الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا هدبة بن خالد ، ثنا همام ، ثنا قتادة ، عن أنس ، عن أبي هريرة ، قال : " ألا أدلكم على غنيمة باردة؟ قالوا : ماذا يا أبا هريرة؟ قال : الصوم في الشتاء " .

              حدثنا عبد الله [ ص: 382 ] بن محمد بن جعفر ، ثنا محمد بن علي رستة ، ثنا محمد بن عبيد بن حساب ، ثنا حماد بن زيد ، ثنا عباس بن فروخ ، قال : سمعت أبا عثمان النهدي ، يقول : تضيفت أبا هريرة سبع ليال ، فقلت له : كيف تصوم ، أو كيف صيامك ، يا أبا هريرة؟ قال : " أما أنا فأصوم أول الشهر ثلاثا ، فإن حدث لي حدث كان لي أجر شهري" .

              حدثنا أبو عمرو بن حمدان ، ثنا الحسن بن سفيان ، ثنا عبد الأعلى بن حماد ، ثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أبي عثمان النهدي " أن أبا هريرة كان في سفر ، فلما نزلوا وضعوا السفرة وبعثوا إليه وهو يصلي ، فقال : إني صائم . فلما كادوا يفرغون جاء فجعل يأكل الطعام ، فنظر القوم إلى رسولهم : فقال : ما تنظرون؟ قد والله أخبرني أنه صائم ، فقال أبو هريرة : صدق ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " صوم شهر رمضان ، وصوم ثلاثة أيام من كل شهر ، صوم الدهر " وقد صمت ثلاثة أيام من أول الشهر فأنا مفطر في تخفيف الله ، صائم في تضعيف الله " .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا عبد الملك بن عمرو ، ثنا إسماعيل ، عن أبي المتوكل ، عن أبي هريرة أنه كان وأصحابه كانوا إذا صاموا قعدوا في المسجد وقالوا : " نطهر صيامنا " .

              حدثنا حبيب بن الحسن ، ثنا أبو مسلم الكشي ، ثنا أبو عاصم ، عن ابن أبي ذئب ، عن عثمان بن نجيح ، عن سعيد بن المسيب ، قال : " رأيت أبا هريرة يطوف بالسوق ثم يأتي أهله ، فيقول : هل عندكم من شيء؟ فإن قالوا : لا ، قال : فإني صائم " .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا أبو عبيدة الحداد ، ثنا عثمان الشحام أبو سلمة ، ثنا فرقد السبخي ، قال : كان أبو هريرة يطوف بالبيت وهو يقول : " ويل لي من بطني إذا أشبعته كظني وإن أجعته سبني " .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا محمد بن عبد الله رستة ، ثنا محمد بن عبيد بن حساب ، ثنا حماد بن زيد ، ثنا عباس بن فروخ ، قال : سمعت أبا عثمان [ ص: 383 ] النهدي ، يقول : " تضيفت أبا هريرة سبع ليال ، فكان هو وخادمه وامرأته يعتقبون الليل أثلاثا " .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، وإبراهيم بن زياد ، قالا : ثنا إسماعيل ابن علية ، عن خالد الحذاء ، عن عكرمة . قال : قال أبو هريرة : " إني لأستغفر الله وأتوب إليه كل يوم اثني عشر ألف مرة ، وذلك على قدر ديني ، أو قدر دينه " .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثنا الحسن بن الصباح ، ثنا زيد بن الحباب ، عن عبد الواحد بن موسى ، قال : أخبرني نعيم بن المحرر بن أبي هريرة ، عن جده أبي هريرة أنه كان له خيط فيه ألفا عقدة ، فلا ينام حتى يسبح به .

              حدثنا أحمد بن بندار ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحارث ثنا عباس النرسي ، ثنا عبد الوهاب بن الورد ، ثنا سالم بن بشر بن جحل " أن أبا هريرة بكى في مرضه ، فقيل له : ما يبكيك؟ فقال : أما إني لا أبكي على دنياكم هذه ، ولكني أبكي على بعد سفري ، وقلة زادي ، وأني أصبحت في صعود مهبط على جنة ونار ، لا أدري أيهما يؤخذ بي " .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا الفرج بن فضالة ، عن أبي سعيد ، عن أبي هريرة ، قال : " إذا زوقتم مساجدكم ، وحليتم مصاحفكم ، فالدمار عليكم " .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا إسحاق بن إبراهيم ، أنبأنا عبد الرزاق ، عن معمر ، قال : بلغني عن أبي هريرة أنه كان إذا مر بجنازة ، قال : " روحي فإنا غادون ، أو اغدي فإنا رائحون ، موعظة بليغة ، وغفلة سريعة ، يذهب الأول ويبقى الآخر ، ولا عقل" .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا أبو بكر ليث بن خالد البلخي ، ثنا عبد المؤمن بن عبد الله السدوسي ، قال : سمعت أبا يزيد المديني يقول : قام أبو هريرة على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، دون مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعتبة ، فقال : " الحمد لله الذي أهدى أبا هريرة للإسلام ، الحمد لله الذي علم أبا هريرة القرآن ، الحمد لله الذي من على أبي هريرة بمحمد صلى الله عليه وسلم [ ص: 384 ] الحمد لله الذي أطعمني الخمير ، وألبسني الحرير ، الحمد لله الذي زوجني بنت غزوان بعد ما كنت أجيرا لها بطعام بطني ، فأرحلتني فأرحلتها كما أرحلتني" ، ثم قال : " ويل للعرب من شر قد اقترب ، ويل لهم من إمارة الصبيان يحكمون فيهم بالهوى ويقتلون بالغضب ، أبشروا يا بني فروخ ، والذي نفسي بيده لو أن الدين معلق بالثريا لناله منكم أقوام" .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا أبي ، ثنا علي بن ثابت ، عن أسامة بن زيد ، عن أبي زياد مولى ابن عباس ، عن أبي هريرة ، قال : " كانت لي خمس عشرة تمرة ، فأفطرت على خمس وتسحرت بخمس وبقيت خمسا لفطري " .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبي ، ثنا عبد الملك بن عمرو ، ثنا إسماعيل ، يعني العبدي ، عن أبي المتوكل : " أن أبا هريرة كانت له زنجية قد غمتهم بعملها ، فرفع عليها السوط يوما ، فقال : لولا القصاص لأغشيك به ، ولكني سأبيعك ممن يوفيني ثمنك ، اذهبي فأنت لله" .

              حدثنا عبد الرحمن بن العباس ، ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي ، ثنا عبيد الله بن عمر ، ثنا حماد ، ثنا أيوب ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة : أن أبا هريرة مرض فدخلت عليه أعوده ، فقلت : " اللهم اشف أبا هريرة ، فقال : اللهم لا ترجعها ، قال : يا سلمة يوشك أن يأتي على الناس زمان يكون الموت أحب إلى أحدهم من الذهب الأحمر" .

              حدثنا عبد الله بن العباس ، ثنا إبراهيم الحربي ، ثنا محمد بن منصور ، ثنا الحسن بن موسى ، ثنا حاتم بن راشد ، عن عطاء ، قال : قال أبو هريرة : " إذا رأيتم ستا فإن كانت نفس أحدكم في يده فليرسلها ، فلذلك أتمنى الموت أخاف أن تدركني ، إذا أمرت السفهاء ، وبيع الحكم ، وتهون بالدم ، وقطعت الأرحام ، وقطعت الجلاوزة ، نشأ نشء يتخذون القرآن مزامير" .

              حدثنا أبي ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا أحمد بن سعيد بن وهب ، حدثني عمرو بن الحارث ، عن يزيد بن زياد القرظي أن ثعلبة بن أبي مالك القرظي حدثه : أن [ ص: 385 ] أبا هريرة أقبل في السوق يحمل حزمة حطب ، وهو يومئذ خليفة لمروان ، فقال : " أوسع الطريق للأمير يا ابن أبي مالك ، فقلت له : يكفي هذا ، فقال : أوسع الطريق للأمير والحزمة عليه" .

              حدثنا أبي ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا أحمد بن سعيد ، ثنا ابن وهب ، حدثني إبراهيم بن نشيط ، عن بني الأسود ، قال : بنى رجل دارا بالمدينة ، فلما فرغ منها مر أبو هريرة عليها وهو واقف على باب داره ، فقال : قف يا أبا هريرة ، ما أكتب على باب داري ؟ قال : وأعرابي قائم ، قال أبو هريرة : " اكتب على بابها : ابن للخراب ، ولد للثكل ، واجمع للوارث " . فقال الأعرابي : بئس ما قلت يا شيخ ، فقال صاحب الدار : " ويحك ! هذا أبو هريرة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم" .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية