قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26nindex.php?page=treesubj&link=28983_31899وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=27وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=28فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم .
يفهم من هذه الآية لزوم
nindex.php?page=treesubj&link=16340_16295الحكم بالقرينة الواضحة الدالة على صدق أحد الخصمين وكذب الآخر ; لأن ذكر الله لهذه القصة في معرض تسليم الاستدلال بتلك القرينة على براءة
يوسف يدل على أن الحكم بمثل ذلك حق وصواب ; لأن كون القميص مشقوقا من جهة دبره دليل واضح على أنه هارب عنها ، وهي تنوشه من خلفه ، ولكنه تعالى بين في موضع آخر أن محل
nindex.php?page=treesubj&link=16340_16295_20335العمل بالقرينة ما لم تعارضها [ ص: 216 ] قرينة أقوى منها ، فإن عارضتها قرينة أقوى منها أبطلتها ، وذلك في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=18وجاءوا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل [ 12 \ 18 ] ; لأن أولاد
يعقوب لما جعلوا
يوسف في غيابة الجب ، جعلوا على قميصه دم سخلة ; ليكون وجود الدم على قميصه قرينة على صدقهم في دعواهم أنه أكله الذئب . ولا شك أن الدم قرينة على افتراس الذئب له ، ولكن
يعقوب أبطل قرينتهم هذه بقرينة أقوى منها ، وهي عدم شق القميص ، فقال : سبحان الله ! متى كان الذئب حليما كيسا يقتل
يوسف ولا يشق قميصه ; ولذا صرح بتكذيبه لهم في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=18بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون [ 12 \ 18 ] .
وهذه الآيات المذكورة أصل في الحكم بالقرائن .
ومن أمثلة الحكم بالقرينة :
nindex.php?page=treesubj&link=20335الرجل يتزوج المرأة من غير أن يراها سابقا ، فتزفها إليه ولائد لا يثبت بشهادتهن أن هذه هي فلانة التي وقع عليها العقد ، فيجوز له جماعها من غير احتياج إلى بينة تشهد على عينها أنها هي التي وقع العقد عليها ، اعتمادا على قرينة النكاح .
nindex.php?page=treesubj&link=20335_16340وكالرجل ينزل ضيفا عند قوم ، فتأتيه الوليدة أو الغلام بالطعام ، فيجوز له الأكل من غير احتياج إلى ما يثبت إذن مالك الطعام له في الأكل ، اعتمادا على القرينة .
وكقول
مالك ومن وافقه : إن
nindex.php?page=treesubj&link=20335_16340من شم في فيه ريح الخمر يحد حد الشارب ، اعتمادا على القرينة ; لأن وجود ريحها في فيه قرينة على أنه شربها ، وكمسائل اللوث وغير ذلك .
وقد قدمنا في سورة المائدة صحة الاحتجاج بمثل هذه القرائن ، وأوضحنا بالأدلة القرآنية ، أن التحقيق أن
nindex.php?page=treesubj&link=22123شرع من قبلنا الثابت بشرعنا شرع لنا ، إلا بدليل على النسخ غاية الإيضاح ، والعلم عند الله تعالى .
وقال
القرطبي في تفسير قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=18وجاءوا على قميصه بدم كذب . [ 12 \ 18 ]
استدل الفقهاء بهذه الآية في
nindex.php?page=treesubj&link=16340_20335إعمال الأمارات في مسائل من الفقه ، كالقسامة وغيرها ، وأجمعوا على أن
يعقوب عليه السلام استدل على كذبهم بصحة القميص .
وهكذا يجب على الناظر أن يلحظ الأمارات والعلامات إذا تعارضت ، فما ترجح منها قضى بجانب الترجيح ، وهي قوة التهمة ، ولا خلاف في الحكم بها ، قاله
ابن العربي . اهـ كلام
القرطبي .
[ ص: 217 ] واختلف العلماء في الشاهد في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26وشهد شاهد من أهلها [ 12 \ 26 ] .
فقال بعض العلماء : هو صبي في المهد ، وممن قال ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
والضحاك ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا أنه رجل ذو لحية ، ونحوه عن
الحسن .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم أنه ابن عم لها كان حكيما ، ونحوه عن
قتادة ،
وعكرمة .
وعن
مجاهد أنه ليس بإنسي ، ولا جان ، هو خلق من خلق الله .
قال مقيده عفا الله عنه : قول
مجاهد هذا يرده قوله تعالى : من أهلها [ 12 \ 26 ] ; لأنه صريح في أنه إنسي من أهل المرأة . وأظهر الأقوال : أنه صبي ، لما رواه
أحمد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
والبيهقي في الدلائل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007767 " تكلم أربعة وهم صغار : ابن ماشطة فرعون ، وشاهد يوسف ، وصاحب جريج ، وعيسى ابن مريم " اهـ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26nindex.php?page=treesubj&link=28983_31899وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=27وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=28فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ .
يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ لُزُومُ
nindex.php?page=treesubj&link=16340_16295الْحُكْمِ بِالْقَرِينَةِ الْوَاضِحَةِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ وَكَذِبِ الْآخَرِ ; لِأَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ لِهَذِهِ الْقِصَّةِ فِي مَعْرِضِ تَسْلِيمِ الِاسْتِدْلَالِ بِتِلْكَ الْقَرِينَةِ عَلَى بَرَاءَةِ
يُوسُفَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ بِمِثْلِ ذَلِكَ حَقٌّ وَصَوَابٌ ; لِأَنَّ كَوْنَ الْقَمِيصِ مَشْقُوقًا مِنْ جِهَةِ دُبُرِهِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّهُ هَارِبٌ عَنْهَا ، وَهِيَ تَنُوشُهُ مِنْ خَلْفِهِ ، وَلَكِنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ مَحَلَّ
nindex.php?page=treesubj&link=16340_16295_20335الْعَمَلِ بِالْقَرِينَةِ مَا لَمْ تُعَارِضْهَا [ ص: 216 ] قَرِينَةٌ أَقْوَى مِنْهَا ، فَإِنْ عَارَضَتْهَا قَرِينَةٌ أَقْوَى مِنْهَا أَبْطَلَتْهَا ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=18وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ [ 12 \ 18 ] ; لِأَنَّ أَوْلَادَ
يَعْقُوبَ لَمَّا جَعَلُوا
يُوسُفَ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ ، جَعَلُوا عَلَى قَمِيصِهِ دَمَ سَخْلَةٍ ; لِيَكُونَ وُجُودُ الدَّمِ عَلَى قَمِيصِهِ قَرِينَةً عَلَى صِدْقِهِمْ فِي دَعْوَاهُمْ أَنَّهُ أَكَلَهُ الذِّئْبُ . وَلَا شَكَّ أَنَّ الدَّمَ قَرِينَةٌ عَلَى افْتِرَاسِ الذِّئْبِ لَهُ ، وَلَكِنَّ
يَعْقُوبَ أَبْطَلَ قَرِينَتَهُمْ هَذِهِ بِقَرِينَةٍ أَقْوَى مِنْهَا ، وَهِيَ عَدَمُ شَقِّ الْقَمِيصِ ، فَقَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ! مَتَى كَانَ الذِّئْبُ حَلِيمًا كَيِّسًا يَقْتُلُ
يُوسُفَ وَلَا يَشُقُّ قَمِيصَهُ ; وَلِذَا صَرَّحَ بِتَكْذِيبِهِ لَهُمْ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=18بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ [ 12 \ 18 ] .
وَهَذِهِ الْآيَاتُ الْمَذْكُورَةُ أَصْلٌ فِي الْحُكْمِ بِالْقَرَائِنِ .
وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْحُكْمِ بِالْقَرِينَةِ :
nindex.php?page=treesubj&link=20335الرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرَاهَا سَابِقًا ، فَتَزُفُّهَا إِلَيْهِ وَلَائِدُ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِنَّ أَنَّ هَذِهِ هِيَ فُلَانَةٌ الَّتِي وَقَعَ عَلَيْهَا الْعَقْدُ ، فَيَجُوزُ لَهُ جِمَاعُهَا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إِلَى بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَى عَيْنِهَا أَنَّهَا هِيَ الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا ، اعْتِمَادًا عَلَى قَرِينَةِ النِّكَاحِ .
nindex.php?page=treesubj&link=20335_16340وَكَالرَّجُلِ يَنْزِلُ ضَيْفًا عِنْدَ قَوْمٍ ، فَتَأْتِيهِ الْوَلِيدَةُ أَوِ الْغُلَامُ بِالطَّعَامِ ، فَيَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إِلَى مَا يُثْبِتُ إِذْنَ مَالِكِ الطَّعَامِ لَهُ فِي الْأَكْلِ ، اعْتِمَادًا عَلَى الْقَرِينَةِ .
وَكَقَوْلِ
مَالِكٍ وَمَنْ وَافَقَهُ : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=20335_16340مَنْ شُمَّ فِي فِيهِ رِيحُ الْخَمْرِ يُحَدُّ حَدَّ الشَّارِبِ ، اعْتِمَادًا عَلَى الْقَرِينَةِ ; لِأَنَّ وُجُودَ رِيحِهَا فِي فِيهِ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ شَرِبَهَا ، وَكَمَسَائِلَ اللَّوْثِ وَغَيْرِ ذَلِكَ .
وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ صِحَّةَ الِاحْتِجَاجِ بِمِثْلِ هَذِهِ الْقَرَائِنِ ، وَأَوْضَحْنَا بِالْأَدِلَّةِ الْقُرْآنِيَّةِ ، أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=22123شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا الثَّابِتَ بِشَرْعِنَا شَرْعٌ لَنَا ، إِلَّا بِدَلِيلٍ عَلَى النَّسْخِ غَايَةَ الْإِيضَاحِ ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .
وَقَالَ
الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=18وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ . [ 12 \ 18 ]
اسْتَدَلَّ الْفُقَهَاءُ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=16340_20335إِعْمَالِ الْأَمَارَاتِ فِي مَسَائِلَ مِنَ الْفِقْهِ ، كَالْقَسَامَةِ وَغَيْرِهَا ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ
يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ اسْتَدَلَّ عَلَى كَذِبِهِمْ بِصِحَّةِ الْقَمِيصِ .
وَهَكَذَا يَجِبُ عَلَى النَّاظِرِ أَنْ يَلْحَظَ الْأَمَارَاتِ وَالْعَلَامَاتِ إِذَا تَعَارَضَتْ ، فَمَا تَرَجَّحَ مِنْهَا قَضَى بِجَانِبِ التَّرْجِيحِ ، وَهِيَ قُوَّةُ التُّهْمَةِ ، وَلَا خِلَافَ فِي الْحُكْمِ بِهَا ، قَالَهُ
ابْنُ الْعَرَبِيِّ . اهـ كَلَامُ
الْقُرْطُبِيِّ .
[ ص: 217 ] وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الشَّاهِدِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا [ 12 \ 26 ] .
فَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : هُوَ صَبِيٌّ فِي الْمَهْدِ ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَالضَّحَّاكُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ .
وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّهُ رَجُلٌ ذُو لِحْيَةٍ ، وَنَحْوَهُ عَنِ
الْحَسَنِ .
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ ابْنُ عَمٍّ لَهَا كَانَ حَكِيمًا ، وَنَحْوَهُ عَنْ
قَتَادَةَ ،
وَعِكْرِمَةَ .
وَعَنْ
مُجَاهِدٍ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِنْسِيٍّ ، وَلَا جَانٍّ ، هُوَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ .
قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ : قَوْلُ
مُجَاهِدٍ هَذَا يَرُدُّهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : مِنْ أَهْلِهَا [ 12 \ 26 ] ; لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إِنْسِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْمَرْأَةِ . وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ : أَنَّهُ صَبِيٌّ ، لِمَا رَوَاهُ
أَحْمَدُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ ،
وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007767 " تَكَلَّمَ أَرْبَعَةٌ وَهُمْ صِغَارٌ : ابْنُ مَاشِطَةِ فِرْعَوْنَ ، وَشَاهِدُ يُوسُفَ ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ ، وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ " اهـ .