الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      [ ص: 105 ] والفرق بين نظر المظالم ونظر القضاة من عشرة أوجه : أحدها أن لناظر المظالم من فضل الهيبة وقوة اليد ما ليس للقضاة في كف الخصوم عن التجاحد ومنع الظلمة من التغالب والتجاذب .

                                      والثاني : أن نظر المظالم يخرج من ضيق الوجوب إلى سعة الجواز فيكون الناظر فيه أفسح مجالا وأوسع مقالا .

                                      والثالث : أنه يستعمل من فضل الإرهاب وكشف الأسباب بالأمارات الدالة وشواهد الأحوال اللائحة ما يضيق على الحكام فيصل به إلى ظهور الحق ومعرفة المبطل من المحق .

                                      والرابع : أن يقابل من ظهر ظلمه بالتأديب ويأخذ من بان عدوانه بالتقويم والتهذيب .

                                      والخامس : أن له من التأني في ترداد الخصوم عند اشتباه أمورهم واستبهام حقوقهم ، ليمعن في الكشف عن أسبابهم وأحوالهم ما ليس للحكام إذا سألهم أحد الخصمين فصل الحكم فلا يسوغ أن يؤخره الحاكم ويسوغ أن يؤخره والي المظالم .

                                      والسادس : أن له رد الخصوم إذا أعضلوا وساطة الأمناء ليفصلوا التنازع بينهم صلحا عن تراض ، وليس للقاضي ذلك إلا عن رضي الخصمين بالرد .

                                      والسابع : أن يفسح في ملازمة الخصمين إذا وضحت أمارات التجاحد ويأذن في إلزام الكفالة فيما يسوغ فيه التكفل لينقاد الخصوم إلى التناصف ويعدلوا عن التجاحد والتكاذب .

                                      والثامن : أنه يسمع من شهادات المستورين ما يخرج عن عرف القضاة في شهادة المعدلين .

                                      والتاسع : أنه يجوز له إحلاف الشهود عند ارتيابه بهم إذا بدلوا أيمانهم طوعا ويستكثر من عددهم ليزول عنه الشك وينفي عنه الارتياب ; وليس ذلك للحاكم .

                                      والعاشر : أنه يجوز أن يبتدئ باستدعاء الشهود ويسألهم عما عندهم في تنازع الخصوم ، وعادة القضاة تكليف المدعي إحضار بينة ولا يسمعونها إلا بعد مسألته ; فهذه عشرة أوجه يقع بها الفرق بين نظر المظالم ونظر القضاء في التشاجر والتنازع وهما فيما عداهما متساويان ، وسنوضح من تفصيلهما ما نبين به إطلاق ما بينهما من هذه الفروق إن شاء الله تعالى .

                                      التالي السابق


                                      الخدمات العلمية