الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ فرع ] البعد بين البئر والبالوعة بقدر ما لا يظهر للنجس أثر ( ويعتبر سؤر بمسئر ) اسم فاعل من أسأر : أي أبقى لاختلاطه بلعابه ( فسؤر آدمي مطلقا ) ولو جنبا أو كافرا أو امرأة ، نعم يكره سؤرها للرجل كعكسه للاستلذاذ واستعمال ريق الغير ، وهو لا يجوز مجتبى .

التالي السابق


( قوله البعد إلخ ) اختلف في مقدار البعد المانع من وصول نجاسة البالوعة إلى البئر ، ففي رواية خمسة أذرع ، وفي رواية سبعة . وقال الحلواني : المعتبر الطعم أو اللون أو الريح ، فإن لم يتغير جاز وإلا لا ولو كان عشرة أذرع .

وفي الخلاصة والخانية : والتعويل عليه وصححه في المحيط بحر .

والحاصل أنه يختلف بحسب رخاوة الأرض وصلابتها ، ومن قدره اعتبر حال أرضه . [ ص: 222 ]

مطلب في السؤر ( قوله ويعتبر سؤر بمسئر ) لما فرغ من بيان فساد الماء وعدمه باعتبار وقوع نفس الحيوانات فيه ذكرها باعتبار ما يتولد منها . والسؤر بالضم مهموز العين : بقية الماء التي يبقيها الشارب في الإناء أو في الحوض ثم استعير لبقية الطعام وغيره ، والجمع الأسآر والفعل أسأر : أي أبقى مما شرب بحر وغيره ، وظاهر القاموس أن السؤر حقيقة في مطلق البقية ، والمعنى أن السؤر يعتبر بلحم مسئره طاهرا فسؤره طاهرا ، أو نجسا فنجس ، أو مكروها فمكروه ، أو مشكوكا فمشكوك ابن ملك ( قوله اسم الفاعل من أسأر ) أي مسئر اسم فاعل قياسي ، مأخوذ من مصدر أسأر أو سأر كمنع ، واسم فاعلهما السماعي سآر كسحار ، والقياسي جائز كما في القاموس ( قوله لاختلاطه بلعابه ) علة ليعتبر : أي ولعابه متولد من لحمه ، فاعتبر به طهارة ونجاسة وكراهة وشكا منح . ا هـ ط ( قوله ولو جنبا إلخ ) بيان للإطلاق .

فإن قيل ينبغي أن يتنجس سؤره على القول بنجاسة المستعمل لسقوط الفرض بهذا الشرب على الراجح . قلنا المستعمل هو المشروب لا ما بقي ، ولو سلم فلا يستعمل للحرج كإدخال اليد في الحب لكوز ، وتمامه في البحر ( قوله أو كافرا ) ; لأنه عليه الصلاة والسلام أنزل بعض المشركين في المسجد على ما في الصحيحين ، فالمراد بقوله تعالى { إنما المشركون نجس } النجاسة في اعتقادهم بحر ، ولا يشكل نزح البئر به لو أخرج حيا ; لأن ذلك لما عليه في الغالب من النجاسة الحقيقية أو الحكمية كما قدمناه ( قوله أو امرأة ) أي ولو حائضا أو نفساء ، لما روى مسلم وغيره عن { عائشة رضي الله عنها قالت كنت أشرب وأنا حائض فأناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع في } بحر ( قوله نعم يكره سؤرها إلخ ) أي في الشرب لا في الطهارة بحر . قال الرملي : ويجب تقييده بغير الزوجة والمحارم . ا هـ .

وأورد بعضهم على قول البحر لا في الطهارة ما مر في الوضوء من أنه يكره التوضؤ بفضل ماء المرأة ، والمراد به السؤر . أقول : المراد به الماء الذي توضأت به في خلوتها كما أوضحناه فيما مر ، فتدبر ( قوله للاستلذاذ ) قال شيخنا : ويستفاد منه كراهة الحلاق الأمرد إذا وجد المحلوق رأسه من اللذة ما يزيد على ما لو كان ملتحيا . ا هـ . فكراهة التكبيس وغمز الرجلين واليدين من الأمرد في الحمام بالأولى ط ( قوله واستعمال ريق الغير ) اعترضه أبو السعود بأنه يشمل سؤر الرجل لرجل والمرأة للمرأة فالظاهر الاقتصار على التعليل الأول كما فعل في النهر . ا هـ أي ; لأنه صلى الله عليه وسلم كان يشرب ويعطي الإناء لمن عن يمينه ويقول " الأيمن فالأيمن " نعم عبر في المنح بالأجنبية ، وفيه نظر أيضا . والذي يظهر أن العلة الاستلذاذ فقط ، ويفهم منه أنه حيث لا استلذاذ لا كراهة ولا سيما إذا كان يعافه ( قوله مجتبى ) أي قبيل كتاب الوصايا ، وكان المناسب ذكره قبل التعليل لأني لم أره في المجتبى .




الخدمات العلمية