قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=57نحن خلقناكم فلولا تصدقون أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم وننشئكم في ما لا تعلمون ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون [ ص: 196 ] nindex.php?page=treesubj&link=29027قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=57نحن خلقناكم فلولا تصدقون أي فهلا تصدقون بالبعث ؟ لأن الإعادة كالابتداء . وقيل المعنى : نحن خلقنا رزقكم فهلا تصدقون أن هذا طعامكم إن لم تؤمنوا ؟ .
nindex.php?page=treesubj&link=29027قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=58أفرأيتم ما تمنون أي ما تصبونه من المني في أرحام النساء .
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=59أأنتم تخلقونه أي تصورون منه الإنسان
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=59أم نحن الخالقون المقدرون المصورون . وهذا احتجاج عليهم وبيان للآية الأولى ، أي : إذا أقررتم بأنا خالقوه لا غيرنا فاعترفوا بالبعث . وقرأ
أبو السمال ومحمد بن السميفع وأشهب العقيلي : " تمنون " بفتح التاء وهما لغتان أمنى ومنى ، وأمذى ومذى يمني ويمني ويمذي ويمذي .
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي : ويحتمل أن يختلف معناها عندي ، فيكون أمنى إذا أنزل عن جماع ، ومنى إذا أنزل عن الاحتلام . وفي تسمية المني منيا وجهان ؛ أحدهما : لإمنائه وهو إراقته . الثاني : لتقديره ، ومنه المنا الذي يوزن به لأنه مقدار لذلك ، وكذلك المني مقدار صحيح لتصوير الخلقة .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=60نحن قدرنا بينكم الموت احتجاج أيضا ، أي الذي يقدر على الإماتة يقدر على الخلق ،
nindex.php?page=treesubj&link=30336_30340وإذا قدر على الخلق قدر على البعث . وقرأ
مجاهد وحميد وابن محيصن وابن كثير " قدرنا " بتخفيف الدال . الباقون بالتشديد ، قال
الضحاك : أي سوينا بين أهل السماء وأهل الأرض . وقيل : قضينا . وقيل : كتبنا ، والمعنى متقارب ، فلا أحد يبقى غيره عز وجل .
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=60وما نحن بمسبوقين أي : إن أردنا أن نبدل أمثالكم لم يسبقنا أحد ، أي : لم يغلبنا .
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=60بمسبوقين معناه بمغلوبين .
وقال
الطبري : المعنى نحن قدرنا بينكم الموت
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=61على أن نبدل أمثالكم بعد موتكم بآخرين من جنسكم ، وما نحن بمسبوقين في آجالكم ، أي : لا يتقدم متأخر ، ولا يتأخر متقدم .
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=61وننشئكم في ما لا تعلمون من الصور والهيئات . قال
الحسن : أي : نجعلكم قردة وخنازير كما فعلنا بأقوام قبلكم . وقيل : المعنى ننشئكم في البعث على غير صوركم في الدنيا ، فيجمل المؤمن ببياض وجهه ، ويقبح الكافر بسواد وجهه .
سعيد بن جبير : قوله تعالى : فيما لا تعلمون يعني في حواصل طير سود تكون ببرهوت كأنها الخطاطيف ،
وبرهوت واد في
اليمن . وقال
مجاهد : فيما لا تعلمون في أي خلق شئنا . وقيل : المعنى ننشئكم في عالم لا تعلمون ، وفي مكان لا تعلمون .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=62ولقد علمتم النشأة الأولى أي : إذ خلقتم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة ولم تكونوا شيئا ، عن
مجاهد وغيره .
قتادة والضحاك : يعني خلق
آدم عليه السلام .
[ ص: 197 ] nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=62فلولا تذكرون أي : فهلا تذكرون . وفي الخبر : عجبا كل العجب للمكذب بالنشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى ، وعجبا للمصدق بالنشأة الآخرة وهو لا يسعى لدار القرار . وقراءة العامة النشأة بالقصر . وقرأ
مجاهد والحسن وابن كثير وأبو عمرو : " النشاءة " بالمد ، وقد مضى في ( العنكبوت ) بيانه .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=57نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ [ ص: 196 ] nindex.php?page=treesubj&link=29027قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=57نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ أَيْ فَهَلَّا تُصَدِّقُونَ بِالْبَعْثِ ؟ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ كَالِابْتِدَاءِ . وَقِيلَ الْمَعْنَى : نَحْنُ خَلَقْنَا رِزْقَكُمْ فَهَلَّا تُصَدِّقُونَ أَنَّ هَذَا طَعَامُكُمْ إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا ؟ .
nindex.php?page=treesubj&link=29027قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=58أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ أَيْ مَا تَصُبُّونَهُ مِنَ الْمَنِيِّ فِي أَرْحَامِ النِّسَاءِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=59أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَيْ تُصَوِّرُونَ مِنْهُ الْإِنْسَانَ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=59أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ الْمُقَدِّرُونَ الْمُصَوِّرُونَ . وَهَذَا احْتِجَاجٌ عَلَيْهِمْ وَبَيَانٌ لِلْآيَةِ الْأُولَى ، أَيْ : إِذَا أَقْرَرْتُمْ بِأَنَّا خَالِقُوهُ لَا غَيْرُنَا فَاعْتَرِفُوا بِالْبَعْثِ . وَقَرَأَ
أَبُو السَّمَّالِ وَمُحَمَّدُ بْنُ السَّمَيْفَعِ وَأَشْهَبُ الْعُقَيْلِيُّ : " تَمْنُونَ " بِفَتْحِ التَّاءِ وَهُمَا لُغَتَانِ أَمْنَى وَمَنَى ، وَأَمْذَى وَمَذَى يُمْنِي وَيَمْنِي وَيُمْذِي وَيَمْذِي .
nindex.php?page=showalam&ids=15151الْمَاوَرْدِيُّ : وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَخْتَلِفَ مَعْنَاهَا عِنْدِي ، فَيَكُونُ أَمْنَى إِذَا أَنْزَلَ عَنْ جِمَاعٍ ، وَمَنَى إِذَا أَنْزَلَ عَنْ الِاحْتِلَامِ . وَفِي تَسْمِيَةِ الْمَنِيِّ مَنِيًّا وَجْهَانِ ؛ أَحَدُهُمَا : لِإِمْنَائِهِ وَهُوَ إِرَاقَتُهُ . الثَّانِي : لِتَقْدِيرِهِ ، وَمِنْهُ الْمَنَا الَّذِي يُوزَنُ بِهِ لِأَنَّهُ مِقْدَارٌ لِذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ الْمَنِيُّ مِقْدَارٌ صَحِيحٌ لِتَصْوِيرِ الْخِلْقَةِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=60نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ احْتِجَاجٌ أَيْضًا ، أَيِ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى الْإِمَاتَةِ يَقْدِرُ عَلَى الْخَلْقِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=30336_30340وَإِذَا قَدَرَ عَلَى الْخَلْقِ قَدَرَ عَلَى الْبَعْثِ . وَقَرَأَ
مُجَاهِدٌ وَحُمَيْدٌ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَابْنُ كَثِيرٍ " قَدَرْنَا " بِتَخْفِيفِ الدَّالِ . الْبَاقُونَ بِالتَّشْدِيدِ ، قَالَ
الضَّحَّاكُ : أَيْ سَوَّيْنَا بَيْنَ أَهْلِ السَّمَاءِ وَأَهْلِ الْأَرْضِ . وَقِيلَ : قَضَيْنَا . وَقِيلَ : كَتَبْنَا ، وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ ، فَلَا أَحَدَ يَبْقَى غَيْرُهُ عَزَّ وَجَلَّ .
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=60وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ أَيْ : إِنْ أَرَدْنَا أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ لَمْ يَسْبِقْنَا أَحَدٌ ، أَيْ : لَمْ يَغْلِبْنَا .
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=60بِمَسْبُوقِينَ مَعْنَاهُ بِمَغْلُوبِينَ .
وَقَالَ
الطَّبَرِيُّ : الْمَعْنَى نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=61عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ بَعْدَ مَوْتِكُمْ بِآخَرِينَ مِنْ جِنْسِكُمْ ، وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ فِي آجَالِكُمْ ، أَيْ : لَا يَتَقَدَّمُ مُتَأَخِّرٌ ، وَلَا يَتَأَخَّرُ مُتَقَدِّمٌ .
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=61وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ مِنَ الصُّوَرِ وَالْهَيْئَاتِ . قَالَ
الْحَسَنُ : أَيْ : نَجْعَلُكُمْ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ كَمَا فَعَلْنَا بِأَقْوَامٍ قَبْلَكُمْ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى نُنْشِئُكُمْ فِي الْبَعْثِ عَلَى غَيْرِ صُوَرِكُمْ فِي الدُّنْيَا ، فَيُجَمَّلُ الْمُؤْمِنُ بِبَيَاضِ وَجْهِهِ ، وَيُقَبَّحُ الْكَافِرُ بِسَوَادِ وَجْهِهِ .
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : قَوْلُهُ تَعَالَى : فِيمَا لَا تَعْلَمُونَ يَعْنِي فِي حَوَاصِلِ طَيْرٍ سُودٍ تَكُونُ بِبَرَهُوتَ كَأَنَّهَا الْخَطَاطِيفُ ،
وَبَرَهُوتُ وَادٍ فِي
الْيَمَنِ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : فِيمَا لَا تَعْلَمُونَ فِي أَيِّ خَلْقٍ شِئْنَا . وَقِيلَ : الْمَعْنَى نُنْشِئُكُمْ فِي عَالَمٍ لَا تَعْلَمُونَ ، وَفِي مَكَانٍ لَا تَعْلَمُونَ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=62وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى أَيْ : إِذْ خُلِقْتُمْ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ وَلَمْ تَكُونُوا شَيْئًا ، عَنْ
مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ .
قَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ : يَعْنِي خَلْقُ
آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ .
[ ص: 197 ] nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=62فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ أَيْ : فَهَلَّا تَذَكَّرُونَ . وَفِي الْخَبَرِ : عَجَبًا كُلَّ الْعَجَبِ لِلْمُكَذِّبِ بِالنَّشْأَةِ الْأُخْرَى وَهُوَ يَرَى النَّشْأَةَ الْأُولَى ، وَعَجَبًا لِلْمُصَدِّقِ بِالنَّشْأَةِ الْآخِرَةِ وَهُوَ لَا يَسْعَى لِدَارِ الْقَرَارِ . وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ النَّشْأَةَ بِالْقَصْرِ . وَقَرَأَ
مُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو : " النَّشَاءَةَ " بِالْمَدِّ ، وَقَدْ مَضَى فِي ( الْعَنْكَبُوتِ ) بَيَانُهُ .