الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 526 ] فصل في شجاعته صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ذكرت في " التفسير " عن بعض السلف أنه استنبط من قوله تعالى : فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين [ النساء : 84 ] . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مأمورا أن لا يفر من المشركين إذا واجهوه ، ولو كان وحده ، من قوله : لا تكلف إلا نفسك وقد كان صلى الله عليه وسلم من أشجع الناس وأصبر الناس وأجلدهم ، ما فر قط من مصاف ولو تولى عنه أصحابه . قال بعض الصحابة : كنا إذا اشتد الحرب وحمي البأس نتقي برسول الله صلى الله عليه وسلم . ففي يوم بدر رمى ألف مشرك بقبضة من حصباء ، فنالتهم أجمعين حين قال : ( شاهت الوجوه وكذلك يوم حنين كما تقدم ، وفر أكثر أصحابه في ثاني الحال يوم أحد وهو ثابت في مقامه لم يبرح منه ، ولم يبق معه إلا اثنا عشر ، قتل منهم سبعة ، وبقي الخمسة ، وفي هذا الوقت قتل أبي بن خلف ، لعنه الله ، فعجله الله إلى النار ، ويوم حنين ولى الناس كلهم ، وكانوا يومئذ اثني عشر ألفا ، وثبت هو في نحو من مائة من أصحابه وهو راكب يومئذ بغلته ، وهو يركض بها إلى نحو العدو ، وهو ينوه باسمه الكريم ويعلن بذلك [ ص: 527 ] قائلا : أنا النبي لا كذب ، أنا ابن عبد المطلب حتى جعل العباس وعلي وأبو سفيان بن الحارث يتعلقون في تلك البغلة ليبطؤوا سيرها ؛ خوفا عليه من أن يصل أحد من الأعداء إليه ، وما زال كذلك حتى نصره الله وأيده في مقامه ذلك ، وما تراجع الناس إلا والأسارى مكبلة بين يديه صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال أبو زرعة حدثنا العباس بن الوليد بن صبح الدمشقي ، حدثنا مروان ، يعني ابن محمد ، حدثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فضلت على الناس بشدة البطش .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية