الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        2717 حدثنا مالك بن إسماعيل حدثنا زهير عن حميد عن أنس رضي الله عنه قال كان للنبي صلى الله عليه وسلم ناقة تسمى العضباء لا تسبق قال حميد أو لا تكاد تسبق فجاء أعرابي على قعود فسبقها فشق ذلك على المسلمين حتى عرفه فقال حق على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه طوله موسى عن حماد عن ثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( طوله موسى عن حماد عن ثابت عن أنس ) أي رواه مطولا وهذا التعليق وقع في رواية [ ص: 87 ] المستملي وحده هنا ، وموسى هو ابن إسماعيل التبوذكي وحماد هو ابن سلمة ، ووقع في رواية من عدا الهروي بعد سياق رواية زهير ، وقد وصله أبو داود عن موسى بن إسماعيل المذكور وليس سياقه بأطول من سياق زهير بن معاوية عن حميد ، نعم هو أطول من سياق أبي إسحاق الفزاري فتترجح رواية المستملي ، وكأنه اعتمد رواية أبي إسحاق لما وقع فيها من التصريح بسماع حميد من أنس ، وأشار إلى أنه روي مطولا من طريق ثابت ثم وجده من رواية حميد أيضا مطولا فأخرجه والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لا تسبق قال حميد أو لا تكاد تسبق ) شك منه ، وهو موصول بالإسناد المذكور ، وفي بقية الروايات بغير شك ، وقوله : ( أن لا يرتفع شيء من الدنيا ) وفي رواية موسى بن إسماعيل " أن لا يرفع شيئا " وكذا للمصنف في الرقاق ، وكذا قال النفيلي عن زهير عند أبي داود ، وفي رواية شعبة عند النسائي " أن لا يرفع شيء نفسه في الدنيا " وقوله فجاء أعرابي فسبقها " في رواية ابن المبارك وغيره عن حميد عند أبي نعيم " فسابقها فسبقها " وفي رواية شعبة " سابق رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرابي " ولم أقف على اسم هذا الأعرابي بعد التتبع الشديد .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( على قعود ) بفتح القاف ما استحق الركوب من الإبل ، قال الجوهري هو البكر حتى يركب وأقل ذلك أن يكون ابن سنتين إلى أن يدخل السادسة فيسمى جملا . وقال الأزهري : لا يقال إلا للذكر ، ولا يقال للأنثى قعودة وإنما يقال لها قلوص ، قال : وقد حكى الكسائي في " النوادر " قعودة للقلوص ، وكلام الأكثر على خلافه ، وقال الخليل : القعودة من الإبل ما يقعده الراعي لحمل متاعه ، والهاء فيه للمبالغة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حتى عرفه ) أي عرف أثر المشقة ، وفي رواية المصنف في الرقاق " فلما رأى ما في وجوههم وقالوا سبقت العضباء " الحديث . والعضباء بفتح المهملة وسكون المعجمة بعدها موحدة ومد هي المقطوعة الأذن أو المشقوقة ، وقال ابن فارس : كان ذلك لقبا لها لقوله تسمى العضباء . ولقوله " يقال لها العضباء " ولو كانت تلك صفتها لم يحتج لذلك ، وقال الزمخشري : العضباء منقول من قولهم ناقة عضباء أي قصيرة اليد ، واختلف هل العضباء هي القصواء أو غيرها ؟ فجزم الحربي بالأول وقال : تسمى العضباء والقصواء والجدعاء ، وروى ذلك ابن سعد عن الواقدي . وقال غيره بالثاني وقال : الجدعاء كانت شهباء وكان لا يحمله عند نزول الوحي غيرها ، وذكر له عدة نوق غير هذه تتبعها من اعتنى بجمع السيرة . وفي الحديث اتخاذ الإبل للركوب والمسابقة عليها ، وفيه التزهيد في الدنيا للإشارة إلى أن كل شيء منها لا يرتفع إلا اتضع . وفيه الحث على التواضع . وفيه حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم وتواضعه وعظمته في صدور أصحابه .

                                                                                                                                                                                                        60 باب الغزو على الحمير قوله ( باب الغزو على الحمير ) كذا في رواية المستملي وحده بغير حديث ، وضم النسفي هذه الترجمة التي بعدها فقال " باب الغزو على الحمير ، وبغلة النبي صلى الله عليه وسلم البيضاء " ولم يتعرض لذلك أحد من الشراح ، وهو مشكل على الحالين ، لكن في رواية المستملي أسهل لأنه يحمل على أنه وضع الترجمة وأخلى بياضا للحديث اللائق بها فاستمر ذلك ، وكأنه أراد أن يكتب طريقا لحديث معاذ " كنت ردف النبي صلى الله [ ص: 88 ] عليه وسلم على حمار يقال له عفير " وقد تقدم قريبا في " باب اسم الفرس والحمار " وكونه كان راكبه يحتمل أن يكون في الحضر وفي السفر فيحصل مقصود الترجمة على طريقة من لا يفرق بين المطلق والعام والله أعلم ، وأما رواية النسفي فليس في حديثي الباب إلا ذكر البغلة خاصة ، ويمكن أن يكون أخلى آخر الباب بياضا كما قلنا في رواية المستملي ، أو يؤخذ حكم الحمار من البغلة . وقد أخرج عبد بن حميد من حديث أنس " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوم خيبر على حمار مخطوم بحبل من ليف " وفي سنده مقال .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية