الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الجنس الثالث

[ ما يتبعه في التدبير ]

فأما ما يتبعه في التدبير مما لا يتبعه ، فإن مسائلهم المشهورة في هذا الباب اختلافهم في ولد المدبرة الذين تلدهم بعد تدبير سيدها من نكاح أو زنى ، فقال الجمهور : ولدها بعد تدبيرها بمنزلتها يعتقون بعتقها ويرقون برقها ، وقال الشافعي في قوله المختار عند أصحابه : إنهم لا يعتقون بعتقها . وأجمعوا على أنه إذا أعتقها سيدها في حياته أنهم يعتقون بعتقها .

وعمدة الشافعية أنهم إذا لم يعتقوا في العتق المنجز فأحرى أن لا يعتقوا في العتق المؤجل بالشرط . واحتج أيضا بإجماعهم على أن الموصى لها بالعتق لا يدخل فيه بنوها .

والجمهور رأوا أن التدبير حرمة ما ، فأوجبوا اتباع الولد تشبيها بالكتابة ، وقول الجمهور مروي عن عثمان ، وابن مسعود وابن عمر ، وقول الشافعي مروي عن عمر بن عبد العزيز ، وعطاء بن أبي رباح ومكحول .

وتحصيل مذهب مالك في هذا أن كل امرأة فولدها تبع لها ، إن كانت حرة فحر ، وإن كانت مكاتبة فمكاتب ، وإن كانت مدبرة فمدبر ، أو معتقة إلى أجل فمعتق إلى أجل ، وكذلك أم الولد ولدها بمنزلتها ، وخالف في ذلك أهل الظاهر ، وكذلك المعتق بعضه عند مالك .

وأجمع العلماء على أن كل ولد من تزويج فهو تابع لأمه في الرق والحرية وما بينهما من العقود المفضية إلى الحرية إلا ما اختلفوا فيه من التدبير ومن أمة زوجها عربي .

وأجمعوا على أن كل ولد من ملك يمين أنه تابع لأبيه ، إن حرا فحر ، وإن عبدا فعبد ، وإن مكاتبا فمكاتب .

واختلفوا في المدبر إذا تسرى فولد له ، فقال مالك : حكمه حكم الأب ( يعني : أنه المدبر ) ، وقال الشافعي ، وأبو حنيفة : ليس يتبعه ولده في التدبير .

وعمدة مالك الإجماع على أن الولد من ملك اليمين تابع للأب ما عدا المدبر ، وهو من باب قياس موضع الخلاف على موضع الإجماع .

[ ص: 714 ] وعمدة الشافعية أن ولد المدبر مال من ماله ، ومال المدبر للسيد انتزاعه منه وليس يسلم له أنه مال من ماله ، ويتبعه في الحرية ماله عند مالك .

التالي السابق


الخدمات العلمية