الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب كان يكره أن تقتل الإنسية بما يقتل به الصيد من الرمي وأشباهه قال مالك ولا أرى بأسا بما أصاب المعراض إذا خسق وبلغ المقاتل أن يؤكل قال الله تبارك وتعالى يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم قال فكل شيء ناله الإنسان بيده أو رمحه أو بشيء من سلاحه فأنفذه وبلغ مقاتله فهو صيد كما قال الله تعالى وحدثني عن مالك أنه سمع أهل العلم يقولون إذا أصاب الرجل الصيد فأعانه عليه غيره من ماء أو كلب غير معلم لم يؤكل ذلك الصيد إلا أن يكون سهم الرامي قد قتله أو بلغ مقاتل الصيد حتى لا يشك أحد في أنه هو قتله وأنه لا يكون للصيد حياة بعده قال وسمعت مالك يقول لا بأس بأكل الصيد وإن غاب عنك مصرعه إذا وجدت به أثرا من كلبك أو كان به سهمك ما لم يبت فإذا بات فإنه يكره أكله .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1063 1052 - ( مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب كان يكره أن تقتل الإنسية ) إذا توحشت كبعير شرد وبقرة ( بما يقتل به الصيد من الرمي وأشباهه ) أي لا يؤكل بالعقر ، وبه قال مالك وربيعة والليث عملا بأصله .

                                                                                                          وقال الثوري وأبو حنيفة والشافعي : إذا عجز عن البعير الشارد صاد كالصيد لحديث رافع بن خديج قال : " ند لنا بعير فرماه رجل بسهم فحبسه فقال - صلى الله عليه وسلم - إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش فما غلبكم منها فاصنعوا به هكذا وكلوا " قال مالك : ( ولا أرى بأسا بما أصاب المعراض إذا خسق ) بفتح المعجمة والمهملة وبالقاف أي ثبت .

                                                                                                          قال ابن فارس : خسق السهم الهدف إذا ثبت فيه وتعلق ( وبلغ المقاتل أن يؤكل ) لإباحته - صلى الله عليه وسلم - ما أصاب بحده لبلوغه المقاتل واستدل لذلك بقوله : ( قال الله تبارك وتعالى : يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله ) أي يختبر وهو منه تعالى لإظهار ما علمه من العبد على ما علم لا ليعلم ما لا يعلم وقلل في قوله : ( بشيء من الصيد ) ليعلم بأنه ليس من الفتن العظام [ ص: 131 ] ( تناله ) أي الصغار منه ( أيديكم ورماحكم ) الكبار منه ، وكان ذلك بالحديبية وهم محرمون فكانت الوحش والطير تغشاهم وهم في رحالهم .

                                                                                                          ( قال ) مالك : ( فكل شيء ناله الإنسان بيده أو رمحه أو بشيء من سلاحه فأنفذه وبلغ مقاتله ) تفسير لأنفذه ( فهو صيد كما قال الله ) بشيء من الصيد .

                                                                                                          - ( مالك أنه سمع أهل العلم يقولون : إذا أصاب الرجل الصيد فأعانه عليه غيره من ماء أو كلب غير معلم ) لأن كونه معلما شرط لقوله تعالى : وما علمتم من الجوارح مكلبين [ سورة المائدة : الآية 4 ] ( لم يؤكل ذلك الصيد إلا أن يكون سهم الرامي قد قتله أو بلغ ) السهم ( مقاتل الصيد حتى لا يشك أحد في أنه قتله وأنه لا يكون للصيد حياة بعده ) فيؤكل لتحقق الإباحة ( وسمعت مالكا يقول : لا بأس بأكل الصيد وإن غاب عنك مصرعه ) بنحو غار أو غيضة فلم تره ( إذا وجدت به أثرا من كلبك ) الذي أرسلته عليه ( أو كان به سهمك ما لم يبت فإذا بات فإنه يكره أكله ) كراهة تحريم على المشهور .

                                                                                                          زاد في المدونة مبالغا : وإن أنفذت مقاتله الجوارح أو سهمه وهو فيه بعينه ، قال مالك : وتلك السنة .

                                                                                                          وروى أبو داود في مراسيله : " جاء رجل يصيد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إني رميت من الليل فأعياني ووجدت سهمي فيه من الغد وعرفت سهمي فقال : الليل خلق من خلق الله عظيم لعله أعانك عليه شيء انبذها عنك " وورد قريب منه في بعض طرق حديث عدي بن حاتم .




                                                                                                          الخدمات العلمية