الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          قال تعالى : فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا ، أي : فلا تتبعوا الهوى وميل النفس إلى أحد ممن كلفتم العدل فيهم ، أو الشهادة لهم أو عليهم ، كراهة أن تعدلوا ، بل آثروا العدل على الهوى ، فبذلك يستقيم الأمر في الورى ، أو لا تتبعوا الهوى لئلا تعدلوا عن الحق إلى الباطل ، فالهوى مزلة الأقدام وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا ، كتبت : تلووا في المصحف الإمام بواو واحدة لتحتمل القراءتين المتواترتين ، وهي قراءة الكوفيين تلوا ، بضم اللام وإسكان الواو من الولاية ، وقراءة الباقين بسكون اللام وضم الواو من اللي والمعنى على الأول : وإن تلوا أمر الشهادة وتؤدوها أو تعرضوا عن تأديتها وتكتموها ، فإن الله كان خبيرا بعملكم لا يخفى عليه قصدكم ونيتكم فيه ، وعلى الثاني : وإن تلووا ألسنتكم بالشهادة وتحرفوها ، أو تعرضوا عنها فلا تؤدوها ، فإن الله كان بعملكم هذا خبيرا فيجازيكم عليه ، وقد ذكرهم هنا بكونه خبيرا ولم يقل عليما ; لأن الخبرة هي العلم بدقائق الأمور وخفاياها ، فهي التي تناسب هذا المقام الذي تختلف فيه النيات ، ويكثر فيه الغش والاحتيال حتى إن الإنسان ليغش نفسه ويلتمس لها العذر في كتمان الشهادة أو التحريف فيها ، فهل يتدبر المسلمون الآية كما أمرهم الله بتدبر القرآن فيقيموا العدل والشهادة بالحق ، أم يعملون برأي أهل الحيل الذين يزعمون أن الله كلفهم اتباعهم دون اتباع كتابه والاهتداء به ؟ !

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية