الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
والنظر في الصيام المندوب إليه هو في تلك الأركان الثلاثة ، وفي حكم الإفطار فيه .
فأما الأيام التي يقع فيها الصوم المندوب إليه وهو الركن الأول ، فإنها على ثلاثة أقسام : أيام مرغب فيها ، وأيام منهي عنها ، وأيام مسكوت عنها . ومن هذه ما هو مختلف فيه ، ومنها ما هو متفق عليه .
أما المرغب فيه المتفق عليه : فصيام يوم عاشوراء .
وأما المختلف فيه : فصيام يوم عرفة وست من شوال ، والغرر من كل شهر ( وهي : الثالث عشر ، والرابع عشر ، والخامس عشر .
أما nindex.php?page=treesubj&link=2547صيام يوم عاشوراء ، فلأنه ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صامه وأمر بصيامه وقال فيه : " nindex.php?page=hadith&LINKID=1006991من كان أصبح صائما فليتم صومه ، ومن كان أصبح مفطرا فليتم بقية يومه " .
واختلفوا فيه هل هو التاسع أو العاشر . والسبب في ذلك اختلاف الآثار :
خرج مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=1006992إذا رأيت هلال المحرم فاعدد وأصبح يوم التاسع صائما ، قلت : هكذا كان محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصومه ؟ قال : نعم " .
وروي : " nindex.php?page=hadith&LINKID=1006993أنه حين صام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا : يا رسول الله إنه يوم يعظمه اليهود والنصارى ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فإذا كان العام المقبل - إن شاء الله - صمنا اليوم التاسع " . قال : فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم .
وأما اختلافهم في يوم عرفة ، فلأن النبي - عليه الصلاة والسلام - أفطر يوم عرفة ، وقال فيه : " nindex.php?page=treesubj&link=2546صيام يوم عرفة يكفر السنة الماضية والآتية " . ولذلك اختلف الناس في ذلك ، واختار nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي الفطر فيه للحاج، وصيامه لغير [ ص: 258 ] الحاج جمعا بين الأثرين . وخرج أبو داود : " nindex.php?page=hadith&LINKID=1006994أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صيام يوم عرفة بعرفة " .
وأما nindex.php?page=treesubj&link=2543الست من شوال ، فإنه ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=1006995من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر " إلا أن مالكا كره ذلك ، إما مخافة أن يلحق الناس برمضان ما ليس في رمضان ، وإما لأنه لعله لم يبلغه الحديث أو لم يصح عنده وهو الأظهر .
وكذلك كره مالك تحري nindex.php?page=treesubj&link=32978صيام الغرر مع ما جاء فيها من الأثر مخافة أن يظن الجهال بها أنها واجبة ، وثبت : " nindex.php?page=hadith&LINKID=1006996أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم من كل شهر ثلاثة أيام غير معينة ، وأنه قال nindex.php?page=showalam&ids=13لعبد الله بن عمرو بن العاص لما أكثر الصيام : " أما يكفيك من كل شهر ثلاثة أيام ؟ قال : فقلت يا رسول الله إني أطيق أكثر من ذلك ، قال : خمسا ، قلت : يا رسول الله إني أطيق أكثر من ذلك ، قال : سبعا ، قلت : يا رسول الله إني أطيق أكثر من ذلك ، قال : تسعا ، قلت : يا رسول الله إني أطيق أكثر من ذلك ، قال : أحد عشر ، قلت : يا رسول الله إني أطيق أكثر من ذلك ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : لا صوم فوق صيام داود ، شطر الدهر : nindex.php?page=treesubj&link=2548صيام يوم ، وإفطار يوم " .
وخرج أبو داود : " nindex.php?page=hadith&LINKID=1006997أنه nindex.php?page=treesubj&link=2545كان يصوم يوم الاثنين ويوم الخميس " .
وثبت أنه لم يستتم قط شهرا بالصيام غير رمضان ، وإن nindex.php?page=treesubj&link=2551أكثر صيامه كان في شعبان .