الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                [ ص: 297 ] 12 - باب

                                إذا جامع ثم عاود ، ومن دار على نسائه

                                في غسل واحد

                                خرج فيه حديثين :

                                أحدهما :

                                264 267 - من رواية : شعبة ، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر ، عن أبيه قال : ذكرته لعائشة ، فقالت : يرحم الله أبا عبد الرحمن ! كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيطوف على نسائه ، ثم يصبح محرما ، ينضخ طيبا .

                                التالي السابق


                                الذي ذكر لعائشة هو أن ابن عمر كره الطيب عند الإحرام ، فردت مقالته بهذه الرواية .

                                قال الإسماعيلي في ( صحيحه ) : قول عائشة : ( يطوف على نسائه ) - ينظر ; هل أرادت به الجماع ؟ أو تجديد العهد بهن للخروج ؟ وذلك أنه لو كان معنى الطواف عليهن للوقاع لاحتاج إلى الغسل ، ولا يكاد الطيب يبقى بعد إنقاء الغسل ، لا سيما وهي تقول : ( ينضخ طيبا ) ، بالحاء أو الخاء ، وهو بالخاء معجمة أشبه ; لأنه أخف من النضح ، كأنه يتساقط منه الشيء بعد الشيء من الطيب . انتهى ما ذكره .

                                وما ذكره من احتمال طوافه عليهن للتوديع فبعيد جدا ، أو غير صحيح ; فإن عائشة إنما أخبرت عن حجة الوداع ، وقد جاء مصرحا عنها في رواية خرجها مسلم أنها طيبته في حجة الوداع ، وحجة الوداع كان أزواجه كلهن معه [ ص: 298 ] فيها ، فلم يكن يحتاج إلى وداعهن .

                                ووجه استدلال البخاري بالحديث على أن تكرار الجماع بغسل واحد أن النبي صلى الله عليه وسلم لو اغتسل من كل واحدة من نسائه لكان قد اغتسل تسع مرات ، فيبعد حينئذ أن يبقى للطيب أثر . فلما أخبرت أنه أصبح ينضخ طيبا استدل بذلك على أنه اكتفى بغسل واحد .

                                واستبعاد الإسماعيلي بقاء أثر الطيب بعد الغسل الواحد ليس بشيء ; فقد أخبرت عائشة أنها نظرت إلى الطيب في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم بعد ثلاث .

                                وفي رواية عنها : في رأسه ولحيته .

                                وقد كان صلى الله عليه وسلم يتوضأ في هذه المدة ، بل كانت عادته الوضوء لكل صلاة ، ومع هذا فلم يذهب أثره من شعره ، وهذا يدل على أنه كان طيبا كثيرا له جرم يبقى مدة .



                                الخدمات العلمية