الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : ظاهر هذه الآية يدل على أن نقض العهد وخلف الوعد يورث النفاق ، فيجب على المسلم أن يبالغ في الاحتراز عنه ، فإذا عاهد الله في أمر فليجتهد في الوفاء به ، ومذهب الحسن البصري رحمه [ ص: 114 ] الله أنه يوجب النفاق لا محالة ، وتمسك فيه بهذه الآية وبقوله عليه السلام : " ثلاث من كن فيه فهو منافق ، وإن صلى وصام وزعم أنه مؤمن : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان " . وعن النبي عليه السلام : " تقبلوا لي ستا أتقبل لكم الجنة : إذا حدثتم فلا تكذبوا ، وإذا وعدتم فلا تخلفوا ، وإذا ائتمنتم فلا تخونوا ، وكفوا أبصاركم ، وأيديكم ، وفروجكم ؛ أبصاركم عن الخيانة ، وأيديكم عن السرقة ، وفروجكم عن الزنا " . قال عطاء بن أبي رباح : حدثني جابر بن عبد الله أنه صلى الله عليه وسلم إنما ذكر قوله : ثلاث من كن فيه فهو منافق في المنافقين ، خاصة الذين حدثوا النبي صلى الله عليه وسلم فكذبوه ، وائتمنهم على سره فخانوه ، ووعدوا أن يخرجوا معه فأخلفوه .

                                                                                                                                                                                                                                            ونقل أن عمرو بن عبيد فسر الحديث ، فقال : إذا حدث عن الله كذب عليه وعلى دينه ورسوله ، وإذا وعد أخلف كما ذكره فيمن عاهد الله ، وإذا ائتمن على دين الله خان في السر ، فكان قلبه على خلاف لسانه . ونقل أن واصل بن عطاء قال : أتى الحسن رجل ، فقال له : إن أولاد يعقوب حدثوه في قولهم : أكله الذئب وكذبوه ، ووعدوه في قولهم :( وإنا له لحافظون ) [ يوسف : 12 ] فأخلفوه ، وائتمنهم أبوهم على يوسف فخانوه ، فهل نحكم بكونهم منافقين ؟ فتوقف الحسن رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الرابعة :( إلى يوم يلقونه ) يدل على أن ذلك المعاهد مات منافقا ، وهذا الخبر وقع مخبره مطابقا له ، فإنه روي أن ثعلبة أتى النبي صلى الله عليه وسلم بصدقته فقال : إن الله تعالى منعني أن أقبل صدقتك . وبقي على تلك الحالة ، وما قبل صدقته أحد حتى مات ، فدل على أن مخبر هذا الخبر وقع موافقا ، فكان إخبارا عن الغيب ، فكان معجزا .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية