الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2034 ) الفصل الخامس : إذا كرر النظر فأنزل ، ولتكرار النظر أيضا ثلاثة أحوال ; أحدها ، أن لا يقترن به إنزال ، فلا يفسد الصوم بغير اختلاف . الثاني ، أن يقترن به إنزال المني ، فيفسد الصوم في قول إمامنا ، وعطاء ، والحسن البصري ، ومالك ، والحسن بن صالح . وقال جابر بن زيد ، والثوري ، وأبو حنيفة ، والشافعي ، وابن المنذر : لا يفسد ; لأنه إنزال عن غير مباشرة ، أشبه الإنزال بالفكر .

                                                                                                                                            ولنا أنه إنزال بفعل يتلذذ به ، ويمكن التحرز منه ، فأفسد الصوم ، كالإنزال باللمس ، والفكر لا يمكن التحرز منه ، بخلاف تكرار النظر . الثالث : مذي بتكرار النظر . فظاهر كلام أحمد ، أنه لا يفطر به ; لأنه لا نص في الفطر ، ولا يمكن قياسه على إنزال المني ، لمخالفته إياه في الأحكام ، فيبقى على الأصل . فأما إن نظر فصرف بصره ، لم يفسد صومه ، سواء أنزل أو لم ينزل . وقال مالك : إن أنزل فسد صومه ; لأنه أنزل بالنظر ، أشبه ما لو كرره . ولنا أن النظرة الأولى لا يمكن التحرز منها ، فلا يفسد الصوم ما أفضت إليه ، كالفكرة ، وعليه يخرج التكرار ، فإذا ثبت هذا ، فإن تكرار النظر مكروه لمن يحرك شهوته ، غير مكروه لمن لا يحرك شهوته ، كالقبلة .

                                                                                                                                            ويحتمل أن لا يكره بحال ; لأن إفضاءه إلى الإنزال المفطر بعيد جدا ، بخلاف القبلة ، فإن حصول المذي بها ليس ببعيد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية