الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        3359 حدثنا أبو نعيم حدثنا زهير عن أبي إسحاق قال سئل البراء أكان وجه النبي صلى الله عليه وسلم مثل السيف قال لا بل مثل القمر

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الحديث التاسع حديث البراء أيضا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا زهير ) هو ابن معاوية وأبو إسحاق هو السبيعي .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( سئل البراء ) في رواية الإسماعيلي من طريق أحمد بن يونس عن زهير " حدثنا أبو إسحاق عن البراء قال له رجل " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( مثل السيف قال لا بل مثل القمر ) كأن السائل أراد أنه مثل السيف في الطول ، فرد عليه البراء فقال : " بل مثل القمر " أي في التدوير ، ويحتمل أن يكون أراد مثل السيف في اللمعان والصقال فقال : بل فوق ذلك ، وعدل إلى القمر لجمعه الصفتين من التدوير واللمعان : ووقع في رواية زهير المذكورة " أكان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حديدا مثل السيف ؟ " وهو يؤيد الأول . وقد أخرج مسلم من حديث جابر بن سمرة " أن رجلا قال له : أكان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل السيف قال : لا بل مثل الشمس والقمر مستديرا " وإنما قال : " مستديرا " للتنبيه على أنه جمع الصفتين ، لأن قوله " مثل السيف " يحتمل أن يريد به الطول أو اللمعان ، فرده المسئول ردا بليغا . ولما جرى التعارف في أن التشبيه بالشمس إنما يراد به غالبا الإشراق ، والتشبيه بالقمر إنما يراد به الملاحة دون غيرهما ، أتى بقوله : " وكان مستديرا " إشارة إلى أنه أراد التشبيه بالصفتين معا : الحسن والاستدارة . ولأحمد وابن سعد وابن حبان عن أبي هريرة " ما رأيت شيئا أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كأن الشمس تجري في جبهته " قال الطيبي : شبه جريان الشمس في فلكها بجريان الحسن في وجهه صلى الله عليه وسلم ، وفيه عكس التشبيه للمبالغة ، قال : ويحتمل أن يكون من باب تناهي التشبيه جعل وجهه مقرا ومكانا للشمس . وروى يعقوب بن سفيان في تاريخه من طريق يونس بن أبي يعفور عن أبي إسحاق السبيعي عن امرأة من همدان قالت : " حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت لها : شبهيه . قالت : كالقمر ليلة البدر ، لم أر قبله ولا بعده مثله " وفي حديث الربيع بنت معوذ " لو رأيته لرأيت الشمس طالعة " أخرجه الطبراني والدارمي ، وفي حديث يزيد الرقاشي المتقدم قريبا عن ابن عباس " جميل دوائر الوجه ، قد ملأت لحيته من هذه إلى هذه حتى كادت تملأ نحره " وروى الذهلي في " الزهريات " من حديث أبي هريرة في صفته صلى الله عليه وسلم " كان أسيل الخدين ، شديد سواد الشعر ، أكحل العينين ، أهدب الأشفار " الحديث . وكأن قوله : " أسيل الخدين " هو الحامل على من سأل : أكان وجهه مثل السيف ووقع في حديث علي عند أبي عبيد في الغريب " وكان في [ ص: 663 ] وجهه تدوير " قال أبو عبيد في شرحه : يريد أنه لم يكن في غاية من التدوير بل كان فيه سهولة ، وهي أحلى عند العرب .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية