الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار إن الله يفعل ما يريد من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ

                                                                                                                                                                                                هذا كلام قد دخله اختصار ، والمعنى : إن الله ناصر رسوله في الدنيا والآخرة ، فمن كان يظن من حاسديه وأعاديه أن الله يفعل خلاف ذلك ويطمع فيه ، ويغيظه أنه يظفر بمطلوبه ، فليستقص وسعه وليستفرغ مجهوده في إزالة ما يغيظه ، بأن يفعل ما يفعل من بلغ [ ص: 181 ] منه الغيظ كل مبلغ حتى مد حبلا إلى سماء بيته فاختنق ، فلينظر وليصور في نفسه أنه إن فعل ذلك هل يذهب نصر الله الذي يغيظه ؟ وسمي الاختناق قطعا ؛ لأن المختنق يقطع نفسه بحبس مجاريه ، ومنه قيل للبهر : القطع ، وسمي فعله كيدا ؛ لأنه وضعه موضع الكيد ؛ حيث لم يقدر على غيره ، أو على سبيل الاستهزاء ؛ لأنه لم يكد به محسوده إنما كاد به نفسه ، والمراد : ليس في يده إلا ما ليس بمذهب لما يغيظه ، وقيل : فليمدد بحبل إلى السماء المظلة ، وليصعد عليه فليقطع الوحي أو ينزل عليه ، وقيل : كان قوم من المسلمين لشدة غيظهم وحنقهم على المشركين يستبطؤون ما وعد الله رسوله من النصر ، وآخرون من المشركين يريدون اتباعه ويخشون أن لا يثبت أمره ؛ فنزلت ، وقد فسر النصر : بالرزق ، وقيل : معناه : أن الأرزاق بيد الله ، لا تنال إلا بمشيئته ولا بد للعبد من الرضا بقسمته ، فمن ظن أن الله غير رازقه وليس به صبر واستسلام ، فليبلغ غاية الجزع وهو الاختناق ؛ فإن ذلك لا يقلب القسمة ولا يرده مرزوقا .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية