الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( كما كره ) تحريما ( استقبال قبلة واستدبارها ل ) أجل ( بول أو غائط ) فلو للاستنجاء لم يكره ( ولو في بنيان ) لإطلاق النهي ( فإن جلس مستقبلا لها ) غافلا ( ثم ذكره انحرف ) ندبا لحديث الطبري { من جلس [ ص: 342 ] يبول قبالة القبلة فذكرها فانحرف عنها إجلالا لها لم يقم من مجلسه حتى يغفر له } ( إن أمكنه وإلا فلا ) بأس .

التالي السابق


( قوله : استقبال قبلة ) أي : جهتها كما في الصلاة فيما يظهر . ونص الشافعية على أنه لو استقبلها بصدره وحول ذكره عنها وبال لم يكره بخلاف عكسه . ا هـ . أي : فالمعتبر الاستقبال بالفرج ، وهو ظاهر قول محمد في الجامع الصغير " يكره أن يستقبل القبلة بالفرج في الخلاء " وهل يلزمه التحري لو اشتبهت عليه كما في الصلاة ؟ الظاهر نعم ، ولو هبت ريح عن يمين القبلة ويسارها وغلب على ظنه عود النجاسة عليه فالظاهر أنه يتعين عليه استدبار القبلة حيث أمكن ; لأن الاستقبال أفحش - والله أعلم - . ( قوله : واستدبارها ) هو الصحيح . وروي عن أبي حنيفة أنه يحل الاستدبار . ( قوله : لم يكره ) أي : تحريما ، لما في المنية أن تركه أدب ، ولما مر في الغسل أن من آدابه أن لا يستقبل القبلة ; لأنه يكون غالبا مع كشف العورة ، حتى لو كانت مستورة لا بأس به ، ولقولهم يكره مد الرجلين إلى القبلة في النوم وغيره عمدا ، وكذا في حال مواقعة أهله . مطلب القول المرجح على الفعل

. ( قوله : لإطلاق النهي ) وهو قوله : صلى الله عليه وسلم { إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ، ولكن شرقوا أو غربوا } رواه الستة ، وفيه رد لرواية حل الاستدبار ، ولقول الشافعي بعدم الكراهة في البنيان أخذا من [ ص: 342 ] { قول ابن عمر رضي الله تعالى عنهما رقيت يوما على بيت حفصة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة } رواه الشيخان . ورجح الأول بأنه قول وهذا فعل ، والقول أولى ; لأن الفعل يحتمل الخصوصية والعذر وغير ذلك ، وبأنه محرم وهذا مبيح ، والمحرم مقدم . وتمامه في شرح المنية . ( قوله : قبالة ) بضم القاف بمعنى تجاه قاموس . ا هـ . ط . ( قوله : فانحرف عنها ) أي : بجملته أو بقبله حتى خرج عن جهتها والكلام مع الإمكان ، فليس في الحديث دلالة على أن المنهي استقبال العين كما لا يخفى فافهم . ( قوله : حتى يغفر له ) أي : تقصيره في عدم تثبته حتى غفل واستقبلها ، أو المراد غفران ما شاء الله تعالى من ذنوبه الصغائر { إن الحسنات يذهبن السيئات } . ( قوله : وإلا فلا بأس ) أي : وإن لم يمكنه فلا بأس ، والمراد نفي الكراهة أصلا . ويحتمل أن المعنى وإن لم ينحرف مع الإمكان فلا بأس كما في النهاية وحينئذ فالمراد به خلاف الأولى كما هو الشائع في استعماله ، وإلى ذلك أشار الشارح أولا بقوله ندبا




الخدمات العلمية