الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع :

                                                                                                                في الكتاب : إذا جنى المأذون وعليه دين من تجارة ، فأسره العدو ، فابتاعه رجل منهم ، فلم يفده سيده بالثمن ، فليس لأهل الجناية أخذه إلا بدفع الثمن للمبتاع ، ولو أسلمه سيده أولا بالجناية ; لم يكن لمن صار له أخذه إلا بدفع الثمن ، وأما الدين فباق في ذمته ، وإنما سقط عن العبد وعمن يصير له ما كان قبل أن يؤسر في رقبته . في النكت على مذهب ابن القاسم : إذا بيع في المغنم ، ووجده سيده بيد المشتري ، يفتكه إن أحب بالثمن ، والجناية فيها ، أو يسلمه ; بخلاف قول سحنون : إنما يقبله بالأرش بين الجناية أو الثمن ، للزوم الجناية له قبل الأسر ، فإن صار في سهم رجل من المغنم ، ثم جنى ، ثم قام ولي الجناية ، وأتى [ ص: 215 ] السيد ، خير السيد الأول بين افتكاكه وإسلامه ; فإن افتكه بالذي صار في السهم ، ثم أخذ منه المجني عليه عقل جنايته ، وإن فضل ذلك للذي صار في سهمه ; فإن كان الأرش أكثر مما صار له في السهم ، افتكه بالأرش ، وكان ذلك للمجني عليه ; فإن أبى السيد الأول أن يفتكه بذلك خير الذي صار في سهمه في إسلامه للمجروح ، أو يفتكه بالعقل ; فإن جنى ثم غنم جنى بدئ الآخر . قال التونسي : لم يذكر في الكتاب : أن المشتري دفع الجناية لأهل الجناية ، ويقدم عليهم ; كمن جنى عبده فباعه ولم يعلم بالجناية لأهل الجناية ، وأسلمه لأهل الجناية ; أن للمشتري دفع الأرش للمجني عليه ، ويرجع البائع بالأقل ، وقد يكون المشتري هاهنا يخالف المشتري من المالك الذي جنى عبده ; لأنه هناك أخذه من أهل الجناية ، فرجع على البائع منه بالأقل ، وهاهنا إذا فداه من أهل الجناية لم يرجع على أحد فحل أهل الجناية محل صاحبه الذي كان له ، وقد يقال : يد المشتري هاهنا أقوى ما لم يكن له الرجوع على أحد ; فصارت شبهة بالشراء ، وقد قال غير ابن القاسم : إن أهل الجناية يقدمون على المشتري ; لأن البائع لما لم يفده صار ملكا لهم ، لا سيما على القول : إن أهل الجناية ملكوه ; لقوله عليه السلام : ( العبد فيما جنى ) ، وقد أسنده كالشراء .

                                                                                                                فرع :

                                                                                                                في الكتاب : إن جنى فلم يحكم فيه حتى جنى جنايات : فإما فداه بدياتهم أجمع ، أو أسلمه إليهم فيتحاصصوا فيه بقدر جناية كل واحد ، ولو فداه ثم جنى ; فداه ثانية أو أسلمه للحديث ، قال اللخمي : على القول إنه بالجناية الأولى ملك للمجني عليه حتى يفتدي منه ، يخير الأول إذا أسلم إليه بين أن يسلمه أو يفديه من [ ص: 216 ] الثاني ; فإن جنى ، ثم جني عليه ، قال ابن القاسم : يخير سيده بين فدائه أو يسلمه وما أخذ في جنايته ، وقبل نقص الجناية على العبد والجناية عليه ، ويخير سيده في فدائه بحصة العبد ، أو يسلمه ، ويكون عليه الأقل بما أخذ في الجناية ، أو قيمة ما ذهب منه ، ويكون الفضل ; فإن جنى ، ثم جني عليه ، ثم جنى : قال ابن القاسم : إن أسلمه ; أسلم معه دية جرحه ; فكان ذلك للمجروح الأول وحده ، ويقتسمان العبد بينهما على قدر الجنايتين ، ولا يحسب على الأول مما أخذ شيء ، ثم رجع فقال : يتحاصان في العبد ودية الجرح ، وقال أشهب : إن أسلمه فهو بينهما ، وللأول نصف دية الجرح التي كانت وجبت للعبد ، وللسيد نصفها ; لأنه جرح الأول صحيحا ; فله نصفه صحيحا ، وجرح الثاني مقطوع اليد ; فله نصفه كذلك ، وقال عبد الملك : دية الجرح الأول الجرح الأول ينسب للعبد ; فإن كان ثلثه فقد أخذ المجروح ثلث حقه ، ويضرب العبد في الثلثين ، ويضرب الثاني بجرحه كله ، قال محمد : القياس أن يكون للسيد في قيمة جرحه بالخيار ; لأن العضو الذاهب كان عليه قبل ذلك بعض الجناية ، وقد أخذ العوض عنه ; فيجعل عليه ما ينوبه ويحط عن الثاني .

                                                                                                                فرع :

                                                                                                                في الكتاب : إن أعتق نصف عبده فجنى قبل القضاء لتكميله لم يكن كالحر ; إذ لو مات السيد ، أو لحقه دين قبل الحكم رق باقيه ، بل يلزم السيد الأقل من نصف قيمته أو نصف الأرش ، ويكمل عتقه ; لأنه لو أسلمه يقوم عليه ، ويكون نصف الأرش في ذمة العبد بكل حال ، فإن مات السيد قبل القيام فنصف الأرش في ذمة العبد ، ويخير الورثة في إسلام النصف الرقيق ، أو يفدونه ويكون لهم رقا ، فإن أعتق المليء شقصا من عبد مشترك فجنى قبل التقويم ; خير المتمسك في فداء [ ص: 217 ] شقصه وتقويمه على المعتق ، أو يسلمه ; فيقومه المسلم إليه على المعتق بقيمته يوم الحكم معيبا ; لأنه كذلك ملكه ، ويتبع العبد لا العاقلة بنصف الجناية ، وإن جاوز ثلث الدية ; لأنها لا تحمل عن عبد ، فإن وهب المتمسك حصته منه لرجل بعد العتق فالتقويم للموهوب ، بخلاف البيع ; لأن البائع باع بمعلوم على أن يأخذ قيمة مجهولة ، وهو غرر ، ولا غرر في الهبة ، وإن جنى المعتق بعضه أو جني عليه : فلسيده أو عليه بقدر ملكه منه ، وللعبد أو عليه بقدر المعتق منه ، وتبقى حصة العبد فيما يأخذ من أرش بيده كما له ، وكان ملكه يقول : يأخذ من له رق فيه الأرش كله كأرشه ، قال اللخمي : يختلف في صفة التقويم إذا لم يقوم حتى جنى ; فإن افتداه قوم قيمة واحدة ، ويقال : كم قيمة جميعه قبل العتق ; لأنه له أن يدعوه إلى بيع جميعه ; فيأخذ نصف تلك القيمة إن كانت مائة : خمسين . فإن أسلمه زيد تقويم نصفه يوم العتق على أن نصفه عتيق ، فإن قيل ثلاثون ; فله عشرون ، وهي فضل ما بين نصف قيمته قبل العتق وبعده ، وللمجني عليه قيمة نصفه الباقي يوم يقوم على أن نصفه عتيق ، وعلى القول إنه حر بالسراية للشريك نصف القيمة يوم العتق ، وللمجني عليه قيمة جميع المجني به على العبد ، فإن كان العتق مفسدا ; بقي النصف رقيقا ، وقسمت الجناية على العتق والرقيق ، ويخير المتمسك بالرق بين فدائه أو إسلامه ، قال ابن القاسم : ولا شيء للسيد في ماله إن افتداه ، ولا للمجني عليه إن أسلم إليه ، ويؤخذ ماله كله عن العتق ، إلا أن يكون فيه فضل ; فإن قصر ماله عما ينوبه ، أخذ من كسبه ما يفضل من عيشه وكسوته ، والأحسن أن لا يؤخذ من المال إلا نصفه ; لأنه الذي ينوب العبد ، ويأخذ الشريك النصف ; لأنه إذا دفع النصف في الجناية كان ذلك مقاسمة ، فأخذ الشريك نصفه ، وكذلك كسبه في المستقبل الفاضل عن عيشه ، وإذا جني عليه فثلاثة أقوال : نصفها للسيد ، ونصفها للعبد ، وجميعها للمتمسك بالرق كقيمته [ ص: 218 ] إذا قتل ، وجميعها للعبد كما له ، وإن عتق وهو موسر ، وباع المتمسك ، والمشتري عالم بالعتق ، فالحكم : التقويم ، ومتى علم بالتقويم واليسار ; فسخ البيع لفساده ، فإن فات بحوالة سوق فما فوقها فالقيمة فيه على أن نصفه عتيق ، وأنه يقوم ، وإن جهل التقويم صح البيع ، وهي مسألة عيب فلا تفيته حوالة سوق ، وتفيته العيوب فما فوق ، وإن أحب التمسك مع القيام أن يكون هو المقوم على المعتق ; فذلك له على أحد القولين ، وعلى القول بأنه مالك الرد كالمبتدي شراء يفسخ ، ويمنع التمسك ، وإن علم بالعتق ولم يعلم يسر المعتق ; حط عنه عيب التقويم ، ولزمه التقويم على المعتق ; فإن لم يقم حتى أعسر المعتق سقط قيامه إن كان عالما بالعتق ، ولم يعلم يسره ، وإن لم يكن علم بالعتق وأعسر المعتق فمقاله لعيب العتق يرد مع القيام ، وإن فات رجع بقيمة العبد ، أو مات العبد رجع بعيب العتق .

                                                                                                                فرع :

                                                                                                                في الكتاب : إن قال : عبدي حر بعد موتي بشهر ، فلم يحمله الثلث خير الورثة بين الإجازة أو عتق ثلثه بتلا ، فإن أجاز واحد منهم تمام الشهر وعتق ، فإن أسلمها خدم العبد في الجناية تمام الشهر وعتق ، وأتبع بقيمة الأرش في ذمته ; لتأخر الجناية عن سبب الحرية ، وإن افتكه الوارث خدمهم بقية الشهر ، ثم عتق ولم يتبع بشيء ; لأن ما يفتدي صار كالرقيق ، وإن لم [ ص: 219 ] يجز الوارث الوصية ; عتق من العبد محمل الثلث ، ثم إن جنى اتبع بما ينوب ما عتق منه ، ويخير الوارث في إسلام ما رق منه وفدائه ; فإن جنى ، قيل : يخير الوارث في ضيق الثلث خير بين فدائه ، ويخدمه إلى أجل ويعتق ، ولا يتبع بشيء ; فيكون قد أجاز الوصية ، وإن أبى ; عتق منه بتلا ما حمل الثلث ، وأتبع من الأرش بحصة ذلك ، وخير في فداء ما رق منه وإسلامه ، وإن جنى موصى بعتقه قبل موت السيد فللسيد فداؤه وإسلامه ; فإن فداه بقي على الوصية ، أو أسلمه بطلت ; فإن لم يفد المجني عليه حتى مات السيد ، فالعبد رهن بالجناية ; فإن أسلمه الورثة رق للمجني عليه ، أو افتدوه عتق في الثلث ; فإن بتل عتق في مرضه فجنى وله مال مأمون ; كالعقار يوم العتق فهو : كالحر في الجناية عليه ومنه ، ويقتص منه في العمد ، ويتبع العاقلة في الخطأ ; فإن كان المال كثيرا غير مأمون وقف لموته ، وكان كالمدبر ; إن حمله الثلث اتبع بالجناية أو بحصة ما حمل منه ، وخير الوارث فارق ، وكذلك إن أوصى بعتقه فجنى بعد موت السيد وقبل أن يقوم في الثلث ; فإن حمل الثلث عتق وأتبع دينا كالمدبر ; لأنه يشبهه ، وهو كالعبد ما لم يقوم في الثلث ، وإن كان الثلث يحمله ، إلا أن تكون أموال السيد مأمونة ; فهو في جنايته ، والجناية عليه كالحر ، وإن قتل في المرض ولا مال له ، أو مال غير مأمون ; فجنى العبد جناية ، ولم ينظر فيها حتى أفاد السيد في مرضه مالا مأمونا ; بتل عتق العبد وأتبع بالجناية في الذمة ، ولا تحملها العاقلة ; لأنه يوم جنى كان ممن لا تحمل العاقلة جنايته ; لأنها لا تحمل إلا إذا حمل معهم ، فإن جنى في مرض السيد ، أو قتل فعقله عقل عبد ; لأنه لا تتم حرمته حتى تكون أموال السيد مأمونة ، وإن بتله في المرض ; فجنى جناية ، ثم مات السيد ولا مال له غيره ; عتق ثلثه وأتبع بثلث الأرش ، وخير الورثة في فداء ما رق منه وإسلامه ، وهذا والمدبر [ ص: 220 ] سواء ، وإن صح السيد ; عتق العبد وأتبع بالجناية ، وإذا وقف المبتل لم يقل لسيده : أسلمه أو أفده كما يجني في المدبر ; لأن هذا لا خدمة فيه ولا رق ، وفي المدبر الخدمة ، وعلى هذا ثبت بعد أن قال غيره ، وإذا وقف المبتل في المرض وقف ماله معه ; فإن جنى لم يسلم ما له في جنايته ; لأنه قد يعتق بعضه إذا مات سيده ولا مال له غيره ، وليس للوارث إن افتك ما رق منه أخذ ماله أو أسلمه ، فلا يأخذ المجني عليه منه شيئا ، ويقف المال معه ; لأن من دخله حرية وقف ماله ، وإن قال : أعتقوا عبدي فلانا بعد موتي ; فجنى بعد موته قبل العتق ، فهو كالمدبر ; يجني بعد موت سيده إن حمله الثلث عتق ، وكانت الجناية في ذمته ، وإلا خير الوارث في إسلام ما نابه فيه في باقي الجناية ، أو يفديه بأرش ما بقي ، وإن أوصى أن يشترى عبد بعينه فيعتق ، فاشتري فجنى قبل العتق فهو كالموصى بعتقه يجني بعد موت سيده ، فيعتق ، ويتبع بالجناية في ذمته ، بخلاف غير المعين ; لأن لهم إذا اشتروه أن لا يفتدوه ويبدلوه بغيره إن كان أفضل للمبيع .

                                                                                                                في التنبيهات : في الموازية في المبتل في المرض : أنه يخدمه المجني عليه في أرش الجناية إذا أداها قبل موت سيده رجع إليه ووقف موته ، وإن لم يتم الأرش حتى مات سيده عتق في ثلثه ; فما عتق كان عليه مما بقي من أرش الجناية لربه ، وخير الوارث فيما رق منه ، وقيل : ينظر إلى قيمة الرقبة والجناية ( إن عين فيها الجناية ) إن عتق ; لأنه أحق من الدين ، فلا معنى لتوقيف عتقه ، ولا حق فيه بعد الجناية لغريم ولا وارث . في النكت : قال محمد في الموصى بعتقه : لا يقوم في الجناية إلا بعد موت السيد فيفتكه الورثة . قال : تسقط قيمة العبد من مال الميت في قول ابن القاسم ، ثم يكون ما بعد هو ماله ; فإن كانوا فدوه بالثلث فأدى عتق كله ، أو [ ص: 221 ] أكثر عتق منه قدر ثلث مال الميت بعد إسقاط العدد من مال الميت . قال التونسي : اختلف في الموصى بعتقه أيجعل في الثلث ؟ فعلى ما في المدونة : الأشبه أن ما دفعوه في فدائه يذهب من رأس المال كجائحة أتت عليه ، وتضاف قيمته إلى ما بقي من مال الميت ; فإن خرج من الثلث عتق وإلا ما حمل الثلث ، والمدفوع في الجناية كالتالف من المال ، وفي الموازية : يجعل ما فدوه كأنهم اشتروه من المجني عليه ، فلا تضاف قيمته إلى ما بقي من المال ; لأن أهل الجناية ملكوا الجاني ، فأشبه الموصي بأن يشترى فلان فيعتق ، لا ينظر إلى قيمته بل الثمن ; فإن خرج من الثلث يرد لك ، والموصى بعتقه بعد شهر ; إذا لم يحمله الثلث . ففي الموازية : للورثة إجازة العتق إلى شهر ، ويحملون الجناية ، ثم يخيرون في إسلام الخدمة أو افتدائه بالجناية ، وكان لهم أن يفعلوا بعد الجناية ما كان لهم أن يفعلوه قبلها من الإجازة ، والمبتل في المرض إذا وقف لينظر أمره ; فالصواب أن الورثة لا يخيرون في إسلام خدمته ; لأن الميت أراد تعجيل عتقه ، وإنما وقف من جهة الأحكام ; فيجب إيقاف خراجه معه ; فإن خرج من الثلث بقي خراجه معه . وقيل : يخيرون في إسلام خدمته [ . . . . ] ; لأن السيد لما كان غير قادر على تعجيل عتقه ; فالخدمة باقية على ملكه ، فأشبه المعتق إلى أجل .

                                                                                                                قال ابن يونس : قوله في المبتل في المرض : إن وقف لا يسلم ماله في جناية ; لأنه قد يعتق بعضه بعد موت السيد ، ولا مال له غيره ، يلزمه أن المدبر لا يسلم ماله في جنايته ; لأنه قد يعتق بعضه ، بل العلة أن المبتل في المرض يتبعه ماله إذا لم يشترطه السيد ، فالسيد لا يملك خدمته ، ولا مال له فلا يسلم منه ما لا يملكه كما لا يسلم رقبته ، وله في المدبر الخدمة وانتزاع المال ، قال اللخمي : الموصى [ ص: 222 ] بعتقه إذا لم يفد ولم يسلم حتى مات السيد ; خير الورثة عند ابن القاسم ، فإن افتدوه عتق من الثلث ، وقال أشهب : يكون رقيقا ; لأن الجناية ملكته ، والفداء كالشراء ، وإن قال : إن مت فهو حر ، والمال مأمون ، والجناية خطأ ، تبلغ الثلث ; حملتها العاقلة . وإن لم يخلف متموله خير الورثة ( فإن لم يجيزا يعتق ثلثه وتفض الجناية ، فما ناب العتيق اتبع به أو الرقيق خير الورثة ) في افتدائه ، واختلف إن أجازوا ; فقيل : ليس لهم ذلك إلا أن يحملوا ثلثي الجناية ، وقال أشهب : يخيروا والجناية في ذمة العبد ; لأن العتق من الميت . والأول أحسن ; لأن الثلثين ملك لهم ، فإذا أجازوا كان العتق منهم ، وإن قال : هو حر بعد موتي بشهر ، ولم يحمله الثلث ، فقال ابن القاسم : يخير الورثة بين إعطاء الأرش كله ، ولهم خدمة العبد أو يعتق ثلثه ويخيروا في افتداء الثلثين ، وقال محمد : إن شاءوا أنفذوا الوصية والخدمة للمجني عليه إلى تمام الشهر ، فيعتق ويتبع بما بقي إلا أن يشاءوا أن يفدوا تلك الخدمة بالجناية على أن لا يتبع العبد ، أو لا ينفذوا الوصية ويعتقوا ثلثه ، وتفض الجناية . قال : وأرى أن يخيروا في عتق ثلثه وفض الجناية ، أو يفده بجميع الجناية ويكونون على رأيهم في عتق جميعه إلى أجل وتكون لهم الخدمة ، ولا يجيزوا الورثة ويعتقون ثلثه بتلا ، وإذا بتل في مرضه ، ولا مال له غيره ، وللعبد مال ; فإن أسلموه لم يكن لأهل الجناية منه شيء ، ووقف معه . وعنه في كتاب الديات : للعبد دفع ماله عن النصيب المعتق منه مال ، وأرى أن يدفع ثلث ما في يديه عن المعتق منه ; لأنه القدر الذي يستحق من ذلك المال ، وينزعه الورثة إن افتدوه أو المجني عليه الثلثان ; لأن ما دفعه العبد عن نفسه كالقسامة ، وإن قال : اشتروا عبدا فأعتقوه هو بخلاف التعيين ، ولأن لهم إبداله ; يريد أن من حق المجني عليه أن لا ينفذ عتقه ، ويقال له : تتبع ذمته وهذا يحسن إذا [ ص: 223 ] اشتروه من التركة أو للميت وفي الثلث فضلة . أما إن اشتري للميت وهو قدر الثلث ; فإن لهم عتقه ، ويتبع المجني عليه ذمته .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية