الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وفرض القراءة آية على المذهب ) هي لغة : العلامة . وعرفا : طائفة من القرآن مترجمة ، أقلها ستة أحرف ولو تقديرا ، ك ( لم يلد ) ، إلا إذا كان كلمة فالأصح عدم الصحة وإن كررها مرارا إلا إذا حكم حاكم فيجوز ذكره القهستاني . ولو قرأ آية طويلة في الركعتين فالأصح الصحة اتفاقا لأنه يزيد على ثلاث آيات قصار قاله الحلبي . [ ص: 538 ] ( وحفظها فرض عين ) متعين على كل مكلف

التالي السابق


( قوله على المذهب ) أي الذي هو ظاهر الرواية عن الإمام وفي رواية عنه ما يطلق عليه اسم القرآن ولم يشبه قصد خطاب أحد . وجزم القدوري بأنه الصحيح من مذهب الإمام ورجحه الزيلعي بأنه أقرب إلى القواعد الشرعية لأن المطلق ينصرف إلى الأدنى . وفي البحر : فيه نظر ، بل ينصرف إلى الكامل .

قلت : وهو مدفوع بأن براءة الذمة لا تتوقف على الكامل وإلا لزم فرضية الطمأنينة في الركوع والسجود .

قال في شرح المنية : وعلى هذه الرواية لا يجزئ عنده نحو - ثم نظر - أي لأنه يشبه قصد الخطاب والإخبار تأمل وفي رواية ثالثة عنه وهي قولهما ثلاث آيات قصار أو آية طويلة ( قوله وعرفا طائفة من القرآن مترجمة إلخ ) أي اعتبر لها مبدأ ومقطع ، وهذا التعريف نقله في الحلية عن حاشية الكشاف لعلاء الدين البهلواني . ونقل في النهر عن شرح الشاطبية للجعبري ما يرجع إليه ، وهو أنها قرآن مركب من جمل ولو تقديرا ذو مبدإ ومقطع مندرج في سورة ( قوله ولو تقديرا إلخ ) أشار إلى الرد على البحر ، حيث اعترض التعريف المذكور بأن - { لم يلد } - آية ، ولذا جوز الإمام بها الصلاة ، وهي خمسة أحرف . ووجه الرد أن - { لم يلد } - أصله لم يولد فهو ستة تقديرا ، لكن الذي رأيته في الحلية والبحر عن الحواشي المذكورة أقلها ستة أحرف صورة ، فالرد في غير محله ، نعم في النهر : قل إن الآية هي وما بعدها ومن ثم قيل : الإخلاص أربع ، وقيل خمس فيجوز أن يكون ما في الحواشي بناء على الأول ( قوله إلا إذا كانت كلمة ) استثناء من المتن ، لأنه في معنى تصح الصلاة بآية ( قوله فالأصح عدم الصحة ) كذا في المنية ، وهو شامل لمثل - { مدهامتان } - ومثل - ص - و - ق - و ن - لكن ذكر في الحلية والبحر أن الذي مشى عليه الإسبيجابي في الجامع الصغير وشرح الطحاوي وصاحب البدائع الجواز في - { مدهامتان } - عنده من غير حكاية خلاف ( قوله إلا إذا حكم حاكم ) صورته : علق عتق عبده بصلاته صلاة صحيحة فصلى بمدهامتان غير مكررة أو مكررة فترافعا إلى حاكم يرى صحة الصلاة بذلك ، فقضى بعتقه ، فيكون قضاء بصحة الصلاة ضمنا ، فتصح اتفاقا لأن حكم الحاكم في المجتهد فيه يرفع الخلاف أفاده ح ( قوله لأنه يزيد على ثلاث آيات ) تعليل للمذهبين لأن نصف الآية الطويلة إذا كان يزيد على ثلاث آيات قصار يصح على قولهما فعلى قول أبي حنيفة المكتفي بالآية أولى ح . قال في البحر : وعلم من تعليلهم أن كون المقروء . في كل ركعة النصف ليس بشرط بل أن يكون البعض يبلغ ما يعد بقراءته قارئا عرفا . ا هـ .

أقول : وينبغي أن يكون الاكتفاء بما دون الآية مفرعا على الرواية الثانية عن الإمام ، لأن الرواية الأولى التي تقدم أنها ظاهر الرواية لا بد من آية تامة تأمل . [ تنبيه ]

لم أر من قدر أدنى ما يكفي بحد مقدر من الآية الطويلة ، وظاهر كلام البحر كغيره أنه موكول إلى [ ص: 538 ] العرف لا إلى عدد حروف أقصر آية ، وعلى هذا لو أراد قراءة قدر ثلاث آيات التي هي واجبة عند الإمام لا بد أن يقرأ من الآية الطويلة مقدار ثلاثة أمثال مما يسمى بقراءته قارئا عرفا ، ولذا فرضوا المسألة بآية الكرسي وآية المداينة . وفي التتارخانية والمعراج وغيرهما : لو قرأ آية طويلة كآية الكرسي . أو المداينة البعض في ركعة والبعض في ركعة اختلفوا فيه على قول أبي حنيفة ، قيل لا يجوز لأنه ما قرأ آية تامة في كل ركعة ، وعامتهم على أنه يجوز لأن بعض هذه الآيات يزيد على ثلاث قصار أو يعدلها فلا تكون قراءته أقل من ثلاث آيات . ا هـ . لكن التعليل الأخير ربما يفيد اعتبار العدد في الكلمات أو الحروف ، ويفيد قولهم : لو قرأ آية تعدل أقصر سورة جاز ، وفي بعض العبارات تعدل ثلاثا قصارا أي كقوله تعالى - { ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر } - وقدرها من حيث الكلمات عشر ، ومن حيث الحروف ثلاثون ، فلو قرأ - { الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم } - يبلغ مقدار هذه الآيات الثلاث ، فعلى ما قلناه لو اقتصر على هذا القدر في كل ركعة كفى عن الواجب ، ولم أر من تعرض لشيء من ذلك فليتأمل . مطلب في الفرق بين فرض العين وفرض الكفاية

( قوله وحفظها ) أي الآية فرض عين : أي فرض ثابت على كل واحد من المكلفين بعينه كما أشار إليه في شرح التحرير حيث فرق بينه وبين فرض الكفاية ، بأن الثاني متحتم مقصود حصوله من غير نظر بالذات إلى فاعله بخلاف الأول فإنه منظور بالذات إلى فاعله حيث قصد حصوله من عين مخصوصة ، كالمفروض على النبي صلى الله عليه وسلم دون أمته ، أو من كل عين عين : أي واحد واحد من المكلفين . ا هـ . والظاهر أن الإضافة فيهما من إضافة الاسم إلى صفته : كمسجد الجامع ، وحبة الحمقاء : أي فرض متعين : أي ثابت على كل مكلف بعينه ، وفرض الكفاية : معناه فرض ذو كفاية : أي يكتفى بحصوله من أي فاعل كان تأمل




الخدمات العلمية