الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب قوله عز وجل: أمن هو قانت في الألف التي في "أمن" وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: أنها ألف استفهام.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: ألف نداء. [ ص: 117 ] وفي قانت أربعة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: أنه المطيع ، قاله ابن مسعود .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنه الخاشع في صلاته ، قاله ابن شهاب.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: القائم في صلاته ، قاله يحيى بن سلام .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: أنه الداعي لربه. آناء الليل فيه ثلاثة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: طرف الليل ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: ساعات الليل ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: ما بين المغرب والعشاء ، قاله منصور. ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قال السدي : يحذر عذاب الآخرة ويرجو نعيم الجنة. وفيمن أريد به هذا الكلام خمسة أقاويل:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حكاه يحيى بن سلام .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أبو بكر ، قاله ابن عباس في رواية الضحاك عنه.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: عثمان بن عفان ، قاله ابن عمر .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: عمار بن ياسر وصهيب وأبو ذر وابن مسعود ، قاله الكلبي . الخامس: أنه مرسل فيمن كان على هذه الحال قانتا آناء الليل.

                                                                                                                                                                                                                                        فمن زعم أن الألف الأولى استفهام أضمر في الكلام جوابا محذوفا تقديره: أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما كمن جعل لله أندادا؟ قاله يحيى . وقال ابن عيسى : المحذوف من الجواب: كمن ليس كذلك. ومن زعم أن الألف للنداء لم يضمر جوابا محذوفا ، وجعل تقدير الكلام: أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه. قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون فيه ثلاثة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: هل يستوي الذين يعلمون هذا فيعملون به والذين لا يعلمون هذا فلا يعملون به ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أن الذين يعلمون هم المؤمنون يعلمون أنهم لاقو ربهم ، والذين لا [ ص: 118 ] يعلمون هم المشركون الذين جعلوا لله أندادا قاله يحيى .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: ما قاله أبو جعفر محمد بن علي قال: الذين يعلمون نحن ، والذين لا يعلمون عدونا.

                                                                                                                                                                                                                                        ويحتمل رابعا: أن الذين يعلمون هم الموقنون ، والذين لا يعلمون هم المرتابون.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية