الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما

                                                                                                                                                                                                قرئ : "ذريتنا " . و"ذرياتنا" و "قرة أعين " ، و "قرات أعين " . سألوا ربهم أن يرزقهم أزواجا وأعقابا عمالا لله ، يسرون بمكانهم وتقر بهم عيونهم . وعن محمد بن كعب : ليس شيء أقر لعين المؤمن من أن يرى زوجته وأولاده مطيعين لله . وعن ابن عباس -رضي الله عنهما - : هو الولد إذا رآه يكتب الفقه . وقيل : سألوا أن يلحق الله بهم أزواجهم وذريتهم [ ص: 374 ] في الجنة ليتم لهم سرورهم . أراد أئمة ، فاكتفى بالواحد لدلالته على الجنس ولعدم اللبس ، كقوله تعالى : ثم يخرجكم طفلا [غافر : 67 ] أو أرادوا اجعل كل واحد منا إماما . أو أراد جمع آم ، كصائم وصيام . أو أرادوا اجعلنا إماما واحدا لاتحادنا واتفاق ملتنا . وعن بعضهم : في الآية ما يدل على أن الرياسة في الدين يجب أن تطلب ويرغب فيها . وقيل : نزلت هذه الآيات في العشرة المبشرين بالجنة . فإن قلت : " من" في قوله : من أزواجنا ما هي ؟ قلت : يحتمل أن تكون بيانية ، كأنه قيل : هب لنا قرة أعين ، ثم بينت القرة وفسرت بقوله : من أزواجنا وذرياتنا . ومعناه : أن يجعلهم الله لهم قرة أعين ، وهو من قولهم : رأيت منك أسدا ، أي : أنت أسد ، وأن تكون ابتدائية على معنى : هب لنا من جهتهم ما تقر به عيوننا من طاعة وصلاح . فإن قلت : لم قال قرة أعين فنكر وقلل ؟ قلت : أما التنكير فلأجل تنكير القرة ؛ لأن المضاف لا سبيل إلى تنكيره إلا بتنكير المضاف إليه ، كأنه قيل : هب لنا منهم سرورا وفرحا . وإنما قيل : "أعين" دون عيون ؛ لأنه أراد أعين المتقين ، وهي قليلة بالإضافة إلى عيون غيرهم . قال الله تعالى : وقليل من عبادي الشكور [سبأ : 13 ] ، ويجوز أن يقال في تنكير " أعين" أنها أعين خاصة ، وهي أعين المتقين .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية