الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      أبو برزة الأسلمي ( ع )

                                                                                      صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - نضلة بن عبيد على الأصح . وقيل : نضلة بن عمرو . وقيل : نضلة بن عائذ ، ويقال : ابن عبد الله . وقيل : عبد الله بن نضلة . ويقال : خالد بن نضلة . روى عدة أحاديث . [ ص: 41 ] روى عنه : ابنه المغيرة ، وحفيدته منية بنت عبيد ، وأبو عثمان النهدي ، وأبو المنهال سيار ، وأبو الوضيء عباد بن نسيب ، وكنانة بن نعيم ، وأبو الوازع جابر بن عمرو ، وعبد الله بن بريدة ، وآخرون . نزل البصرة ، وأقام مدة مع معاوية . قال ابن سعد : أسلم قديما ، وشهد فتح مكة . قلت : وشهد خيبر . وكان آدم ربعة ، وحضر حرب الحرورية مع علي . قال أبو نعيم : هو الذي قتل عبد العزى بن خطل تحت أستار الكعبة بإذن النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                      يحيى الحماني : حدثنا حماد ، عن الأزرق بن قيس قال : كنا على شاطئ نهر بالأهواز ، فجاء أبو برزة يقود فرسا ، فدخل في صلاة العصر . فقال رجل : انظروا إلى هذا الشيخ ، وكان انفلت فرسه ، فاتبعها في القبلة حتى أدركها ، فأخذ بالمقود ، ثم صلى . قال : فسمع أبو برزة قول الرجل ، فجاء فقال : ما عنفني أحد منذ فارقت رسول الله غير هذا ، إني شيخ كبير ، ومنزلي متراخ ، ولو أقبلت على صلاتي ، وتركت فرسي ، ثم ذهبت أطلبها ، لم آت أهلي إلا في جنح الليل . لقد صحبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأيت من يسره . فأقبلنا نعتذر مما قال الرجل . [ ص: 42 ] وكذا رواه شعبة ، عن الأزرق قال : كنت مع أبي برزة بالأهواز ، فقام يصلي العصر ، وعنان فرسه بيده ، فجعلت ترجع ، وجعل أبو برزة ينكص معها . قال : ورجل من الخوارج يشتمه ، فلما فرغ ، قال : إني غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ستا أو سبعا ، وشهدت تيسيره .

                                                                                      همام ، عن ثابت البناني ، أن أبا برزة كان يلبس الصوف ، فقيل له : إن أخاك عائذ بن عمرو يلبس الخز ، قال : ويحك ! ومن مثل عائذ !؟ فانصرف الرجل ، فأخبر عائذا ، فقال : ومن مثل أبي برزة !؟ قلت : هكذا كان العلماء يوقرون أقرانهم .

                                                                                      عن أبي برزة قال : كنا نقول في الجاهلية : من أكل الخمير سمن ، فأجهضنا القوم يوم خيبر عن خبزة لهم ، فجعل أحدنا يأكل منه الكسرة ، ثم يمس عطفيه ، هل سمن ؟ وقيل : كانت لأبي برزة جفنة من ثريد غدوة وجفنة عشية ، للأرامل واليتامى والمساكين وكان يقوم إلى صلاة الليل ، فيتوضأ ، ويوقظ أهله - رضي الله عنه - . [ ص: 43 ] وكان يقرأ بالستين إلى المائة . يقال : مات أبو برزة بالبصرة . وقيل : بخراسان . وقيل : بمفازة بين هراة وسجستان . وقيل : شهد صفين مع علي . يقال : مات قبل معاوية في سنة ستين وقال الحاكم : توفي سنة أربع وستين .

                                                                                      وقال ابن سعد : مات بمرو . قيل : كان أبو برزة وأبو بكرة متواخيين .

                                                                                      الأنصاري : حدثنا عوف ، حدثنا أبو المنهال قال : لما فر ابن زياد ، ورتب مروان بالشام ، وابن الزبير بمكة ، اغتم أبي ، وقال : انطلق معي إلى أبي برزة الأسلمي ; فانطلقنا إليه في داره ، فقال : يا أبا برزة ، ألا ترى ؟ فقال : إني أحتسب عند الله أني أصبحت ساخطا على أحياء قريش . وذكر الحديث .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية