الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء وقال أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري أخبرني حميد بن عبد الرحمن سمع nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية يحدث رهطا من قريش بالمدينة وذكر كعب الأحبار فقال إن كان من أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدثون عن أهل الكتاب وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب
6928 حدثني nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16553عثمان بن عمر أخبرنا علي بن المبارك عن nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير عن nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال nindex.php?page=hadith&LINKID=656814كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=treesubj&link=28965_28973لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم الآية
قوله : باب nindex.php?page=treesubj&link=22335_32682قول النبي صلى الله عليه وسلم لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء ) هذه الترجمة لفظ حديث أخرجه أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار من حديث جابر nindex.php?page=hadith&LINKID=848662أن عمر أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب ، فقرأه عليه فغضب وقال : لقد جئتكم بها بيضاء نقية ، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به ، والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني ورجاله موثقون إلا أن في مجالد ضعفا وأخرج البزار أيضا من طريق عبد الله بن ثابت الأنصاري nindex.php?page=hadith&LINKID=848663أن عمر نسخ صحيفة من التوراة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء وفي سنده جابر الجعفي وهو ضعيف ، واستعمله في الترجمة لورود ما يشهد بصحته من الحديث الصحيح ، وأخرج عبد الرزاق من طريق حريث بن ظهير قال " nindex.php?page=hadith&LINKID=848664قال عبد الله لا تسألوا أهل الكتاب فإنهم لن يهدوكم وقد أضلوا أنفسهم فتكذبوا بحق أو تصدقوا بباطل ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري من هذا الوجه بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=848665لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا أن تكذبوا بحق أو تصدقوا بباطل وسنده حسن ، قال ابن بطال عن المهلب : هذا النهي إنما هو في سؤالهم عما لا نص فيه ، لأن شرعنا مكتف بنفسه فإذا لم يوجد فيه نص ففي النظر والاستدلال غنى عن سؤالهم ، [ ص: 346 ] ولا يدخل في النهي سؤالهم عن الأخبار المصدقة لشرعنا والأخبار عن الأمم السالفة ، وأما قوله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=94فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك فالمراد به من آمن منهم ، والنهي إنما هو عن سؤال من لم يؤمن منهم ، ويحتمل أن يكون الأمر يختص بما يتعلق بالتوحيد والرسالة المحمدية وما أشبه ذلك والنهي عما سوى ذلك .
قوله : وقال أبو اليمان ) كذا عند الجميع ولم أره بصيغة حدثنا ، nindex.php?page=showalam&ids=11931وأبو اليمان من شيوخه فإما أن يكون أخذه عنه مذاكرة وإما أن يكون ترك التصريح بقوله حدثنا لكونه أثرا موقوفا ، ويحتمل أن يكون مما فاته سماعه ، ثم وجدت nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي أخرجه عن عبد الله بن العباس الطيالسي عن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري قال " حدثنا أبو اليمان " ومن هذا الوجه أخرجه أبو نعيم فذكره فظهر أنه مسموع له وترجح الاحتمال الثاني ، ثم وجدته في التاريخ الصغير nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري قال : حدثنا أبو اليمان .
قوله : حميد بن عبد الرحمن ) أي ابن عوف ، وقوله " سمع معاوية " أي أنه سمع معاوية وحذف أنه يقع كثيرا .
قوله : رهطا من قريش ) لم أقف على تعيينهم ، وقوله " بالمدينة " يعني لما حج في خلافته .
قوله : إن كان من أصدق ) إن مخففة من الثقيلة ، ووقع في رواية أخرى " لمن أصدق " بزيادة اللام المؤكدة .
قوله ( يحدثون عن أهل الكتاب ) أي القديم فيشمل التوراة والصحف ، وفي رواية الذهلي في الزهريات عن أبي اليمان بهذا السند " يتحدثون " بزيادة مثناة .
قوله : لنبلو ) بنون ثم موحدة أي نختبر ، وقوله " عليه الكذب " أي يقع بعض ما يخبرنا عنه بخلاف ما يخبرنا به ، قال ابن التين وهذا نحو قول ابن عباس في حق كعب المذكور بدل من قبله فوقع في الكذب ، قال والمراد بالمحدثين : أنداد كعب ممن كان من أهل الكتاب وأسلم فكان يحدث عنهم ، وكذا من نظر في كتبهم فحدث عما فيها ، قال : ولعلهم كانوا مثل كعب إلا أن كعبا كان أشد منهم بصيرة وأعرف بما يتوقاه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في " كتاب الثقات " أراد معاوية أنه يخطئ أحيانا فيما يخبر به ولم يرد أنه كان كذابا ، وقال غيره الضمير في قوله " لنبلو عليه " للكتاب لا لكعب ، وإنما يقع في كتابهم الكذب لكونهم بدلوه وحرفوه ، وقال عياض يصح عوده على الكتاب ويصح عوده على كعب وعلى حديثه ، وإن لم يقصد الكذب ويتعمده إذ لا يشترط في مسمى الكذب التعمد بل هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه ، وليس فيه تجريح لكعب بالكذب ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي المعنى أن بعض الذي يخبر به كعب عن أهل الكتاب يكون كذبا لا أنه يتعمد الكذب وإلا فقد كان كعب من أخيار الأحبار ، وهو كعب بن ماتع بكسر المثناة بعدها مهملة ابن عمرو بن قيس من آل ذي رعين ، وقيل ذي الكلاع الحميري ، وقيل غير ذلك في اسم جده ونسبه يكنى أبا إسحاق ، كان في حياة النبي صلى الله عليه وسلم رجلا وكان يهوديا عالما بكتبهم حتى كان يقال له كعب الحبر كعب الأحبار ، وكان إسلامه في عهد عمر ، وقيل في خلافة أبي بكر ، وقيل إنه أسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وتأخرت هجرته ، والأول أشهر ، والثاني قاله أبو مسهر عن سعيد بن عبد العزيز ، وأسنده ابن منده من طريق nindex.php?page=showalam&ids=11811أبي إدريس الخولاني وسكن المدينة وغزا الروم في خلافة عمر ، ثم تحول في خلافة عثمان إلى الشام فسكنها إلى أن مات بحمص في خلافة عثمان سنة اثنتين أو ثلاث أو أربع وثلاثين والأول أكثر ، قال ابن سعد ذكروه nindex.php?page=showalam&ids=4لأبي الدرداء فقال : إن عند ابن الحميرية لعلما كثيرا ، وأخرج ابن سعد من طريق عبد الرحمن بن جبير بن نفير قال : قال [ ص: 347 ] معاوية إلا إن كعب الأحبار أحد العلماء ، إن كان عنده لعلم كالبحار وإن كنا فيه لمفرطين ، وفي تاريخ محمد بن عثمان بن أبي شيبة من طريق ابن أبي ذئب أن عبد الله بن الزبير قال : ما أصبت في سلطاني شيئا إلا قد أخبرني به كعب قبل أن يقع ، ثم ذكر فيه حديثين .
قوله : كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية ) تقدم بهذا السند والمتن في تفسير سورة البقرة ، وعلى هذا فالمراد بأهل الكتاب اليهود لكن الحكم عام فيتناول النصارى .
الحديث الأول : حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قوله : nindex.php?page=treesubj&link=32682لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم ) هذا لا يعارض حديث الترجمة فإنه نهى عن السؤال وهذا نهى عن التصديق والتكذيب ، فيحمل الثاني على ما إذا بدأهم أهل الكتاب بالخبر ، وقد تقدم توجيه النهي عن التصديق والتكذيب في تفسير سورة البقرة .