الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              [ ص: 42 ] [ ص: 43 ] كل مسألة لا ينبني عليها عمل ; فالخوض فيها خوض فيما لم يدل على استحسانه دليل شرعي ، وأعني بالعمل : عمل القلب وعمل الجوارح ، من حيث هو مطلوب شرعا .

              والدليل على ذلك استقراء الشريعة ; فإنا رأينا الشارع يعرض عما لا يفيد عملا مكلفا به ; ففي القرآن الكريم يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج [ البقرة : 189 ] .

              [ ص: 44 ] فوقع الجواب بما يتعلق به العمل ; إعراضا عما قصده السائل من السؤال عن الهلال : لم يبدو في أول الشهر دقيقا كالخيط ، ثم يمتلئ حتى يصير بدرا ، ثم يعود إلى حالته الأولى ؟ .

              ثم قال : وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها [ البقرة : 189 ] ، بناء على تأويل من تأول أن الآية كلها نزلت في هذا المعنى ; فكان من جملة الجواب أن هذا السؤال في التمثيل إتيان للبيوت من ظهورها ، والبر إنما هو التقوى ، [ ص: 45 ] لا العلم بهذه الأمور التي لا تفيد نفعا في التكليف ، ولا تجر إليه .

              وقال تعالى بعد سؤالهم عن الساعة أيان مرساها : فيم أنت من ذكراها أي : إن السؤال عن هذا سؤال عما لا يعني ; إذ يكفي من علمها أنه لا بد منها ، ولذلك لما سئل عليه الصلاة والسلام عن الساعة ; قال للسائل ما أعددت لها ؟ ; إعراضا عن صريح سؤاله إلى ما يتعلق بها مما فيه فائدة ، ولم يجبه عما سأل .

              وقال تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم [ المائدة : 101 ] .

              نزلت في رجل سأل : من أبي ؟ روي أنه عليه السلام قام يوما يعرف الغضب في وجهه ; فقال : لا تسألوني عن شيء إلا أنبأتكم ، فقام رجل فقال : يا رسول الله من أبي ؟ قال : أبوك حذافة . فنزلت .

              وفي الباب روايات أخر .

              وقال ابن عباس في سؤال بني إسرائيل عن صفات البقرة : " لو ذبحوا بقرة ما لأجزأتهم ولكن شددوا فشدد الله عليهم " ، وهذا يبين أن سؤالهم لم [ ص: 46 ] يكن فيه فائدة .

              وعلى هذا المعنى يجري الكلام في الآية قبلها عند من روى أن الآية نزلت فيمن سأل : أحجنا هذا لعامنا أم للأبد ؟ فقال عليه السلام : للأبد ، [ ص: 47 ] ولو قلت : نعم ؛ لوجبت ، وفي بعض رواياته : فذروني ما تركتكم ; فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم أنبياءهم الحديث ، وإنما سؤالهم هنا زيادة لا فائدة عمل فيها ; لأنهم لو سكتوا لم يقفوا عن عمل ، فصار السؤال لا فائدة فيه .

              ومن هنا نهى عليه السلام عن قيل وقال وكثرة السؤال لأنه مظنة السؤال عما لا يفيد ، وقد سأله جبريل عن الساعة ; فقال ما المسئول عنها [ ص: 48 ] بأعلم من السائل ; فأخبره أن ليس عنده من ذلك علم ، وذلك يبين أن السؤال عنها لا يتعلق به تكليف ، ولما كان ينبني على ظهور أماراتها الحذر منها ومن الوقوع في الأفعال التي هي من أماراتها ، والرجوع إلى الله عندها ; أخبره بذلك ، ثم ختم عليه السلام ذلك الحديث بتعريفه عمر أن جبريل أتاهم ليعلمهم دينهم ; فصح إذا أن من جملة دينهم في فصل السؤال عن الساعة أنه مما لا يجب العلم به [ أعني علم زمان إتيانها ] ; فليتنبه لهذا المعنى في الحديث وفائدة سؤاله له عنها .

              وقال : إن أعظم الناس جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته ، وهو مما نحن فيه ; فإنه إذا لم يحرم ; فما فائدة السؤال عنه [ ص: 49 ] بالنسبة إلى العمل ؟ وقرأ عمر بن الخطاب : وفاكهة وأبا [ عبس : 31 ] وقال : هذه الفاكهة ; فما الأب ؟ ، ثم قال : نهينا عن التكلف . وفي القرآن الكريم ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي [ الإسراء : 85 ] .

              وهذا بحسب الظاهر يفيد أنهم لم يجابوا ، وأن هذا مما لا يحتاج إليه [ ص: 50 ] في التكليف .

              وروي أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ملوا ملة ، فقالوا يا رسول الله ! حدثنا . فأنزل الله تعالى : الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها الآية [ الزمر : 23 ] .

              وهو كالنص في الرد عليهم فيما سألوا ، وأنه لا ينبغي السؤال إلا فيما يفيد في التعبد لله ، ثم ملوا ملة فقالوا : حدثنا حديثا فوق الحديث ودون القرآن ; فنزلت سورة يوسف .

              [ ص: 51 ] انظر الحديث في فضائل القرآن لأبي عبيد .

              وتأمل خبر عمر بن الخطاب مع صبيغ في سؤاله الناس عن أشياء من القرآن لا ينبني عليها حكم تكليفي ، وتأديب عمر - رضي الله عنه - له .

              [ ص: 52 ] وقد سأل ابن الكواء علي بن أبي طالب عن والذاريات ذروا فالحاملات وقرا [ الذاريات : 1 - 2 ] إلخ ; فقال له علي : " ويلك سل تفقها ولا تسأل تعنتا " ، ثم أجابه ; فقال له ابن الكواء : أفرأيت السواد الذي في القمر ؟ فقال : " أعمى سأل عن عمياء " . ، ثم أجابه ، ثم سأله عن أشياء ، وفي الحديث طول .

              [ ص: 53 ] وقد كان مالك بن أنس يكره الكلام فيما ليس تحته عمل ، ويحكي كراهيته عمن تقدم .

              وبيان عدم الاستحسان فيه من أوجه متعددة ، منها : أنه شغل عما يعني من أمر التكليف الذي طوقه المكلف بما لا يعني ; إذ لا ينبني على ذلك فائدة ; لا في الدنيا ، ولا في الآخرة ، أما في الآخرة ; فإنه يسأل عما أمر به أو نهي عنه ، وأما في الدنيا ; فإن علمه بما علم من ذلك لا يزيده في تدبير رزقه ولا ينقصه ، وأما اللذة الحاصلة عنه في الحال ; فلا تفي مشقة اكتسابها وتعب طلبها ، بلذة حصولها ، وإن فرض أن فيه فائدة في الدنيا ، فمن شرط كونها فائدة شهادة الشرع لها بذلك ، وكم من لذة وفائدة يعدها الإنسان كذلك ; وليست في أحكام الشرع إلا على الضد ، كالزنى ، وشرب الخمر ، وسائر وجوه الفسق والمعاصي التي يتعلق بها غرض عاجل ، فإذا قطع الزمان فيما لا يجني ثمرة في الدارين ، مع تعطيل ما يجني الثمرة من فعل مالا ينبغي .

              ومنها : أن الشرع قد جاء ببيان ما تصلح به أحوال العبد في الدنيا والآخرة على أتم الوجوه وأكملها ، فما خرج عن ذلك قد يظن أنه على خلاف ذلك ، وهو مشاهد في التجربة العادية ; فإن عامة المشتغلين بالعلوم التي لا تتعلق بها ثمرة تكليفية تدخل عليهم فيها الفتنة والخروج عن الصراط المستقيم ، ويثور بينهم الخلاف والنزاع المؤدي إلى التقاطع والتدابر والتعصب ، حتى تفرقوا شيعا ، وإذا فعلوا ذلك خرجوا عن السنة ، ولم يكن أصل التفرق إلا بهذا [ ص: 54 ] السبب ؛ حيث تركوا الاقتصار من العلم على ما يعني ، وخرجوا إلى ما لا يعني ، فذلك فتنة على المتعلم والعالم ، وإعراض الشارع - مع حصول السؤال - عن الجواب من أوضح الأدلة على أن اتباع مثله من العلم - فتنة أو تعطيل للزمان في غير تحصيل .

              - ومنها : أن تتبع النظر في كل شيء وتطلب علمه - من شأن الفلاسفة الذين يتبرأ المسلمون منهم ، ولم يكونوا كذلك إلا بتعلقهم بما يخالف السنة ، فاتباعهم في نحلة هذا شأنها خطأ عظيم ، وانحراف عن الجادة .

              ووجوه عدم الاستحسان كثيرة .

              ; فإن قيل : العلم محبوب على الجملة ، ومطلوب على الإطلاق ، وقد جاء الطلب فيه على صيغ العموم والإطلاق فتنتظم صيغه كل علم ، ومن جملة العلوم ما يتعلق به عمل ، وما لا يتعلق به عمل ; فتخصيص أحد النوعين بالاستحسان دون الآخر تحكم ، وأيضا ; فقد قال العلماء : إن تعلم كل علم فرض كفاية كالسحر ، والطلسمات ، وغيرهما من العلوم البعيدة الغرض عن العمل ، فما ظنك بما قرب منه ، كالحساب ، والهندسة ، وشبه ذلك ، وأيضا ; [ ص: 55 ] فعلم التفسير من جملة العلوم المطلوبة ، وقد لا ينبني عليه عمل ، وتأمل حكاية الفخر الرازي : أن بعض العلماء مر بيهودي ، وبين يديه مسلم يقرأ عليه علم هيئة العالم ، فسأل اليهودي عما يقرأ عليه ، فقال له : أنا أفسر له آية من كتاب الله . فسأله ما هي ؟ وهو متعجب ، فقال : قوله تعالى : أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج قال اليهودي : فأنا أبين له كيفية بنائها ، وتزيينها . فاستحسن ذلك العالم منه . هذا معنى الحكاية لا لفظها .

              وأيضا ; فإن قوله تعالى : أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء [ الأعراف : 185 ] يشمل كل علم ظهر في الوجود ، من معقول أو منقول مكتسب أو موهوب ، وأشباهها من الآيات ، ويزعم الفلاسفة أن حقيقة الفلسفة إنما هو النظر في الموجودات على الإطلاق من حيث تدل على صانعها ، ومعلوم طلب النظر في الدلائل والمخلوقات ، فهذه وجوه تدل على عموم الاستحسان في كل علم على الإطلاق والعموم .

              فالجواب عن الأول : إن عموم الطلب مخصوص ، وإطلاقه مقيد بما تقدم من الأدلة ، والذي يوضحه أمران :

              أحدهما : أن السلف الصالح من الصحابة والتابعين لم يخوضوا في هذه الأشياء التي ليس تحتها عمل ، مع أنهم كانوا أعلم بمعنى العلم المطلوب ، بل قد عد عمر ذلك في نحو وفاكهة وأبا [ عبس : 31 ] من التكلف الذي نهي [ ص: 56 ] عنه ، وتأديبه صبيغا ظاهر فيما نحن فيه ، مع أنه لم ينكر عليه ، ولم يفعلوا ذلك إلا لأن رسول الله - صلى الله وسلم - لم يخض في شيء من ذلك ، ولو كان لنقل ، لكنه لم ينقل ; فدل على عدمه .

              والثاني : ما ثبت في كتاب " المقاصد " أن هذه الشريعة أمية لأمة أمية ، وقد قال عليه السلام نحن أمة أمية لا نحسب ، ولا نكتب الشهر هكذا ، وهكذا ، وهكذا إلى نظائر ذلك ، والمسألة مبسوطة هنالك ، والحمد لله .

              وعن الثاني : إنا لا نسلم ذلك على الإطلاق ، وإنما فرض الكفاية رد كل فاسد وإبطاله ، علم ذلك الفاسد أو جهل ; إلا أنه لا بد من علم أنه فاسد ، والشرع متكفل بذلك ، والبرهان على ذلك أن موسى عليه السلام لم يعلم علم [ ص: 57 ] السحر الذي جاء به السحرة ، مع أنه بطل على يديه بأمر هو أقوى من السحر ، وهو المعجزة ، ولذلك لما سحروا أعين الناس ، واسترهبوهم ، وجاءوا بسحر عظيم ; خاف موسى من ذلك ، ولو كان عالما به لم يخف كما لم يخف العالمون به ، وهم السحرة فقال الله له : لا تخف إنك أنت الأعلى ، ثم قال : إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى [ طه : 68 ] .

              وهذا تعريف بعد التنكير ، ولو كان عالما به لم يعرف به ، والذي كان يعرف من ذلك أنهم مبطلون في دعواهم على الجملة ، وهكذا الحكم في كل مسألة من هذا الباب فإذا حصل الإبطال ، والرد بأي وجه حصل ، ولو بخارقة على يد ولي لله أو بأمر خارج عن ذلك العلم ناشئ عن فرقان التقوى ; فهو المراد ، فلم يتعين إذا طلب معرفة تلك العلوم من الشرع .

              وعن الثالث : إن علم التفسير مطلوب فيما يتوقف عليه فهم المراد من الخطاب ، فإذا كان المراد معلوما فالزيادة على ذلك تكلف ، ويتبين ذلك في مسألة عمر ، وذلك أنه لما قرأ وفاكهة وأبا [ عبس : 31 ] توقف في معنى الأب ، وهو معنى إفرادي لا يقدح عدم العلم به في علم المعنى التركيبي في الآية ; إذ هو مفهوم من حيث أخبر الله تعالى في شأن طعام الإنسان أنه أنزل من السماء ماء فأخرج به أصنافا كثيرة مما هو من طعام الإنسان مباشرة ; كالحب ، والعنب ، والزيتون ، والنخل ، ومما هو من طعامه بواسطة ، مما هو مرعى للأنعام على الجملة ; فبقي التفصيل في كل فرد من تلك الأفراد فضلا ; [ ص: 58 ] فلا على الإنسان أن لا يعرفه ، فمن هذا الوجه والله أعلم عد البحث عن معنى الأب من التكلف ، وإلا ; فلو توقف عليه فهم المعنى التركيبي من جهته لما كان من التكلف ، بل من المطلوب علمه لقوله : ليدبروا آياته [ ص : 29 ] ، ولذلك سأل الناس على المنبر عن معنى التخوف في قوله تعالى : أو يأخذهم على تخوف [ النحل : 47 ] ; فأجابه الرجل الهذلي بأن التخوف في لغتهم التنقص ، وأنشده شاهدا عليه :


              تخوف الرحل منها تامكا قردا كما تخوف عود النبعة السفن

              فقال عمر : " يا أيها الناس تمسكوا بديوان شعركم في جاهليتكم ; فإن فيه تفسير كتابكم " .

              [ ص: 59 ] ولما كان السؤال في محافل الناس عن معنى : والمرسلات عرفا [ المرسلات : 1 ] ، والسابحات سبحا [ النازعات : 3 ] مما يشوش على العامة من غير بناء عمل عليه ; أدب عمر صبيغا بما هو مشهور .

              فإذا تفسير قوله : أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها الآية [ ق : 6 ] بعلم الهيئة الذي ليس تحته عمل - غير سائغ ، ولأن ذلك من قبيل مالا تعرفه العرب ، والقرآن إنما نزل بلسانها ، وعلى معهودها ، وهذا المعنى مشروح في كتاب المقاصد بحول الله .

              وكذلك القول في كل علم يعزى إلى الشريعة لا يؤدي فائدة عمل ، ولا هو مما تعرفه العرب ، فقد تكلف أهل العلوم الطبيعية وغيرها - الاحتجاج على صحة الأخذ في علومهم بآيات من القرآن وأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما استدل [ ص: 60 ] أهل العدد ، بقوله تعالى : فاسأل العادين [ المؤمنون : 113 ] .

              وأهل [ النسب العددية أو الهندسية ] بقوله تعالى ( إن يكن منكم عشرون . . . . مائتين ) [ الأنفال : 65 ] إلى آخر الآيتين .

              وأهل الكيمياء بقوله عز وجل : أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها [ الرعد : 17 ] .

              وأهل التعديل النجومي بقوله : الشمس والقمر بحسبان [ الرحمن : 5 ] .

              وأهل المنطق في أن نقيض الكلية السالبة جزئية موجبة بقوله : إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الآية [ الأنعام : 91 ] .

              وعلى بعض الضروب الحملية ، والشرطية بأشياء أخر .

              وأهل خط الرمل بقوله سبحانه : أو أثارة من علم [ الأحقاف : 4 ] ، وقوله عليه السلام : كان نبي يخط في الرمل إلى غير ذلك مما هو مسطور [ ص: 61 ] [ ص: 62 ] [ ص: 63 ] [ ص: 64 ] [ ص: 65 ] في الكتب ، وجميعه يقطع بأنه مقصود لما تقدم .

              وبه تعلم الجواب عن السؤال الرابع ، وأن قوله : أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء [ الأعراف : 185 ] لا يدخل فيه من وجوه الاعتبار علوم الفلسفة التي لا عهد للعرب بها ، ولا يليق بالأميين الذين بعث فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمي بملة سهلة سمحة ، والفلسفة على فرض أنها جائزة الطلب - صعبة المأخذ ، وعرة المسلك ، بعيدة الملتمس ، لا يليق الخطاب بتعلمها كي تتعرف آيات الله ، ودلائل توحيده للعرب الناشئين في محض الأمية ، فكيف وهي مذمومة على ألسنة أهل الشريعة ، منبه على ذمها بما تقدم [ ص: 66 ] في أول المسألة .

              فإذا ثبت هذا ; فالصواب أن ما لا ينبني عليه عمل ; غير مطلوب في الشرع .

              ; فإن كان ثم ما يتوقف عليه المطلوب ، كألفاظ اللغة ، وعلم النحو ، والتفسير ، وأشباه ذلك ; فلا إشكال أن ما يتوقف عليه المطلوب مطلوب ، إما شرعا ، وإما عقلا ، حسبما تبين في موضعه ، لكن هنا معنى آخر لا بد من الالتفاف إليه ، وهو :

              التالي السابق


              الخدمات العلمية