الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وأما حبل المرأة وإرضاعها : إذا خافتا الضرر بولدهما فمرخص لقوله تعالى { : فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } .

                                                                                                                                وقد بينا أنه ليس المراد عين المرض ، فإن المريض الذي لا يضره الصوم ليس له أن يفطر فكان ذكر المرض كناية عن أمر يضر الصوم معه .

                                                                                                                                وقد وجد ههنا فيدخلان تحت رخصة الإفطار .

                                                                                                                                وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { يفطر المريض ، والحبلى إذا خافت أن تضع ولدها ، والمرضع إذا خافت الفساد على ولدها } .

                                                                                                                                وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة وعن الحبلى ، والمرضع الصيام } وعليهما القضاء ولا فدية عليهما عندنا .

                                                                                                                                وقال الشافعي : عليهما القضاء ، والفدية لكل يوم مد من حنطة ، والمسألة مختلفة بين الصحابة ، والتابعين فروي عن علي من الصحابة ، والحسن من التابعين أنهما يقضيان ولا يفديان وبه أخذ أصحابنا .

                                                                                                                                وروي عن ابن عمر من الصحابة ومجاهد من التابعين إنهما يقضيان ويفديان وبه أخذ الشافعي احتج بقوله تعالى { : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين } ، والحامل ، والمرضع يطيقان الصوم فدخلتا تحت الآية فتجب عليهما الفدية ، ولنا قوله تعالى { فمن كان منكم مريضا } الآية ، أوجب على المريض القضاء فمن ضم إليه الفدية فقد زاد على النص فلا يجوز إلا بدليل ، ولأنه لما لم يوجب غيره دل أنه كل حكم لحادثة لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز

                                                                                                                                وقد ذكرنا أن المراد من المرض المذكور ليس صورة المرض بل معناه .

                                                                                                                                وقد وجد في الحامل ، والمرضع إذا خافتا على ولدهما فيدخلان تحت الآية ، فكان تقدير قوله تعالى { فمن كان منكم مريضا } فمن كان منكم به معنى يضره الصوم أو على سفر فعدة من أيام أخر ، وأما قوله تعالى { : وعلى الذين يطيقونه } فقد قيل في بعض وجوه التأويل إن لا مضمرة في الآية معناه " وعلى الذين لا يطيقونه ، وإنه جائز في اللغة ، قال الله تعالى : { يبين الله لكم أن تضلوا } أي : لا تضلوا في بعض القراءات وعلى الذين يطوقونه ولا يطيقونه على أنه لا حجة له في الآية لأن فيها شرع الفداء مع الصوم على سبيل التخيير دون الجمع بقوله تعالى { وأن تصوموا خير لكم } وقد نسخ ذلك بوجوب صوم شهر رمضان حتما بقوله تعالى { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } وعنده يجب الصوم ، والفداء جميعا دل أنه لا حجة له فيها ولأن الفدية لو وجبت إنما تجب جبرا للفائت ، ومعنى الجبر يحصل بالقضاء ، ولهذا لم تجب على المريض ، والمسافر .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية