الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5330 15 - حدثنا قتيبة، عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنها قالت: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر وبلال رضي الله عنهما قالت: فدخلت عليهما قلت: يا أبت كيف تجدك؟ ويا بلال كيف تجدك؟ قالت: وكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول:


                                                                                                                                                                                  كل امرئ مصبح في أهله والموت أدنى من شراك نعله



                                                                                                                                                                                  وكان بلال إذا أقلعت عنه يقول:


                                                                                                                                                                                  ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة     بواد وحولي إذخر وجليل
                                                                                                                                                                                  وهل أردن يوما مياه مجنة     وهل يبدون لي شامة وطفيل



                                                                                                                                                                                  [ ص: 217 ] قالت عائشة: فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، اللهم وصححها وبارك لنا في مدها وصاعها، وانقل حماها فاجعلها بالجحفة.


                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: "فدخلت عليهما" لأن دخول عائشة على أبي بكر وبلال كان لعيادتهما وهما متوعكان.

                                                                                                                                                                                  والحديث قد مر في باب مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن يوسف، عن مالك إلى آخره، وهنا عن قتيبة بن سعيد، عن مالك. ومر الكلام فيه مبسوطا، تركنا أكثره هنا؛ خوفا من التكرار.

                                                                                                                                                                                  قوله: "كيف تجدك" بالتاء المثناة من فوق أي: كيف تجد نفسك.

                                                                                                                                                                                  قوله: "أدنى" أي: أقرب. والشراك بكسر الشين المعجمة أحد سيور النعل التي تكون على وجهه.

                                                                                                                                                                                  قوله: "بواد" بالتنكير أي: وادي مكة. والإذخر والجليل نباتان، ومجنة بفتح الميم والجيم وتشديد النون، اسم موضع على أميال من مكة، وكان سوقا في الجاهلية.

                                                                                                                                                                                  قوله: "يبدون" بالنون الخفيفة أي: هل يظهر. وشامة وطفيل جبلان بمكة، والجحفة بضم الجيم وسكون الحاء المهملة وبالفاء موضع بين مكة والمدينة، وهي ميقات أهل الشام، وكان اسمها مهيعة بفتح الميم وسكون الهاء وفتح الياء آخر الحروف والعين المهملة فأجحف السيل بأهلها فسميت جحفة، وجوز طائفة نقل الحمى مع أنها عرض، والمعنى الصحيح أن تعدم من المدينة وتظهر في الجحفة، وكان أهلها يهود شديد الإيذاء والعداوة للمؤمنين، فلذلك دعا عليهم، وأراد الخير لأهل الإسلام.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية