الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت رجلا له عشرون دينارا قد حال عليها الحول وعليه عشرة دراهم لامرأته نفقة شهر قد كان فرضها عليه القاضي قبل أن يحول الحول بشهر ؟ فقال : يجعل نفقة المرأة في هذه العشرين الدينار ، فإذا انحطت فلا زكاة عليه فيها .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن لم يكن فرض لها القاضي ، ولكنها أنفقت على نفسها شهرا قبل الحول ثم أتبعته بنفقة الشهر وعند [ ص: 328 ] الزوج هذه العشرون الدينار ؟ فقال : تأخذ نفقتها ولا يكون على الزوج فيها زكاة .

                                                                                                                                                                                      قلت : ويلزم الزوج ما أنفقت من مالها وإن لم يفرض لها القاضي ؟ فقال : نعم إذا كان الزوج موسرا ، فإن كان الزوج غير موسر فلا يضمن لها ما أنفقت ، فمسألتك أنها أنفقت وعند الزوج عشرون دينارا فالزوج يتبع بما أنفقت يقضي لها عليه بما أنفقت من مالها ، فإذا قضى لها بذلك عليه حطت العشرون الدينار إلى ما لا زكاة فيها فلا يكون عليه زكاة .

                                                                                                                                                                                      قلت : وهذا قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : أيما امرأة أنفقت على نفسها وزوجها في حضر أو في سفر وهو موسر ، فما أنفقت فهو في مال الزوج إن أتبعته على ما أحب أو كره الزوج مضمونا عليه ، فلما أتبعته به كان ذلك دينا عليه فجعلته في هذه العشرين فبطلت الزكاة عنه .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن كانت هذه النفقة التي على هذا الزوج الذي وصفت لك إنما هي نفقة والدين أو ولد ؟ فقال : لا تكون نفقة الوالدين والولد دينا أبطل به الزكاة عن الرجل ، لأن الوالدين والولد إنما تلزم النفقة لهم إذا ابتغوا ذلك ، وإن أنفقوا ثم طلبوه بما أنفقوا لم يلزمه ما أنفقوا وإن كان موسرا والمرأة تلزمه ما أنفقت قبل أن تطلبه بالنفقة إن كان موسرا .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية