الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        3305 حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا المغيرة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الناس تبع لقريش في هذا الشأن مسلمهم تبع لمسلمهم وكافرهم تبع لكافرهم والناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا تجدون من خير الناس أشد الناس كراهية لهذا الشأن حتى يقع فيه

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        وثالثها : قوله : ( الناس تبع لقريش ) بمعنى الأمر ، ويدل عليه قوله في رواية أخرى قدموا قريشا ولا تقدموها أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح ، لكنه مرسل وله شواهد ، وقيل هو خبر على ظاهره ، والمراد بالناس بعض الناس وهم سائر العرب من غير قريش ، وقد جمعت في ذلك تأليفا سميته " لذة العيش ، بطرق الأئمة من قريش " وسأذكر مقاصده في كتاب الأحكام مع إيضاح هذه المسألة . قال عياض : استدل الشافعية بهذا الحديث على إمامة الشافعي وتقديمه على غيره ، ولا حجة فيه لأن المراد به هنا الخلفاء . وقال القرطبي : صحبت المستدل بهذا غفلة مقارنة لصميم التقليد . وتعقب بأن مراد المستدل أن القرشية من أسباب الفضل والتقدم كما أن من أسباب التقدم الورع مثلا ، فالمستويان في خصال الفضل إذا تميز أحدهما بالورع مثلا كان مقدما على رفيقه ، فكذلك القرشية ، فثبت الاستدلال بها على تقدم الشافعي ومزيته على من ساواه في العلم والدين لمشاركته له في الصفتين وتميز عليه بالقرشية ، وهذا واضح ، ولعل الغفلة والعصبية صحبت القرطبي فلله الأمر . وقوله " كافرهم تبع لكافرهم " وقع مصداق ذلك ; لأن العرب كانت تعظم قريشا في الجاهلية بسكناها الحرم ، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم ودعا إلى الله توقف غالب العرب عن اتباعه وقالوا ننظر ما يصنع قومه ، فلما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة وأسلمت قريش تبعتهم العرب ودخلوا في دين الله أفواجا ، واستمرت خلافة النبوة في قريش ، فصدق أن كافرهم كان تبعا لكافرهم وصار مسلمهم تبعا لمسلمهم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية