الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      من قرأ: {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى} ؛ فهو إخبار عما جرت به العادة في إهلاك من تقدم من الأمم؛ والمعنى: وكذلك أخذ ربك من أخذه من الأمم السالفة المهلكة إذ أخذهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقراءة الجماعة على أنه مصدر؛ فالمعنى: وكذلك أخذ ربك من أراد إهلاكه متى أخذه.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 456 ] ذلك يوم مجموع له الناس : لم يقل: (مجموعون) ؛ لأن {الناس} اسم ما لم يسم فاعله، فإن قدرت ارتفاع {الناس} بالابتداء، والخبر مجموع له ؛ فإنما لم يقل: (مجموعون) على هذا التقدير؛ لأن {له} قام مقام الفاعل.

                                                                                                                                                                                                                                      يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه : قوله: لا تكلم صفة لـ {يوم} ؛ والتقدير: يوم يأت ما وعدتم به، ولا يجوز أن يكون فاعل {يأت} ضمير (اليوم) المذكور؛ لأنه لا يضاف إلى ما هو هو، أو ما جرى مجرى ذلك، وفي الكلام حذف العائد؛ والتقدير: يوم يأت لا تكلم فيه نفس إلا بإذنه.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن ضم السين من {سعدوا} ؛ فهو محمول على قولهم: (مسعود)، وهو شاذ قليل؛ لأنه لا يقال: (سعده الله)، إنما يقال: (أسعده الله)، و (مسعود): إنما هو على تقدير حذف الزيادة، وكذلك {سعدوا} ؛ كأن تقديره: (أسعدوا) ؛ فحذف الزائد.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن فتح السين؛ فهي غير منقولة بالهمزة، والمعنى: سعدوا هم بإسعاد الله تعالى إياهم.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {وإن كلا} ؛ بالتخفيف؛ [فهو على أنها (إن) المخففة] [ ص: 457 ] من الثقيلة، معملة، ومن شدد؛ جاء بها على أصلها.

                                                                                                                                                                                                                                      وزعم الفراء: أن نصب قوله: {كلا} في قراءة من خفف بقوله: {ليوفينهم}، وأنكر ذلك جميع النحويين؛ لأنه لا يجوز: (زيدا لأضربنه).

                                                                                                                                                                                                                                      ومن خفف (لما) ؛ فعلى أن (ما) زائدة، واللام للتوكيد؛ والتقدير: وإن كلا ليوفينهم ربك أعمالهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: دخلت (ما) لتفصل بين اللامين اللتين تتلقيان القسم، وكلاهما مفتوح، ففصل بينهما بـ (ما).

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: ليست زائدة، بل هي اسم دخل عليها لام التوكيد، وهي خبر {إن}، و {ليوفينهم}: جواب القسم؛ التقدير: وإن كلا لخلق ليوفينهم.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 458 ] ومن شدد {لما}، ولم ينون؛ فالأصل فيها في قول بعضهم: (لمن ما)، فقلبت النون ميما؛ للإدغام، وحذفت؛ لاجتماع الميمات، و (ما) على هذا زائدة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: الأصل: (لمن ما)، فحذفت الميم المكسورة؛ لاجتماع الميمات؛ والتقدير: وإن كلا لمن خلق ليوفينهم ربك أعمالهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن {لما} مصدر (لم)، وجاءت بغير تنوين؛ حملا للوصل على الوقف، فهي على هذا كقوله: وتأكلون التراث أكلا لما [الفجر: 18]؛ أي: جامعا للمال المأكول؛ فالتقدير على هذا: وإن كلا ليوفينهم ربك أعمالهم توفية لما؛ أي: جامعة لأعمالهم جمعا، فهو كقولك: قياما لأقومن، وكذلك معنى قراءة من قرأ: {لما} ؛ بالتنوين.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن {لما} بمعنى: (إلا)، حكى أهل اللغة: (سألتك بالله لما فعلت) ؛ بمعنى: إلا فعلت.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 459 ] المازني: أصلها: (لما) مخففة؛ فشددت.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو عبيد: يجوز أن يكون التشديد من قولهم: (لممت الشيء) ؛ إذا جمعته، ثم بني منه (فعلى) ؛ كما بني {تترا} [المؤمنون: 44]؛ فالألف على هذا للتأنيث، وتمال على هذا القول لأصحاب الإمالة.

                                                                                                                                                                                                                                      وضم الكاف وفتحها من ولا تركنوا : لغتان بمعنى؛ حكي: (ركن يركن)، و (ركن يركن، ويركن).

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 460 ] وتقدم القول في مثل كسر التاء من فتمسكم النار .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وزلفا من الليل : من ضم الزاي واللام؛ فالواحدة: (زلفة) ؛ كـ (بسرة) و (بسر) في لغة من ضم السين، ومن أسكن؛ فالواحدة: (زلفة)، فجمعه جمع الأجناس التي هي أشخاص؛ كـ (درة، ودر)، و (برة، وبر)، ومن فتح اللام؛ فهو كـ (غرفة، وغرف).

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {وأتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه} ؛ فهو على تقدير حذف المضاف؛ والتقدير: وأتبعوا جزاء ما أترفوا فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {واتبع} ؛ فالمعنى: أنهم اتبعوا النعم التي أعطوها في الدنيا، ونسوا الآخرة.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 461 ] وكلا نقص عليك : نصب قوله: {كلا} بـ {نقص}.

                                                                                                                                                                                                                                      الأخفش: {كلا}: حال مقدمة؛ كقولك: (كلا ضربت القوم).

                                                                                                                                                                                                                                      و {ما} في قوله: ما نثبت : بدل من قوله: {كلا}.

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية