنهما أعون على الإفراغ من غيرهما ( قوله : ثم يمرهما ) أي من أصل الذكر ( قوله : أي جذبه ) فيه أن الجذب هو السحب الذي هو السلت والأولى أن يقول أي تحريكه يمينا وشمالا أو فوق وتحت واعلم أن النتر عند أهل اللغة هو التحريك الخفيف وحينئذ فوصف المصنف له بالخفة كاشف ; لأنه لا يكون إلا كذلك لأخذ الخفة في مفهومه وليس وصفا مخصصا كما هو الشأن في الأوصاف ( قوله : لأنه ) أي الذكر كالضرع ( قوله : أعطى النداوة ) أي فيتسبب عدم التنظيف ( قوله : ولأن قوة ذلك ) أي السلت ( قوله : ويضر بالمثانة ) أي يصيرها مرخية سائبة لا تمسك على البول بل كلما حصل فيها شيء نزل منها ( قوله : إلى أن يغلب على الظن إلخ ) هذا غاية لقول المصنف مع سلت ذكر ونتر وعلم من هذا أن المدار على حصول الظن بانقطاع المادة فإذن لا يشترط التنشيف وأنه لو مكث مدة بحيث يغلب على الظن أنه لم يبق شيء يخرجه السلت كان ذلك كافيا ولو لم يسلت ( قوله : : ولا يتبع الأوهام ) أي فإذا غلب على ظنه انقطاع المادة من الذكر ترك ذلك السلت والنتر ولا يعمل على ما عنده من توهم بقاء شيء في الذكر من المادة وما شك في خروجه بعد الاستبراء كنقطة فمعفو عنها ، فإن فتش ورآها فحكم الحدث والخبث أي أنها تنقض الوضوء إن لم تلازم جل الزمان ويجب غسلها إن لم تعتره كل يوم .




الخدمات العلمية