الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( ولا يصلى ) بالبناء للمفعول أي يحرم أن يصلى فرض أو نفل ( بلباس كافر ) ذكر أو أنثى كتابي أو غيره باشر جلده أو لا كان مما الشأن أن تلحقه النجاسة كالذيل وما حاذى الفرج أو لا كعمامته جديدا أو لا إلا أن تعلم طهارته ( بخلاف نسجه ) فيصلى فيه لحمله على الطهارة وكذا سائر صنائعه يحمل فيها على الطهارة ( ولا بما ينام فيه مصل آخر ) أي غير مريد الصلاة به لأن الغالب نجاسته بمني أو غيره وهذا إذا لم يعلم أن من ينام فيه محتاط في طهارته وإلا صلى فيه وأفهم قوله آخر [ ص: 62 ] جواز صلاة صاحبه فيه ( ولا ) يصلى ( بثياب غير مصل ) أصلا أو غالبا كالنساء والصبيان أعدها للنوم أو لا لعدم توقيه النجاسة غالبا ( إلا ) ثياب ( كرأسه ) من عمامة وعرقية ومنديل فمحمولة على الطهارة إذ الغالب عليه عدم وصول النجاسة إليها والاستثناء راجع للفرعين قبله ( ولا ) يصلى ( بمحاذي ) أي بمقابل ( فرج غير عالم ) بالاستبراء وأحكام الطهارة كالسراويل والأزرة إلا أن تعلم طهارته وأما العالم فيصلي بمحاذي فرجه وكان الأنسب أن يذكر هذه الفروع في فصل إزالة النجاسة

التالي السابق


( قوله : ولا يصلى بلباس كافر ) إلى قوله غير عالم هذه الأحكام مبنية على تقديم الغالب على الأصل إذا تعارض الأصل والغالب ، فإن تلك الأمور الأصل فيها الطهارة ، والغالب فيها النجاسة وكل ما غلبت عليه النجاسة لا يصلى به والشأن في الكافر وما عطف عليه عدم توقي النجاسة ( قوله : بالبناء للمفعول ) أي لأجل الإشارة إلى أنه لا يجوز حتى لذلك الكافر إذا أسلم أن يصلي في ذلك اللباس حتى يغسله كما رواه أشهب عن مالك ثم إن محل الحرمة إذا جزم بعدم الطهارة أو ظن عدمها أو شك في الطهارة أما لو تحققت طهارته أو ظنت فإنها تجوز الصلاة فيها وهذا بخلاف ثياب شارب الخمر من المسلمين فإنه لا تجوز الصلاة فيها عند تحقق النجاسة أو ظنها لا إن شك في نجاستها فإنه تجوز الصلاة فيها تقديما للأصل على الغالب ( قوله : باشر جلده ) أي كالقميص والسروال ( قوله : أو لا ) كالعمامة والشال ( قوله : إلا أن تعلم ) أو تظن ( قوله : بخلاف نسجه ) أي منسوجه ( قوله : فيصلي فيه ) أي ما لم تتحقق نجاسته أو تظن ( قوله : لحمله على الطهارة ) أي لأنهم يتوقون فيه بعض التوقي لئلا تفسد عليهم أشغالهم فيحمل في حالة الشك على الطهارة ( قوله : وكذا سائر إلخ ) أي فلا خصوصية للنسج بل سائر الصنائع يحملون فيها على الطهارة عند الشك ، ولو صنعها في بيت نفسه خلافا لابن عرفة ثم إن تعليلهم طهارة ما صنعوه بكونهم يتوقون فيه بعض التوقي لئلا تفسد عليهم أشغالهم بزهد الناس عن صنعتهم يقتضي أن ما يصنعه لنفسه أو أهله يحمل فيه عند الشك على النجاسة لكن في البرزلي ما يفيد طهارة ذلك أيضا فلا فرق بين ما صنعه لنفسه وما صنعه لغيره ( قوله : ولا بما ينام إلخ ) أي تحرم الصلاة في ثوب ينام فيها مصل آخر إذا تحققت نجاستها أو ظنت أو شك فيها ، وأما إذا علم أن صاحبها الذي ينام فيها يحتاط في طهارتها أو ظن ذلك جازت الصلاة فيها .

واعلم أنه ليس من هذا القبيل ما يفرش في المضايف والقيعان والمقاعد فتجوز الصلاة عليه ; لأن الغالب أن النائم عليه يلتف في شيء آخر غير ذلك الفرش ، فإذا حصل منه شيء مثلا فإنما يصيب ما هو ملتف به فقد اتفق الأصل والغالب على طهارتها ( قوله : بما ينام فيه ) أي أو عليه من ثوب أو فرش ( قوله : وإلا صلى فيه ) أي وإلا بأن علم أن صاحبه يحتاط فيه كما إذا كان لشخص فراش ينام فيه وله ثوب للنوم فإن فرشه ذلك طاهر ، وإن كان مما ينام فيه مصل آخر ومثل ما إذا علم احتياط صاحبه ما إذا أخبر صاحبه بطهارته إن كان ثقة وبين وجه [ ص: 62 ] الطهارة أو اتفقا مذهبا كذا قال بعض قال بن والظاهر عدم التقييد ; لأن الأصل هو الطهارة ( قوله : جواز صلاة صاحبه ) أي لأنه أعلم بحال نفسه ، فإن كان متحفظا ساغ له الصلاة فيه وإلا فلا فعلم من هذا أنه لا مفهوم لقول المصنف آخر ; لأن المدار في المنع على عدم الاحتياط فمتى كان النائم فيه ليس عنده احتياط منعت الصلاة فيه لذلك النائم الغير المحتاط ولغيره ، وإن كان عنده احتياط جازت الصلاة فيه لذلك النائم المحتاط ولغيره ( قوله : ولا بثياب غير مصل ) أي يحرم وهذا إذا تحققت نجاستها أو ظنت أو شك فيها أما إذا تحققت طهارتها أو ظنت جازت الصلاة فيها وظاهر المصنف منع الصلاة بثياب غير المصلي ، ولو أخبر بطهارتها ودخل في الثياب الخف وهو ظاهر ما قاله شيخنا فلو شك في طهارة ثوب للشك في صلاة صاحبها وعدم صلاته صلى في ثياب الرجال فقط ; لأن الغالب صلاتهم دون ثياب النساء ; لأن الغالب عدم صلاتهن وهل ثياب الصبيان محمولة على الطهارة حتى يتيقن النجاسة أو محمولة على النجاسة حتى يتيقن الطهارةقولان المعتمد منهما الثاني انظر حاشية شيخنا ( قوله : إلا ثياب كرأسه ) قال بن بحث في هذا ابن مرزوق فقال لا يخفى أنهم إنما منعوا الصلاة بما ينام فيه مصل آخر من أجل الشك في نجاسته والشك في نجاسة ثوب رأس غير المصلي أقوى بكثير ; لأن من لا يتحفظ من النجاسة لا يبالي أين تصل النجاسة ، وقد يقال : إنا لا نسلم أن الشك في نجاسة ثوب رأس غير المصلي أقوى ; لأنه وإن كان لا يبالي أين تصل النجاسة إلا أن الغالب عدم وصول النجاسة لثوب الرأس كذا قرر شيخنا ( قوله : للفرعين قبله ) وهما قوله ولا بما ينام فيه مصل آخر ولا بثياب غير مصل ( قوله : ولا يصلي ) أي يحرم ( قوله : أي بمقابل فرج إلخ ) أي بمقابله من غير حائل يغلب معه على الظن عدم وصول النجاسة لما فوقه وذلك بأن لا يكون حائل أصلا أو كان ولكن يغلب على الظن معه وصول النجاسة لما فوقه لرقته ( قوله : إلا أن تعلم إلخ ) أشار بهذا إلى أن محل الحرمة إذا علمت النجاسة أو ظنت أو شك فيها ، وأما إذا علمت الطهارة أو ظنت جازت الصلاة ( قوله : وأما العالم ) أي بالاستبراء فيصلي بمحاذي فرجه وهل يقيد جواز الصلاة في محاذي فرج العالم بالاستبراء بما إذا اتفقا مذهبا أو لا يقيد بذلك بل يجوز مطلقا اتفقا مذهبا أو لا إلا أن يخبر بالنجاسة كذا نظر بعضهم قال شيخنا والظاهر أنه يقيد بذلك .

واعلم أن حكم فوط الحمام إن كان لا يدخله إلا المسلمون المتحفظون الطهارة وإلا فالأولى غسل الجسد والثوب الذي يلبس عليه قبل غسله للاحتياط إلا أن يتيقن النجاسة هذا محصل ما ذكروه




الخدمات العلمية