الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما بيان حكم ماله فهو استحقاق الجعل عندنا استحسانا والكلام في الجعل في مواضع في بيان أصل الاستحقاق وفي بيان سببه ، وفي بيان شرطه ، وفي بيان ما يستحق عليه ، وفي بيان قدر المستحق .

                                                                                                                                ( أما ) أصل الاستحقاق فثابت عندنا استحسانا ، والقياس أن لا يثبت أصلا كما لا يثبت برد الضالة ، وقال الشافعي - رحمه الله - : يثبت بالشرط ولا يثبت بدونه حتى لو شرط الآخذ الجعل على المالك وجب وإلا فلا .

                                                                                                                                ( وجه ) قول الشافعي - رحمه الله - أنه رد مال الغير عليه محتسبا فلا يستحق الأجر كما لو رد الضالة إلا إذا شرط فيجب عليه بحكم الشرط لقوله عليه الصلاة والسلام { المسلمون عند شروطهم } .

                                                                                                                                ( ولنا ) ما رواه محمد بن الحسن - عليه الرحمة - عن أبي عمرو الشيباني أنه قال : كنت قاعدا عند [ ص: 204 ] عبد الله بن مسعود فجاء رجل فقال قدم فلان بإباق من القوم فقال القوم : لقد أصاب أجرا فقال عبد الله رضي الله عنه : وجعلا إن شاء من كل رأس درهما .

                                                                                                                                ولم ينقل أنه أنكر عليه منكر فيكون إجماعا ; ولأن جعل الآبق طريق صيانة عن الضياع ; لأنه لا يتوصل إليه بالطلب عادة إذ ليس له مقام معلوم يطلب هناك فلو لم يأخذه لضاع ولا يؤخذ لصاحبه ويتحمل مؤنة الأخذ والرد عليه مجانا بلا عوض عادة وإذا علم أن له عليه جعلا يحمل مشقة الأخذ والرد طمعا في الجعل فتحصل الصيانة عن الضياع فكان استحقاق الجعل طريق صيانة الآبق عن الضياع وصيانة المال عن الضياع واجب فكان المالك شارطا للأجر عند الأخذ والرد دلالة بخلاف الضالة ; لأن الدابة إذا ضلت فإنها ترعى في المراعي المألوفة فيمكن الوصول إليها بالطلب عادة فلا تضيع دون الأخذ فلا حاجة إلى الصيانة بالجعل ، فإن أخذه أحد كان في الأخذ والرد محتسبا فلا يستحق الأجر فهو الفرق وأما سبب استحقاق الجعل فهو الأخذ لصاحبه ; لأنه طريق الصيانة على المالك وهو معنى التسبب .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية