الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : أصل الرهن من الدوام ، يقال : رهن الشيء إذا دام وثبت ، ونعمة راهنة أي دائمة ثابتة .

                                                                                                                                                                                                                                            إذا عرفت أصل المعنى فنقول : أصل الرهن مصدر ، يقال : رهنت عند الرجل أرهنه رهنا إذا وضعت عنده ، قال الشاعر :

                                                                                                                                                                                                                                            يراهنني فيرهنني بنيه وأرهنه بني بما أقول



                                                                                                                                                                                                                                            إذا عرفت هذا فنقول : إن المصادر قد تنقل فتجعل أسماء ويزول عنها عمل الفعل ، فإذا قال : رهنت عند زيد رهنا لم يكن انتصابه انتصاب المصدر ، لكن انتصاب المفعول به ، كما تقول : رهنت عند زيد ثوبا ، ولما جعل اسما بهذا الطريق جمع كما تجعل الأسماء ، وله جمعان : رهن ورهان ، ومما جاء على رهن قول الأعشى :

                                                                                                                                                                                                                                            آليت لا أعطيه من أبنائنا     رهنا فيفسدهم كمن قد أفسدا



                                                                                                                                                                                                                                            وقال بعيث :


                                                                                                                                                                                                                                            بانت سعاد وأمسى دونها عدن     وغلقت عندها من قبلك الرهن



                                                                                                                                                                                                                                            ونظيره قولنا : رهن ورهن ، سقف وسقف ، ونشر ونشر ، وخلق وخلق ، قال الزجاج : فعل وفعل قليل ، وزعم الفراء أن الرهن جمعه رهان ، ثم الرهان جمعه رهن فيكون رهن جمع الجمع وهو كقولهم : ثمار وثمر ، ومن الناس من عكس هذا ، فقال : الرهن جمعه رهن ، والرهن جمعه رهان ، واعلم أنهما لما تعارضا تساقطا لا سيما وسيبويه لا يرى جمع الجمع مطردا ، فوجب أن لا يقال به إلا عند الاتفاق ، وأما أن الرهان جمع رهن فهو قياس ظاهر ، مثل نعل ونعال ، وكبش وكباش ، وكعب وكعاب ، وكلب وكلاب .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : قرأ ابن كثير وأبو عمرو ( فرهن ) بضم الراء والهاء ، وروي عنهما أيضا ( فرهن ) برفع الراء وإسكان الهاء والباقون ( فرهان ) قال أبو عمرو : لا أعرف الرهان إلا في الخيل ، فقرأت ( فرهن ) للفصل بين الرهان في الخيل وبين جمع الرهن ، وأما قراءة أبي عمرو بضم الراء وسكون الهاء ، فقال الأخفش : إنها قبيحة لأن فعلا لا يجمع على فعل إلا قليلا شاذا كما يقال : سقف وسقف تارة بضم القاف وأخرى بتسكينها ، وقلب وقلب للنخل ، ولحد ولحد وبسط وبسط وفرس ورد ، وخيل ورد .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الرابعة : في الآية حذف فإن شئنا جعلناه مبتدأ وأضمرنا الخبر ، والتقدير : فرهن مقبوضة بدل من الشاهدين ، أو ما يقوم مقامهما ، أو فعليه رهن مقبوضة ، وإن شئنا جعلناه خبرا وأضمرنا المبتدأ ، والتقدير : فالوثيقة رهن مقبوضة .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية