الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

في حكم المحاربين على التأويل

وأما حكم المحاربين على التأويل ، فإن محاربهم الإمام ، فإذا قدر على واحد منهم لم يقتل إلا إذا كانت الحرب قائمة ، فإن مالكا قال : إن للإمام أن يقتله إن رأى ذلك لما يخاف من عونه لأصحابه على المسلمين . وأما إذا أسر بعد انقضاء الحرب ، فإن حكمه حكم البدعي الذي لا يدعو إلى بدعته ، فقيل يستتاب فإن تاب وإلا قتل ، وقيل يستتاب فإن لم يتب يؤدب ولا يقتل ، وأكثر أهل البدع إنما يكفرون بالمآل .

واختلف قول مالك في التكفير بالمآل ( ومعنى التكفير بالمآل : أنهم لا يصرحون بقول هو كفر ، ولكن يصرحون بأقوال يلزم عنها الكفر ، وهم لا يعتقدون ذلك اللزوم ) .

[ ص: 767 ] وأما ما يلزم هؤلاء من الحقوق إذا ظفر بهم ، فحكمهم إذا تابوا أن لا يقام عليهم حد الحرابة ، ولا يؤخذ منهم ما أخذوا من المال إلا أن يوجد بيده فيرد إلى ربه .

وإنما اختلفوا هل يقتل قصاصا بمن قتل ؟ فقيل يقتل وهو قول عطاء ، وأصبغ ، وقال مطرف وابن الماجشون عن مالك : لا يقتل ، وبه قال الجمهور ; لأن كل من قاتل على التأويل فليس بكافر بتة ، أصله قتال الصحابة ، وكذلك الكافر بالحقيقة هو المكذب لا المتأول .

التالي السابق


الخدمات العلمية