الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ؛ يروى عن ابن مسعود أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - : وهل ينشرح الصدر؟ فقال : " نعم؛ يدخل القلب النور " ؛ فقال ابن مسعود : هل لذلك من علم؟ قال : " نعم؛ التجافي عن دار الغرور؛ والإنابة إلى دار الخلود؛ والاستعداد للموت قبل الموت " . [ ص: 290 ] ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا ؛ يروى عن ابن عباس أنه قال : " الحرج " : موضع الشجر الملتف؛ فكأن قلب الكافر لا تصل إليه الحكمة؛ كما لا تصل الراعية إلى الموضع الذي يلتف فيه الشجر؛ وأهل اللغة أيضا يقولونه : الشجر الملتف يقال له : " الحرج " ؛ و " الحرج " ؛ في اللغة : أضيق الضيق؛ والذي قال ابن عباس صحيح حسن؛ فالمعنى عند أهل اللغة أنه ضيق جدا؛ ويجوز " حرجا " ؛ بكسر الراء؛ فمن قال : " حرجا " ؛ فهو بمنزلة قولهم : " رجل دنف " ؛ لأن قولك : " دنف " ؛ ههنا؛ و " حرج " ؛ ليس من أسماء الفاعلين؛ إنما هو بمنزلة قولهم : " رجل عدل " ؛ أي : " ذو عدل " ؛ وقوله : كأنما يصعد في السماء ؛ و " يصاعد " ؛ أيضا؛ وأصله : " يتصاعد " ؛ و " يتصعد " ؛ إلا أن التاء تدغم في الصاد لقربها منها؛ ومعنى " كأنما يصعد في السماء " - والله أعلم - : كأنه قد كلف أن يصعد إلى السماء إذا دعي إلى الإسلام من ضيق صدره عنه؛ ويجوز أن يكون - والله أعلم - كأن قلبه يصعد في السماء نبوا على الإسلام؛ واستماع الحكمة؛ كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون ؛ أي : مثل قصصنا عليك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون؛ و " الرجس " : اللعنة في الدنيا؛ والعذاب في الآخرة؛

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية