الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                قل أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا لهم فيها ما يشاءون خالدين كان على ربك وعدا مسؤولا

                                                                                                                                                                                                الراجع إلى الموصولين محذوف ، يعني : وعدها المتقون وما يشاءونه . وإنما قيل : كانت ؛ لأن ما وعده الله وحده فهو في تحققه كأنه قد كان . أو كان مكتوبا في اللوح قبل أن برأهم بأزمنة متطاولة : أن الجنة جزاؤهم ومصيرهم . فإن قلت : ما معنى قوله : كانت لهم جزاء ومصيرا ؟ قلت : هو كقوله : نعم الثواب وحسنت مرتفقا [الكهف : 31 ] فمدح الثواب ومكانه ، كما قال : بئس الشراب وساءت مرتفقا [الكهف : 29 ] ، فذم العقاب ومكانه لأن النعيم لا يتم للمتنعم إلا بطيب المكان وسعته وموافقته للمراد والشهوة . وأن لا تنغص ، وكذلك العقاب يتضاعف بغثاثة الموضع وضيقه وظلمته وجمعه لأسباب الاجتواء والكراهة ، فلذلك ذكر المصير مع ذكر الجزاء . والضمير في " كان" لما يشاؤون . والوعد : الموعود ، أي : كان ذلك موعودا واجبا على ربك إنجازه ، حقيقا أن يسأل ويطلب ؛ لأنه جزاء وأجر مستحق . وقيل : قد سأله الناس والملائكة في دعواتهم : ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك [آل عمران : 194 ] ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة [البقرة : 201] ، ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية