الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          [ ص: 782 ] 146 - فصل في الكافر يكون وليا لوليته الكافرة دون المسلمة .

                          قال تعالى : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) ، وقال : ( والذين كفروا بعضهم أولياء بعض ) .

                          قال حنبل : سمعت أبا عبد الله يقول : " لا يزوج النصراني ، ولا اليهودي ، ولا يكون النصراني واليهودي وليا " .

                          قال : وسمعت أبا عبد الله قال : " لا يعقد نصراني ، ولا يهودي عقدة نكاح لمسلم ، ولا مسلمة ، ولا يكونان وليين ، ولا يكون إلا مسلما " .

                          وقال في رواية الميموني ، وقد سأله رجل عن النصراني يكون وليا إذا كانت ابنته مسلمة ؟ قال : السلطان أولى .

                          [ ص: 783 ] وقال مهنا : سألت أبا عبد الله عن نصراني ، أو يهودي أسلمت ابنته أيزوجها أبوها ، وهو نصراني ، أو يهودي ؟ قال : لا يزوجها إذا كان نصرانيا ، أو يهوديا ، فقلت له : فإن زوجها ؟ قال : لا يجوز النكاح ، يعني يرد النكاح .

                          قلت : فعل ، وأذنت الابنة ؟ قال : يعيد النكاح .

                          قلت : يسافر معها ؟ قال : لا يسافر معها ، ثم قال لي أحمد بن حنبل : ليس هو بمحرم !

                          قال الخلال : وقال في موضع آخر : قلت لا يسافر معها ؟ قال : نعم .

                          قال أبو بكر : وهو الصواب وبينها مهنا مرة في قوله : لا ، قلت : فكيف يسافر معها ، ويقول : يعيد النكاح إذا أنكحها بأمرها ؟ قال : نعم ، هو يعيد نكاحها إذا أنكحها . قلت : فإن كانت مسلمة وأبوها نصراني وهي محتاجة يجبر أبوها على النفقة عليها ؟ قال : لم أسمع في هذا شيئا .

                          قلت له : فإن قوما يقولون : لا يجبر على النفقة عليها ، فكيف تقول أنت ؟ قال : يعجبني أن ينفق عليها ، فقلت له : يجبر ؟ فقال : يعجبني ، ولم يقل : يجبر .

                          وقد تضمن هذا النص ثلاثة أمور :

                          أحدها : أن الكافر لا يصح أن يزوج وليته المسلمة .

                          [ ص: 784 ] والثاني : أنه يكون محرما .

                          والثالث : أنه لا يجبر على النفقة مع اختلاف الدين ، وسنذكر الكلام في هاتين المسألتين عن قرب ، إن شاء الله تعالى .

                          قال حنبل : حدثنا شريح بن النعمان ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن جعفر بن أبي وحشية أن هانئ بن قبيصة زوج ابنته من عروة البارقي على أربعين ألفا ، وهو نصراني ، فأتاها القعقاع بن سور ، فقال : إن أباك زوجك وهو نصراني لا يجوز نكاحه ، زوجيني نفسك ، فتزوجها على ثمانين ألفا ، فأتى عروة علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فقال : إن القعقاع تزوج بامرأتي ، فقال : لئن كنت تزوجت امرأته لأرجمنك .

                          فقال : يا أمير المؤمنين ، إن أباها زوجها ، وهو نصراني لا يجوز نكاحه .

                          قال : فمن زوجك ؟ قال : هي زوجتني نفسها ، فأجاز نكاحها ، وأبطل نكاح الأب ، وقال لعروة : خذ صداقك من أبيها .

                          قال حنبل : قال أبو عبد الله : إنما جعل الأمر إليها لأن الأب نصراني لا يجوز حكمه فيها ، فرد الأمر إليها ، ولا بد أن يجدد هذا النكاح الأخير إذا رضيت ، وإنما صير لها الأمر بالرضا ، ولا يجوز أن تزوج نفسها إلا بولي .

                          وعلي حينئذ السلطان ، فأجاز ذلك وليها ، وقال : خذ مهرك من أبيها ؛ لأنه لم يكن دخل بها ، ولو كان دخل بها لكان المهر لها والعدة عليها .

                          [ ص: 785 ] وقال حرب : قلت لأحمد : امرأة أبوها نصراني وأخوها مسلم ، من يزوجها قال : الأخ .

                          قلت : فهل للمشركين من الولاية شيء ؟ قال : لا .

                          وقال صالح : قال أبي في امرأة لها أب ذمي ولها أخ مسلم ، قال : لا يكون الذمي وليا .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية