الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير

                                                                                                                                                                                                روي أن رجلا من محارب وهو الحرث بن عمرو بن حارثة أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أخبرني عن الساعة متى قيامها، وإني قد ألقيت حياتي في الأرض وقد أبطأت عنا السماء، فمتى تمطر؟ وأخبرني عن امرأتي فقد اشتملت ما في بطنها، أذكر أم أنثى؟ وإني علمت ما علمت أمس، فما أعمل غدا؟ وهذا مولدي قد عرفته، فأين أموت؟ فنزلت. وعن النبي صلى الله عليه وسلم: "مفاتح الغيب خمس". وتلا هذه الآية. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما-: من ادعى علم هذه الخمسة فقد كذب، إياكم والكهانة فإن الكهانة تدعو إلى الشرك والشرك وأهله في النار. وعن المنصور أنه أهمه معرفة مدة عمره، فرأى في منامه كأن خيالا أخرج يده من البحر وأشار إليه بالأصابع الخمس، فاستفتى [ ص: 26 ] العلماء في ذلك ، فتأولوها بخمس سنين ، وبخمسة أشهر ، وبغير ذلك ، حتى قال أبو حنيفة رحمه الله : تأويلها أن مفاتح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله ، وأن ما طلبت معرفته لا سبيل لك إليه عنده علم الساعة أيان مرساها وينزل الغيث في إبانه من غير تقديم ولا تأخير ، وفى بلد لا يتجاوزه به ويعلم ما في الأرحام أذكر أم أنثى ، أتام أم ناقص ، وكذلك ما سوى ذلك من الأحوال وما تدري نفس برة أو فاجرة ماذا تكسب غدا من خير أو شر ، وربما كانت عازمة على خير فعملت شرا ، وعازمة على شر فعملت خيرا وما تدري نفس أين تموت ، وربما أقامت بأرض وضربت أوتادها ، وقالت : لا أبرحها وأقبر فيها . فترمي بها مرامي القدر حتى تموت في مكان لم يخطر ببالها ، ولا حدثتها به ظنونها . وروي أن ملك الموت مر على سليمان فجعل ينظر إلى رجل من جلسائه يديم النظر إليه ، فقال الرجل : من هذا ؟ قال : ملك الموت ، فقال : كأنه يريدني . وسأل سليمان أن يحمله على الريح ويلقيه ببلاد الهند ، ففعل . ثم قال ملك الموت لسليمان كان دوام نظري إليه تعجبا منه ; لأني أمرت أن أقبض روحه بالهند وهو عندك . وجعل العلم لله والدراية للعبد . لما في الدراية من معنى الختل والحيلة . والمعنى : أنها لا تعرف -وإن أعملت حيلها - ما يلصق بها ويختص ولا يتخطاها ، ولا شيء أخص بالإنسان من كسبه وعاقبته ، فإذا لم يكن له طريق إلى معرفتهما ، كان من معرفة ما عداهما أبعد . وقرئ : (بأية أرض ) . وشبه سيبويه تأنيث "أي " بتأنيث ، كل في قولهم : كلتهن .

                                                                                                                                                                                                عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : "من قرأ سورة لقمان كان له لقمان رفيقا يوم القيامة وأعطي من الحسنات عشرا عشرا بعدد من عمل بالمعروف ونهى عن المنكر" .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية