[ ص: 240 ] سورة ص
مكية ، وهي ست وثمانون آية ، وقيل : ثمان وثمانون آية
[نزلت بعد القمر ]
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=treesubj&link=29009_32450_34225_34237nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص والقرآن ذي الذكر nindex.php?page=treesubj&link=29009_30539nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=2بل الذين كفروا في عزة وشقاق
"ص " على الواقف وهي أكثر القراءة . وقرئ : بالكسر والفتح لالتقاء الساكنين ، ويجوز أن ينتصب بحذف حرف القسم وإيصال فعله ، كقولهم : الله لأفعلن ، كذا بالنصب ، أو بإضمار حرف القسم ، والفتح في موضع الجر ، كقولهم : الله لأفعلن ، بالجر وامتناع الصرف للتعريف والتأنيث ; لأنها بمعنى السورة ، وقد صرفها من قرأ (ص ) بالجر والتنوين على تأويل الكتاب والتنزيل ، وقيل : فيمن كسر هو من المصاداة وهي المعارضة والمعادلة . ومنها الصدى وهو ما يعارض الصوت في الأماكن الخالية من الأجسام الصلبة ، ومعناه : ما عارض القرآن بعملك فاعمل بأوامره وانته عن نواهيه . فإن قلت : قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص والقرآن ذي الذكر nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=2بل الذين كفروا في عزة وشقاق كلام ظاهره متنافر غير منتظم ، فما وجه انتظامه ؟ قلت : فيه وجهان ، أحدهما : أن يكون قد ذكر اسم هذا الحرف من حروف المعجم على سبيل التحدي والتنبيه على الإعجاز كما مر في أول الكتاب ، ثم أتبعه القسم محذوف الجواب لدلالة التحدي عليه ، كأنه قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1والقرآن ذي الذكر إنه لكلام معجز . والثاني : أن يكون "ص " خبر مبتدأ محذوف ، على أنها اسم للسورة ، كأنه قال : هذه ص ، يعني : هذه السورة التي أعجزت
العرب ، والقرآن ذي الذكر ، كما تقول : هذا حاتم والله ، تريد : هذا هو المشهور بالسخاء والله ، وكذلك إذا أقسم بها كأنه قال : أقسمت بص والقرآن ذي الذكر أنه لمعجز ثم قال : بل الذين كفروا في عزة واستكبار عن الإذعان لذلك والاعتراف بالحق وشقاق لله ورسوله ، وإذا جعلتها مقسما بها وعطفت عليها
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1والقرآن ذي الذكر جاز لك أن تريد بالقرآن التنزيل كله ، وأن تريد السورة بعينها . ومعناه : أقسم بالسورة الشريفة والقرآن ذي الذكر ، كما تقول : مررت بالرجل الكريم وبالنسمة المباركة ، ولا تريد بالنسمة غير الرجل . والذكر : الشرف
[ ص: 241 ] والشهرة ، من قولك : فلان مذكور ،
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=44وإنه لذكر لك ولقومك [الزخرف : 44 ] ، أو الذكرى والموعظة ، أو ذكر ما يحتاج إليه في الدين من الشرائع وغيرها ، كأقاصيص الأنبياء والوعد والوعيد . والتنكير في
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=2عزة وشقاق للدلالة على شدتهما وتفاقمهما . وقرئ : (فى غرة ) أي : في غفلة عما يجب عليهم من النظر واتباع الحق .
[ ص: 240 ] سُورَةُ ص
مَكِّيَّةٌ ، وَهِيَ سِتٌّ وَثَمَانُونَ آيَةً ، وَقِيلَ : ثَمَانٌ وَثَمَانُونَ آيَةً
[نَزَلَتْ بَعْدَ الْقَمَرِ ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=29009_32450_34225_34237nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ nindex.php?page=treesubj&link=29009_30539nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=2بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ
"ص " عَلَى الْوَاقِفِ وَهِيَ أَكْثَرُ الْقِرَاءَةِ . وَقُرِئَ : بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ بِحَذْفِ حَرْفِ الْقَسَمِ وَإِيصَالِ فِعْلِهِ ، كَقَوْلِهِمْ : اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ ، كَذَا بِالنَّصْبِ ، أَوْ بِإِضْمَارِ حَرْفِ الْقَسَمِ ، وَالْفَتْحِ في مَوْضِعِ الْجَرِّ ، كَقَوْلِهِمْ : اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ ، بِالْجَرِّ وَامْتِنَاعِ الصَّرْفِ لِلتَّعْرِيفِ وَالتَّأْنِيثِ ; لِأَنَّهَا بِمَعْنَى السُّورَةِ ، وَقَدْ صَرَفَهَا مَنْ قَرَأَ (ص ) بِالْجَرِّ وَالتَّنْوِينِ عَلَى تَأْوِيلِ الْكِتَابِ وَالتَّنْزِيلِ ، وَقِيلَ : فيمَنْ كَسَرَ هُوَ مِنْ الْمُصَادَاةِ وَهِيَ الْمُعَارَضَةُ وَالْمُعَادَلَةُ . وَمِنْهَا الصَّدَى وَهُوَ مَا يُعَارِضُ الصَّوْتَ في الْأَمَاكِنِ الْخَالِيَةِ مِنَ الْأَجْسَامِ الصُّلْبَةِ ، وَمَعْنَاهُ : مَا عَارَضَ الْقُرْآنَ بِعَمَلِكَ فَاعْمَلْ بِأَوَامِرِهِ وَانْتَهِ عَنْ نَوَاهِيهِ . فَإِنْ قُلْتَ : قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=2بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ كَلَامٌ ظَاهِرُهُ مُتَنَافِرٌ غَيْرُ مُنْتَظِمٍ ، فَمَا وَجْهُ انْتِظَامِهِ ؟ قُلْتُ : فيهِ وَجْهَانِ ، أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ قَدْ ذُكِرَ اسْمُ هَذَا الْحَرْفِ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ عَلَى سَبِيلِ التَّحَدِّي وَالتَّنْبِيهِ عَلَى الْإِعْجَازِ كَمَا مَرَّ في أَوَّلِ الْكِتَابِ ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ الْقَسَمَ مَحْذُوفَ الْجَوَابِ لِدَلَالَةِ التَّحَدِّي عَلَيْهِ ، كَأَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ إِنَّهُ لَكَلَامٌ مُعْجِزٌ . وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ "ص " خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، عَلَى أَنَّهَا اسْمٌ لِلسُّورَةِ ، كَأَنَّهُ قَالَ : هَذِهِ ص ، يَعْنِي : هَذِهِ السُّورَةُ الَّتِي أَعْجَزَتِ
الْعَرَبَ ، وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ، كَمَا تَقُولُ : هَذَا حَاتِمٌ وَاللَّهِ ، تُرِيدُ : هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ بِالسَّخَاءِ وَاللَّهِ ، وَكَذَلِكَ إِذَا أَقْسَمَ بِهَا كَأَنَّهُ قَالَ : أَقْسَمْتُ بِص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ أَنَّهُ لَمُعْجِزٌ ثُمَّ قَالَ : بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا في عِزَّةٍ وَاسْتِكْبَارٍ عَنِ الْإِذْعَانِ لِذَلِكَ وَالِاعْتِرَافِ بِالْحَقِّ وَشِقَاقٍ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَإِذَا جَعَلْتَهَا مُقْسَمًا بِهَا وَعَطَفْتَ عَلَيْهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ جَازَ لَكَ أَنْ تُرِيدَ بِالْقُرْآنِ التَّنْزِيلَ كُلَّهُ ، وَأَنْ تُرِيدَ السُّورَةَ بِعَيْنِهَا . وَمَعْنَاهُ : أُقْسِمُ بِالسُّورَةِ الشَّرِيفَةِ وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ، كَمَا تَقُولُ : مَرَرْتُ بِالرَّجُلِ الْكَرِيمِ وَبِالنَّسَمَةِ الْمُبَارَكَةِ ، وَلَا تُرِيدُ بِالنَّسَمَةِ غَيْرَ الرَّجُلِ . وَالذِّكْرُ : الشَّرَفُ
[ ص: 241 ] وَالشُّهْرَةُ ، مِنْ قَوْلِكَ : فُلَانٌ مَذْكُورٌ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=44وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ [الزُّخْرُفَ : 44 ] ، أَوِ الذِّكْرَى وَالْمَوْعِظَةُ ، أَوْ ذِكْرُ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ في الدِّينِ مِنَ الشَّرَائِعِ وَغَيْرِهَا ، كَأَقَاصِيصِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ . وَالتَّنْكِيرُ في
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=2عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ لِلدَّلَالَةِ عَلَى شِدَّتِهِمَا وَتَفَاقُمِهِمَا . وَقُرِئَ : (فى غِرَّةٍ ) أَيْ : في غَفْلَةٍ عَمَّا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ وَاتِّبَاعِ الْحَقِّ .