قال المصنف رحمه الله تعالى ( ويجوز لقوله صلى الله عليه وسلم { الكلام في الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله تعالى أباح فيه الكلام } والأفضل أن لا يتكلم ، لما روى الطواف أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { أبو هريرة بالبيت سبعا لم يتكلم فيه إلا بسبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله كتب الله له عشر حسنات ، ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات } ) . من طاف
التالي
السابق
( الشرح ) حديث " الطواف بالبيت صلاة " سبق بيانه في أوائل أحكام الطواف ، وذكرنا أن الصحيح أنه موقوف على لا مرفوع . وأما حديث ابن عباس فغريب لا أعلم من رواه . وذكر أبي هريرة الشافعي بإسنادهما الصحيح عن والبيهقي قال { ابن عمر } وبإسنادهما الصحيح عن أقلوا الكلام في الطواف إنما أنتم في صلاة قال " طفت خلف عطاء ابن عمر فما سمعت واحدا منهما متكلما حتى فرغ من طوافه " ( أما الأحكام ) فقال وابن عباس والأصحاب : يجوز الكلام في الطواف ولا يبطل به ولا يكره ، لكن الأولى تركه إلا أن يكون كلاما في خير ، [ ص: 63 ] كأمر بمعروف أو نهي عن منكر أو تعليم جاهل أو جواب فتوى ونحو ذلك ، وقد ثبت عن الشافعي { ابن عباس بالكعبة بإنسان ربط يده إلى إنسان بسير أو بخيط أو شيء غير ذلك ، فقطعه النبي صلى الله عليه وسلم بيده ثم قال : قد بيده } رواه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر وهو يطوف البخاري . وهذا القطع محمول على أنه لم يكره إزالة هذا المنكر إلا بقطعه ، أو أنه أدل على صاحبه فتصرف فيه . قال أصحابنا وغيرهم : ينبغي له أن يكون في طوافه خاشعا متخشعا حاضر القلب ملازم الأدب بظاهره وباطنه وفي هيئته وحركته ونظره ، فإن الطواف صلاة فيتأدب بآدابها ويستشعر بقلبه عظمة من يطوف ببيته . ويكره له ومسلم ، وكراهة الشرب أخف ، ولا يبطل الطواف بواحد منهما ولا بهما جميعا . قال الأكل والشرب في الطواف : لا بأس بشرب الماء في الطواف ولا أكرهه ، بمعنى المأثم ، لكني أحب تركه لأن تركه أحسن في الأدب . وممن نص على كراهة الأكل والشرب وأن الشرب أخف صاحب الحاوي ، قال الشافعي في الإملاء : روي عن الشافعي أنه شرب وهو يطوف . قال وروي من وجه لا يثبت { ابن عباس } قال أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب وهو يطوف : لعله أراد حديث البيهقي { ابن عباس } وهو حديث غريب بهذا اللفظ والله أعلم . أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب ماء في الطواف
( فرع ) ، كما يكره ذلك في الصلاة إلا أن يحتاج إليه أو يتثاءب ، فإن السنة وضع اليد على الفم عند التثاؤب ، لحديث يكره للطائف وضع يده على فيه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبي سعيد الخدري } رواه إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فيه ، فإن الشيطان يدخله . مسلم
( فرع ) ، كما يكره ذلك [ ص: 64 ] في الصلاة ، يكره أن يشبك أصابعه أو يفرقع بها ، أو وهو شديد التوقان إلى الأكل ، وما في معنى ذلك ، كما تكره الصلاة في هذه الأحوال . ويكره أن يطوف وهو يدافع البول أو الغائط أو الريح
( فرع ) ، من امرأة أو أمرد حسن الصورة ، فإنه يحرم النظر إلى الأمرد والحسن بكل حال إلا لحاجة شرعية كما جزم به يلزمه أن يصون نظره عمن لا يحل النظر إليه المصنف في كتاب النكاح ، وسنوضحه هناك إن شاء الله تعالى ، لا سيما في هذا الموطن الشريف ، ويصون نظره وقلبه عن احتقار من يراه من الضعفاء وغيرهم ، كمن في بدنه نقص ، وكمن جهل شيئا من المناسك أو غلط فيه ، وينبغي أن يعلم الصواب برفق . وقد جاءت أشياء كثيرة في تعجيل عقوبة كثير ممن أساء الأدب في الطواف كمن نظر امرأة ونحوها . وذكر الأزرقي من ذلك جملا في تاريخ مكة ، وهذا الأمر مما يتأكد الاعتناء به لأنه في أشرف الأرض والله أعلم .