[ ص: 243 ] ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ
وَفِيهَا
nindex.php?page=treesubj&link=33709غَزَا مُعَاوِيَةُ بِلَادَ الرُّومِ حَتَّى بَلَغَ الْمَضِيقَ مَضِيقَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ ، وَمَعَهُ زَوْجَتُهُ
عَاتِكَةُ - وَيُقَالُ : فَاطِمَةُ - بِنْتُ قَرَظَةَ بْنِ عَبْدِ عَمْرِو بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ . قَالَهُ
أَبُو مَعْشَرٍ nindex.php?page=showalam&ids=15472وَالْوَاقِدِيُّ .
وَفِيهَا اسْتَعْمَلَ
سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ سَلْمَانَ بْنَ رَبِيعَةَ عَلَى جَيْشٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَغْزُوَ
الْبَابَ ، وَكَتَبَ إِلَى
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَبِيعَةَ نَائِبِ تِلْكَ النَّاحِيَةِ بِمُسَاعَدَتِهِ ، فَسَارَ حَتَّى بَلَغَ
بَلَنْجَرَ ، فَحَصَرُوهَا وَنُصِبَتْ عَلَيْهَا الْمَجَانِيقُ وَالْعَرَّادَاتُ . ثُمَّ إِنَّ أَهْلَ
بَلَنْجَرَ خَرَجُوا إِلَيْهِمْ وَعَاوَنَهُمُ
التُّرْكُ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا - وَكَانَتِ
التُّرْكُ تَهَابُ قِتَالَ الْمُسْلِمِينَ وَيَظُنُّونَ أَنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ حَتَّى اجْتَرَءُوا عَلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ - فَلَمَّا كَانَ هَذَا الْيَوْمُ الْتَقَوْا مَعَهُمْ ، فَاقْتَتَلُوا فَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ رَبِيعَةَ - وَكَانَ يُقَالُ لَهُ : ذُو النُّورِ - وَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ فَافْتَرَقُوا فِرْقَتَيْنِ ؛ فَفِرْقَةٌ ذَهَبَتْ عَلَى بِلَادِ
الْخَزَرِ ، وَفِرْقَةٌ سَلَكُوا نَاحِيَةَ
جِيلَانَ وَجُرْجَانَ ، وَفِي هَؤُلَاءِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ nindex.php?page=showalam&ids=23وَسَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ . وَأَخَذَتِ
التُّرْكُ جَسَدَ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَبِيعَةَ - وَكَانَ مِنْ سَادَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَشُجْعَانِهِمْ - فَدَفَنُوهُ فِي بِلَادِهِمْ فَهُمْ يَسْتَسْقُونَ عِنْدَهُ إِلَى الْيَوْمِ ، وَلَمَّا
[ ص: 244 ] قُتِلَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ رَبِيعَةَ ، اسْتَعْمَلَ
سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ عَلَى ذَلِكَ الْجَيْشِ
سَلْمَانَ بْنَ رَبِيعَةَ ، وَأَمَدَّهُمْ
عُثْمَانُ بِأَهْلِ الشَّامِ عَلَيْهِمْ
حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ ، فَتَنَازَعَ
حَبِيبُ وَسَلْمَانُ فِي الْإِمْرَةِ حَتَّى اخْتَلَفَا ، فَكَانَ أَوَّلَ اخْتِلَافٍ وَقَعَ بَيْنَ
أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَهْلِ الشَّامِ ، حَتَّى قَالَ فِي ذَلِكَ رَجُلٌ مِنْ
أَهْلِ الْكُوفَةِ ، وَهُوَ
أَوْسٌ :
فَإِنْ تَضْرِبُوا سَلْمَانَ نَضْرِبْ حَبِيبَكُمْ وَإِنْ تَرْحَلُوا نَحْوَ ابْنِ عَفَّانَ نَرْحَلِ وَإِنْ تُقْسِطُوا فَالثَّغْرُ ثَغْرُ أَمِيرِنَا
وَهَذَا أَمِيرٌ فِي الْكَتَائِبِ مُقْبِلُ وَنَحْنُ وُلَاةُ الثَّغْرِ كُنَّا حُمَاتَهُ
لَيَالِيَ نَرْمِي كُلَّ ثَغْرِ وَنُنْكِلِ
وَفِيهَا
nindex.php?page=treesubj&link=33709فَتَحَ ابْنُ عَامِرٍ مَرْوَ الرُّوذِ وَالطَّالِقَانَ وَالْفَارِيَابَ وَالْجُوزَجَانَ وَطَخَارِسْتَانَ . فَأَمَّا
مَرْوُ الرُّوذِ فَبَعَثَ إِلَيْهَا
ابْنُ عَامِرٍ nindex.php?page=showalam&ids=13669الْأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ فَحَصَرَهَا ، فَخَرَجُوا إِلَيْهِ ، فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى كَسَرَهُمْ فَاضْطَرَّهُمْ إِلَى حِصْنِهِمْ ، ثُمَّ صَالَحُوهُ عَلَى مَالٍ جَزِيلٍ ، وَعَلَى أَنْ يَضْرِبَ عَلَى أَرَاضِي الرَّعِيَّةِ الْخَرَاجَ ، وَيَدَعَ الْأَرْضَ الَّتِي كَانَ أَقْطَعُهَا كِسْرَى لِوَالِدِ
الْمَرْزُبَانِ ، صَاحِبِ
مَرْوَ ، حِينَ قَتَلَ الْحَيَّةَ الَّتِي كَانَتْ تَقْطَعُ الطَّرِيقَ عَلَى النَّاسِ وَتَأْكُلُهُمْ ، فَصَالَحَهُمُ
الْأَحْنَفُ عَلَى
[ ص: 245 ] ذَلِكَ ، وَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابَ صُلْحٍ بِذَلِكَ ، ثُمَّ بَعَثَ
الْأَحْنَفُ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ إِلَى
الْجُوزَجَانِ فَفَتَحَهَا بَعْدَ قِتَالٍ وَقَعَ بَيْنَهُمْ ، قُتِلَ فِيهِ خَلْقٌ مِنْ شُجْعَانِ الْمُسْلِمِينَ ، ثُمَّ نُصِرُوا ، فَقَالَ فِي ذَلِكَ
كُثَيِّرٌ النَّهْشَلِيُّ قَصِيدَةً طَوِيلَةً فِيهَا :
سَقَى مُزْنَ السَّحَابِ إِذَا اسْتَهَلَّتْ مَصَارِعَ فِتْيَةٍ بِالْجُوزَجَانِ
إِلَى الْقَصْرَيْنِ مِنْ رُسْتَاقِ خُوطٍ أَبَادَهُمُ هُنَاكَ الْأَقْرَعَانِ
ثُمَّ سَارَ
الْأَحْنَفُ مِنْ
مَرْوِ الرُّوذِ إِلَى
بَلْخَ فَحَاصَرَهُمْ حَتَّى صَالَحُوهُ عَلَى أَرْبَعِمِائَةِ أَلْفٍ ، وَاسْتَنَابَ ابْنَ عَمِّهِ
أُسَيْدَ بْنَ الْمُتَشَمِّسِ عَلَى قَبْضِ الْمَالِ ، ثُمَّ ارْتَحَلَ يُرِيدُ الْجِهَادَ ، وَدَهَمَهُ الشِّتَاءُ ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ : مَا تَشَاءُونَ ؟ فَقَالُوا : قَدْ قَالَ
عَمْرُو بْنُ مَعْدِيكَرِبَ :
إِذَا لَمْ تَسْتَطِعْ شَيْئًا فَدَعْهُ وَجَاوِزْهُ إِلَى مَا تَسْتَطِيعُ
فَأَمَرَ
الْأَحْنَفُ بِالرَّحِيلِ إِلَى
بَلْخَ ، فَأَقَامَ بِهَا مُدَّةَ الشِّتَاءِ ، ثُمَّ عَادَ إِلَى
ابْنِ [ ص: 246 ] عَامِرٍ ، فَقِيلَ
لِابْنِ عَامِرٍ : مَا فُتِحَ عَلَى أَحَدٍ مَا فُتِحَ عَلَيْكَ ؛
فَارِسُ وَكِرْمَانُ وَسِجِسْتَانُ وَعَامَّةُ خُرَاسَانَ . فَقَالَ : لَا جَرَمَ ، لَأَجْعَلَنَّ شُكْرِي لِلَّهِ عَلَى ذَلِكَ أَنْ أُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ مِنْ مَوْقِفِي هَذَا مُشَمِّرًا . فَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ مِنْ
نَيْسَابُورَ ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى
عُثْمَانَ لَامَهُ عَلَى إِحْرَامِهِ مِنْ
خُرَاسَانَ .
وَفِيهَا أَقْبَلَ
قَارِنُ فِي أَرْبَعِينَ أَلْفًا فَالْتَقَاهُ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ ، وَجَعَلَ لَهُمْ مُقَدِّمَةً سِتَّمِائَةِ رَجُلٍ ، وَأَمَرَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَحْمِلَ عَلَى رَأْسِ رُمْحِهِ نَارًا ، وَأَقْبَلُوا إِلَيْهِمْ فِي وَسَطِ اللَّيْلِ فَبَيَّتُوهُمْ فَثَارُوا إِلَيْهِمْ فَنَاوَشَتْهُمُ الْمُقَدِّمَةُ فَاشْتَغَلُوا بِهِمْ ، وَأَقْبَلَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَاتَّقَعُوا هُمْ وَإِيَّاهُمْ ، فَوَلَّى الْمُشْرِكُونَ مُدْبِرِينَ ، وَأَتْبَعَهُمُ الْمُسْلِمُونَ يَقْتُلُونَ مَنْ شَاءُوا كَيْفَ شَاءُوا ، وَغَنِمُوا سَبْيًا كَثِيرًا ، وَأَمْوَالًا جَزِيلَةً ، ثُمَّ بَعَثَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ بِالْفَتْحِ إِلَى
ابْنِ عَامِرٍ ، فَرَضِيَ عَنْهُ وَأَقَرَّهُ عَلَى
خُرَاسَانَ - وَكَانَ قَدْ عَزَلَهُ عَنْهَا - فَاسْتَمَرَّ بِهَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ إِلَى مَا بَعْدَ ذَلِكَ .