الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في الصداق]

                                                                                                                                                                                        وأما الصداق: فإن فسخ قبل الدخول أو طلق قبل الفسخ فلا شيء عليه ، وإن دخل كان لها صداق المثل، وإن كان فساده من قبل صداقه، أو من قبل عقده وصداقه.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كان الفساد في العقد وحده; هل يكون لها المسمى، أو صداق المثل؟ وشرح ذلك في الكتاب الثاني. وذكر العدة في النكاح الفاسد في الحياة، وبعد الموت مذكور في كتاب العدة.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم : إن تزوجت بغير ولي، ثم طلق الزوج قبل أن يجيز الولي وقع طلاقه عليها. فإن مات أحدهما كان بينهما الميراث، وقال: وإن اختلعت منه على مال دفعته إليه، ثم أتى الولي، فقال: لا أجيز عقده، كان الخلع جائزا ولم يرد; لأن طلاقه وقع عليها بما أعطته .

                                                                                                                                                                                        وقد اختلف في المرأة تزوجت بولاية الإسلام مع وجود ولاية النسب، فقال مالك مرة: النكاح باطل ، ولا مقال للولي. وقال مرة : النكاح [ ص: 1846 ] صحيح، وفيه حق لآدمي، وهو الولي، فيجيز، أو يرد . وقيل: النكاح فاسد لحق الله تعالى.

                                                                                                                                                                                        فعلى القول الأول يرث بعضهم بعضا.

                                                                                                                                                                                        واختلف في القول الثاني أن له أن يرده، فقال ابن القاسم : يرث بعضهم بعضا . يريد: لأن حق الولي يسقط بموتها; لأنه لم يبق بيده ما ينظر فيه. وإن مات الزوج لم يكن له أن يمنعها الصداق والميراث; لأن ذلك ضرر عليها.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد : إن مات الزوج ورثته، وإن ماتت هي كان للولي أن يمنعه الميراث; لأنه يقول لم أكن أجيز. وهذا يصح على من قال: إن للولي رد النكاح وإن كان صوابا. كما قال في التي من الموالي تزوجها رجل قرشي.

                                                                                                                                                                                        وفي كتاب ابن المواز : أن الولي إنما يرد إذا لم يكن إمضاؤه من حسن النظر. فعلى هذا ينظر فيه إن ماتت; فإن كان ممن ليس للولي أن يرده; لأنه صواب- كان الميراث بينهما، وإن لم يكن صوابا كان له أن يفسخ في الحياة، وإن ماتت قيل له: هل كنت تجيز أم لا؟ ومن قال: إن فيه حقا لله -عز وجل-، وإنه فاسد- لا يكون بينهما ميراث إلا على مراعاة الخلاف.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم : إذا كان النكاح مجموع على فسخه فقذفها لاعن . وإن ظاهر منها لم يلزمه إلا أن يريد أن يتزوجها بعد ذلك. وإن آلى منها لزمه; لأنه [ ص: 1847 ] لو آلى من أجنبية لزمه.

                                                                                                                                                                                        فالإيلاء واللعان يستوي فيهما ما أجمع على فساده واختلف فيه، ولا يلزم الظهار إلا في المجمع عليهما ، ويختلف في المختلف فيه، فمن ألزم الطلاق ألزمه الظهار، ومن لم يلزم الطلاق لم يلزمه الظهار.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية