الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( ويجزئ من ذلك كله الثني فصاعدا إلا الضأن ، فإن الجذع منه يجزئ ) لقوله عليه الصلاة والسلام { ضحوا بالثنايا إلا أن يعسر على أحدكم [ ص: 91 ] فليذبح الجذع من الضأن } ، وقال عليه الصلاة والسلام : " { نعمت الأضحية الجذع من الضأن }" .

                                                                                                        قالوا : وهذا إذا كانت عظيمة بحيث لو خلط بالثنيان يشتبه به على الناظر من بعيد ، والجذع من الضأن ما تمت له ستة أشهر في مذهب الفقهاء ، وذكر الزعفراني رحمه الله أنه ابن سبعة أشهر ، والثني منها ومن المعز ابن سنة ، ومن البقر ابن سنتين ، ومن الإبل ابن خمس سنين ، ويدخل في البقر الجاموس ; لأنه [ ص: 92 ] من جنسه والمولود بين الأهلي والوحشي يتبع الأم ; لأنها هي الأصل في التبعية حتى إذا نزا الذئب على الشاة يضحي بالولد .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الثاني عشر : قال عليه السلام : " { ضحوا بالثنايا ، إلا أن يعسر على أحدكم ، [ ص: 91 ] فليذبح الجذع من الضأن }; قلت : أخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم ، فتذبحوا جذعة من الضأن }" انتهى .

                                                                                                        الحديث الثالث عشر : قال عليه الصلاة والسلام : " { نعمت الأضحية الجذع من الضأن }" ; قلت : أخرجه الترمذي عن عثمان بن واقد عن كدام بن عبد الرحمن عن أبي كباش ، { قال : جلبت غنما جذعا إلى المدينة ، فكسدت علي ، فلقيت أبا هريرة ، فسألته ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : نعم ، أو نعمت الأضحية الجذع من الضأن ، قال : فانتهبه الناس }انتهى .

                                                                                                        وقال : حديث غريب ، وقد روي عن أبي هريرة موقوفا ، قال وكيع : الجذع يكون ابن سبعة أشهر ، أو ستة أشهر انتهى

                                                                                                        وقال في " علله الكبير " : سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال : رواه عثمان بن واقد ، فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورواه غيره ، فوقفه على أبي هريرة ، وسألته عن اسم أبي كباش ، فلم يعرفه ، انتهى .

                                                                                                        أحاديث الباب : أخرج البخاري ، ومسلم عن عقبة بن عامر ، قال : { قسم النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه ضحايا ، فصارت لي جذعة ; قلت : يا رسول الله صارت لي جذعة ، فقال : ضح بها }انتهى . قال المنذري في " مختصره " : وقد وقع لنا حديث عقبة بن عامر هذا من رواية يحيى بن بكير عن الليث بن سعد ، وفيه : ولا رخصة لأحد فيها بعدك ، قال [ ص: 92 ] البيهقي : فهذه الزيادة إذا كانت محفوظة كانت رخصة له ، كما رخص لأبي بردة بن نيار ، حين { قال : عندي جذعة خير من مسنة ، فقال عليه السلام : اذبحها ، ولن تجزئ عن أحد بعدك } ، أخرجاه في " الصحيحين " ، قال : وعلى هذا يحمل حديث زيد بن خالد الذي أخرجه أبو داود ، { قال : قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه ضحايا ، فأعطاني عتودا جذعا ، قال : فرجعت به إليه ، فقلت : إنه جذع ، قال : ضح به ، فضحيت به } ، وفي سنده محمد بن إسحاق ، وقال غيره : حديث عقبة منسوخ بحديث أبي بردة ، لقوله : ولن تجزئ عن أحد بعدك ، قال المنذري : وفي هذا نظر ، فإن في حديث عقبة أيضا : ولا رخصة لأحد فيها بعدك ، وأيضا ، فإنه لا يعرف المتقدم منهما من المتأخر ، وقد أشار البيهقي إلى أن الرخصة أيضا لعقبة ، وزيد بن خالد ، كما كانت لأبي بردة انتهى

                                                                                                        قلت : وفاتهم حديث أبي يزيد الأنصاري واسمه عمرو بن أخطب رواه ابن ماجه في " سننه " حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن عبد الأعلى عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي زيد الأنصاري ، قال : { مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بدار من دور الأنصار ، فوجد ريح قتار ، فقال : من هذا الذي ذبح ؟ فخرج إليه رجل منا ، فقال : أنا يا رسول الله ذبحت قبل أن أصلي لأطعم أهلي ، وجيراني ، فأمره أن يعيد ، فقال : لا والله الذي لا إله إلا هو ، ما عندي إلا جذع ، أو حمل من الضأن ، قال : اذبحها ، ولن تجزئ عن أحد بعدك } ، انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : روى ابن ماجه في " سننه " حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم عن [ ص: 93 ] أنس بن عياض عن محمد بن أبي يحيى ، مولى الأسلميين عن أمه عن أم بلال بنت هلال عن أبيها هلال الأسلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { : يجوز الجذع من الضأن أضحية }انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية