قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=19nindex.php?page=treesubj&link=28979_30780إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح .
المراد بالفتح هنا في هذه الآية عند جمهور العلماء : الحكم وذلك أن
قريشا لما أرادوا الخروج إلى غزوة
بدر تعلقوا بأستار
الكعبة ، وزعموا أنهم قطان بيت الله الحرام ، وأنهم يسقون الحجيج ، ونحو ذلك ، وأن
محمدا صلى الله عليه وسلم فرق الجماعة ، وقطع الرحم ، وسفه الآباء ، وعاب الدين ، ثم سألوا الله أن يحكم بينهم ، وبين النبي صلى الله عليه وسلم ، بأن يهلك الظالم منهم ، وينصر المحق ، فحكم الله بذلك وأهلكهم ، ونصره ، وأنزل الآية ، ويدل على أن المراد بالفتح هنا الحكم أنه تعالى أتبعه بما يدل على أن الخطاب لكفار
مكة ، وهو قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=19وإن تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا نعد [ 8 \ 19 ] ، ويبين ذلك إطلاق الفتح بمعنى الحكم في القرآن في قوله عن
شعيب وقومه :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=89على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين [ 7 \ 87 ] ، أي احكم بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الحاكمين ، ويدل لذلك قوله تعالى : عن
شعيب في نفس القصة
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=87وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين [ 7 \ 87 ] ، وهذه لغة
حمير ؛ لأنهم يسمون القاضي فتاحا والحكومة فتاحة .
ومنه قول الشاعر : [ الوافر ]
ألا أبلغ بني عمرو رسولا بأني عن فتاحتكم غني
أي عن حكومتكم وقضائكم ، أما ما ذكره بعض أهل العلم من أن الخطاب في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=19إن تستفتحوا للمؤمنين ، أي : تطلبوا الفتح والنصر من الله ، وأن الخطاب في قوله بعده :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=19وإن تنتهوا فهو خير لكم للكافرين ، فهو غير ظاهر ، كما ترى .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=19nindex.php?page=treesubj&link=28979_30780إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ .
الْمُرَادُ بِالْفَتْحِ هُنَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ : الْحُكْمُ وَذَلِكَ أَنَّ
قُرَيْشًا لَمَّا أَرَادُوا الْخُرُوجَ إِلَى غَزْوَةِ
بَدْرٍ تَعَلَّقُوا بِأَسْتَارِ
الْكَعْبَةِ ، وَزَعَمُوا أَنَّهُمْ قُطَّانُ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ ، وَأَنَّهُمْ يَسْقُونَ الْحَجِيجَ ، وَنَحْوَ ذَلِكَ ، وَأَنَّ
مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ الْجَمَاعَةَ ، وَقَطَعَ الرَّحِمَ ، وَسَفَّهَ الْآبَاءَ ، وَعَابَ الدِّينَ ، ثُمَّ سَأَلُوا اللَّهَ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ، وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بِأَنْ يُهْلِكَ الظَّالِمَ مِنْهُمْ ، وَيَنْصُرَ الْمُحِقَّ ، فَحَكَمَ اللَّهُ بِذَلِكَ وَأَهْلَكَهُمْ ، وَنَصَرَهُ ، وَأَنْزَلَ الْآيَةَ ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَتْحِ هُنَا الْحُكْمُ أَنَّهُ تَعَالَى أَتْبَعَهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخِطَابَ لِكُفَّارِ
مَكَّةَ ، وَهُوَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=19وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ [ 8 \ 19 ] ، وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ إِطْلَاقُ الْفَتْحِ بِمَعْنَى الْحُكْمِ فِي الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ عَنْ
شُعَيْبٍ وَقَوْمِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=89عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ [ 7 \ 87 ] ، أَيِ احْكُمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : عَنْ
شُعَيْبٍ فِي نَفْسِ الْقِصَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=87وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ [ 7 \ 87 ] ، وَهَذِهِ لُغَةُ
حِمْيَرَ ؛ لِأَنَّهُمْ يُسَمُّونَ الْقَاضِيَ فَتَّاحًا وَالْحُكُومَةَ فَتَّاحَةً .
وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ : [ الْوَافِرُ ]
أَلَا أَبْلِغْ بَنِي عَمْرٍو رَسُولًا بِأَنِّي عَنْ فُتَاحَتِكُمْ غَنِيٌّ
أَيْ عَنْ حُكُومَتِكُمْ وَقَضَائِكُمْ ، أَمَّا مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَنَّ الْخِطَابَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=19إِنْ تَسْتَفْتِحُوا لِلْمُؤْمِنِينَ ، أَيْ : تَطْلُبُوا الْفَتْحَ وَالنَّصْرَ مِنَ اللَّهِ ، وَأَنَّ الْخِطَابَ فِي قَوْلِهِ بَعْدَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=19وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِلْكَافِرِينَ ، فَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ ، كَمَا تَرَى .