الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              7049 7487 - حدثنا محمد بن بشار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة، عن واصل، عن المعرور قال: سمعت أبا ذر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " أتاني جبريل فبشرني أنه من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ". قلت وإن سرق وإن زنى؟! قال: " وإن سرق وإن زنى ". [ انظر: 1237 - مسلم: 94 - فتح: 13 \ 461 ].

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ( وقال معمر: وإنك لتلقى القرآن أي: يلقى عليك. وتلقاه أنت أي: تأخذه عنهم، ومثله: فتلقى آدم من ربه كلمات ).

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 417 ] أخرجه عن معمر عبد الرزاق.

                                                                                                                                                                                                                              ثم ذكر ثلاثة أحاديث سلفت:

                                                                                                                                                                                                                              حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - : " إن الله إذا أحب عبدا نادى جبريل: إن الله قد أحب فلانا فأحبه " الحديث.

                                                                                                                                                                                                                              وحديثه أيضا: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل". الحديث.

                                                                                                                                                                                                                              وحديث أبي ذر - رضي الله عنه - يرفعه: "أتاني جبريل فبشرني أنه من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة". قلت وإن سرق وإن زنى؟! قال: "وإن سرق وإن زنى".

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 418 ] هذا الباب كالباب الذي قبله في إثبات كلامه تعالى وإسماعه جبريل والملائكة، فيسمعون عند ذلك الكلام القائم بذاته الذي لا يشبه كلام المخلوقين; إذ ليس بحروف ولا تقطيع بفم، وليس من شرطه أن يكون بلسان وشفتين وآلات، وحقيقته أن يكون مسموعا مفهوما، ولا يليق بالباري تعالى أن يستعين في كلامه بالجوارح والأدوات، فمن قال: لم أشاهد كلاما إلا بأدوات لزمه التشبيه; إذ حكم على الله بحكم المخلوقين، وخالف قوله - عز وجل - : ليس كمثله شيء [ الشورى: 11 ].

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              قوله: فتلقى آدم من ربه كلمات : جمع على معنى التعظيم، وإنما هو في الحقيقة كلام واحد كما سلف.

                                                                                                                                                                                                                              وروي أن آدم قال: يا رب عملي هذا هل شيء اخترعته أم أمر كتبته علي؟ فقال: بل كتبته عليك فقال: أسألك كما كتبت علي أن تغفر لي. فإن كان هذا محفوظا، فإنما قاله اعترافا صحيحا.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 419 ] فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وقوله في الحديث الأول: ( "فيوضع له القبول في الأرض" ) يعني: عند الصالحين ليس عند جميع الخلق، والذي يوضع له بعد موته أكثر منه في حياته.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              و"يتعاقبون" قد سلف أنه لغة الحارث بن كعب يجمعون الفعل، قال الداودي: وروي أن الملائكة تنزل معهم بصحف مختومة فيها أعمال العباد إلا خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فيلحقون ذلك.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وحديث أبي ذر - رضي الله عنه - فيه رد على من يقول: إن المؤمن إذا أتى كبيرة لا يدخل الجنة، والسنة على خلافه.

                                                                                                                                                                                                                              وأول من قال: الفاسق منزلة بين منزلتين لا مؤمن ولا كافر واصل بن عطاء، واعتزل الأمة وفارقها لما قاله، فسمي معتزليا; لأن الأمة على قولين: فرقة تكفر بالذنوب، وفرقة تقول: هو مؤمن بإيمانه فاسق بفسقه، فابتدع واصل مقالة ثالثة.

                                                                                                                                                                                                                              وأما قوله تعالى: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون [ المائدة: 47 ]، الظالمون [ المائدة: 45 ]، الكافرون [ المائدة: 44 ]، فمحمول على استحلاله، وكذا قوله تعالى: ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم الآية [ النساء: 93 ] وإن جازاه.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية