الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
باب ما يجوز من شروط المكاتب ومن اشترط شرطا ليس في كتاب الله فيه عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم
2422 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة أن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها أخبرته nindex.php?page=hadith&LINKID=652373أن بريرة جاءت تستعينها في كتابتها ولم تكن قضت من كتابتها شيئا قالت لها عائشة ارجعي إلى أهلك فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك ويكون ولاؤك لي فعلت فذكرت ذلك بريرة لأهلها فأبوا وقالوا إن شاءت أن تحتسب عليك فلتفعل ويكون ولاؤك لنا فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتاعي فأعتقي فإنما nindex.php?page=treesubj&link=28328_23483_13661_27668_31545_4844_4833_26204_27072_7603_33642الولاء لمن أعتق قال ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما بال أناس يشترطون شروطا ليست في كتاب الله من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فليس له وإن شرط مائة مرة شرط الله أحق وأوثق
[ ص: 218 ]
قال الروياني : الكتابة إسلامية ولم تكن تعرف في الجاهلية ، كذا قال وكلام غيره يأباه ، ومنه قول ابن التين : كانت الكتابة متعارفة قبل الإسلام فأقرها النبي - صلى الله عليه وسلم - . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة في كلامه على حديث بريرة : قيل إن بريرة أول مكاتبة في الإسلام ، وقد كانوا يكاتبون في الجاهلية بالمدينة ، وأول من كوتب من الرجال في الإسلام سلمان ، وقد تقدم ذكر ذلك في البيوع في " باب البيع والشراء مع المشركين " .
وحكى ابن التين أن أول من كوتب أبو المؤمل ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أعينوه ، وأول من كوتب من النساء بريرة كما سيأتي حديثها في هذه الأبواب ، وأول من كوتب بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو أمية مولى عمر ، ثم سيرين مولى أنس . واختلف في nindex.php?page=treesubj&link=7448تعريف الكتابة ، وأحسنه : تعليق عتق بصفة على معاوضة مخصوصة . والكتابة خارجة عن القياس عند من يقول إن العبد لا يملك ، وهي لازمة من جهة السيد إلا إن عجز العبد ، وجائزة له على الراجح من أقوال العلماء فيها .
باب إثم من قذف مملوكه . قوله : ( باب إثم nindex.php?page=treesubj&link=18187_10507من قذف مملوكه ) كذا للجميع هنا إلا النسفي و أبا ذر ، ولم يذكر من أثبت هذه الترجمة فيها حديثا ، ولا أعرف لدخولها في أبواب المكاتب معنى . ثم وجدتها في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13265أبي علي بن شبويه مقدمة قبل كتاب المكاتب فهذا هو المتجه ، وعلى هذا فكان المصنف ترجم بها وأخلى بياضا ليكتب فيها الحديث الوارد في ذلك فلم يكتب كما وقع له في غيرها . وقد ترجم في كتاب الحدود " باب قذف العبد " أورد فيه حديث " nindex.php?page=hadith&LINKID=887913من قذف مملوكه - وهو بريء مما قال - جلد يوم القيامة " الحديث ، فلعله أشار بذلك إلى أنه يدخل في هذه الأبواب . [ ص: 219 ] قوله : ( باب nindex.php?page=treesubj&link=7457المكاتب ونجومه ) في كل سنة نجم ، وقوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33والذين يبتغون الكتاب الآية ساقوها إلى قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33الذي آتاكم إلا النسفي فقال بعد قوله في كل سنة nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33وآتوهم من مال الله الذي آتاكم . nindex.php?page=treesubj&link=7468ونجم الكتابة هو القدر المعين الذي يؤديه المكاتب في وقت معين ، وأصله أن العرب كانوا يبنون أمورهم في المعاملة على طلوع النجم والمنازل لكونهم لا يعرفون الحساب فيقول أحدهم : إذا طلع النجم الفلاني أديت حقك ، فسميت الأوقات نجوما بذلك ، ثم سمي المؤدى في الوقت نجما .
وعرف من الترجمة اشتراط nindex.php?page=treesubj&link=7489التأجيل في الكتابة ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وقوفا مع التسمية بناء على أن الكتابة مشتقة من الضم ، وهو ضم بعض النجوم إلى بعض ، وأقل ما يحصل به الضم نجمان ، وبأنه أمكن لتحصيل القدرة على الأداء . وذهب المالكية والحنفية إلى جواز الكتابة الحالة ، واختاره بعض الشافعية كالروياني . وقال ابن التين : لا نص لمالك في ذلك إلا أن محققي أصحابه شبهوه ببيع العبد من نفسه ، واختار بعض أصحاب مالك أن لا يكون أقل من نجمين كقول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، واحتج nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي وغيره بأن التأجيل جعل رفقا بالمكاتب لا بالسيد ، فإذا قدر العبد على [ ص: 220 ] ذلك لا يمنع منه وهذا قول الليث ، وبأن سلمان كاتب - بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يذكر تأجيلا ، وقد تقدم ذكر خبره ، وبأن عجز المكاتب عن القدر الحال لا يمنع صحة الكتابة كالبيع في المجلس ، كمن اشترى ما يساوي درهما بعشرة دراهم حالة وهو لا يقدر حينئذ إلا على درهم نفذ البيع مع عجزه عن أكثر الثمن ، وبأن الشافعية أجازوا السلم الحال ولم يقفوا مع التسمية مع أنها مشعرة بالتأجيل .
وأما قول المصنف : " في كل سنة نجم " فأخذه من صورة الخبر الوارد في قصة بريرة كما سيأتي التصريح به بعد باب ، ولم يرد المصنف أن ذلك شرط فيه ، فإن العلماء اتفقوا على أنه لو وقع التنجيم بالأشهر جاز ، ولم يثبت لفظ نجم في آخره في رواية النسفي ، واختلف في المراد بالخير في قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33إن علمتم فيهم خيرا كما سيأتي بعد بابين ، وروى ابن إسحاق عن خاله عبد الله بن صبيح بفتح المهملة عن أبيه قال : " كنت مملوكا nindex.php?page=showalam&ids=2207لحويطب بن عبد العزى ، فسألته الكتابة فأبى ، فنزلت : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33والذين يبتغون الكتاب الآية " أخرجه ابن السكن وغيره في ترجمة صبيح في الصحابة .
قوله : ( وقال روح عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : قلت لعطاء : أواجب علي إذا علمت له مالا أن أكاتبه ، قال : ما أراه إلا واجبا ) وصله إسماعيل القاضي في " أحكام القرآن " قال : " حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني حدثنا روح بن عبادة بهذا " ، وكذلك أخرجه عبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي من وجهين آخرين عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج .
قوله : ( وقال nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار قلت لعطاء أتأثره عن أحد ؟ قال : لا ) هكذا وقع في جميع النسخ التي وقعت لنا عن الفربري ، وهو ظاهر في هذا الأثر من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار عن عطاء ، وليس كذلك بل وقع في الرواية تحريف لزم منه الخطأ ، والذي وقع في رواية إسماعيل المذكورة " وقاله لي أيضا nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار " والضمير يعود على القول بوجوبها ، وقائل ذلك هو nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج وهو فاعل " قلت لعطاء " وقد صرح بذلك في رواية إسماعيل حيث قال فيها بالسند المذكور " قال nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج وأخبرني عطاء " وكذلك أخرجه عبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي - ومن طريقه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي - عن عبد الله بن الحارث كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج وقالا فيه : " وقالها nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار " والحاصل أن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج نقل عن عطاء التردد في الوجوب وعن nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار الجزم به أو موافقة عطاء . ثم وجدته في الأصل المعتمد من رواية النسفي عن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري على الصواب بزيادة الهاء في قوله وقال nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ولفظه " وقاله nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار " أي القول المذكور .
قوله : ( ثم أخبرني أن موسى بن أنس أخبره أن سيرين سأل أنسا المكاتبة وكان كثير المال ) القائل " ثم أخبرني " هو nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج أيضا ، ومخبره هو عطاء ، ووقع مبينا كذلك في رواية إسماعيل المذكورة ولفظه " قال nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج وأخبرني عطاء أن موسى بن أنس بن مالك أخبره أن سيرين أبا محمد بن سيرين سأل . . " فذكره ، ووقع في رواية عبد الرزاق عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج " أخبرني مخبر أن موسى بن أنس أخبره " وقد عرف اسم المخبر من رواية روح ، وظاهر سياقه الإرسال فإن موسى لم يذكر وقت سؤال سيرين من أنس الكتابة ، وقد رواه عبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري من وجه آخر متصلا من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس قال : " أرادني سيرين على المكاتبة فأبيت ، فأتى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب " فذكر نحوه . وسيرين المذكور يكنى أبا عمرة ، وهو والد محمد بن سيرين الفقيه المشهور وإخوته ، وكان من سبي عين التمر اشتراه أنس في خلافة أبي بكر ، وروى هو عن عمر وغيره ، وذكره nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في ثقات التابعين .
[ ص: 221 ] قوله : ( فانطلق إلى عمر ) زاد إسماعيل بن إسحاق في روايته " فاستعداه عليه " وزاد في آخر القصة " وكاتبه أنس " وروى ابن سعد من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين قال : " كاتب أنس أبي على أربعين ألف درهم " وروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12336أنس بن سيرين عن أبيه قال : " كاتبني أنس على عشرين ألف درهم " فإن كانا محفوظين جمع بينهما بحمل أحدهما على الوزن والآخر على العدد ، nindex.php?page=showalam&ids=12508ولابن أبي شيبة من طريق عبيد الله بن أبي بكر بن أنس قال : " هذه مكاتبة أنس عندنا : هذا ما كاتب أنس غلامه سيرين : كاتبه على كذا وكذا ألف وعلى غلامين يعملان مثل عمله " واستدل بفعل عمر على أنه كان يرى بوجوب الكتابة إذا سألها العبد ، لأن عمر لما ضرب أنسا على الامتناع دل على ذلك ، وليس ذلك بلازم لاحتمال أنه أدبه على ترك المندوب المؤكد ، وكذلك ما رواه عبد الرزاق : " أن عثمان قال لمن سأله الكتابة : لولا آية من كتاب الله ما فعلت " فلا يدل أيضا على أنه كان يرى الوجوب .
ونقل nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم القول بوجوبها عن مسروق والضحاك ، زاد القرطبي : وعكرمة . وعن إسحاق ابن راهويه أن مكاتبته واجبة إذا طلبها ، ولكن لا يجبر الحاكم السيد على ذلك . nindex.php?page=showalam&ids=13790وللشافعي قول بالوجوب ، وبه قال الظاهرية ، واختاره nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير الطبري . قال ابن القصار : إنما علا عمر أنسا بالدرة على وجه النصح لأنس ، ولو كانت الكتابة لزمت أنسا ما أبى ، وإنما ندبه عمر إلى الأفضل . وقال القرطبي : لما ثبت أن nindex.php?page=treesubj&link=4468_27700رقبة العبد وكسبه ملك لسيده دل على أن الأمر بكتابته غير واجب ، لأن قوله : " خذ كسبي وأعتقني " يصير بمنزلة قوله أعتقني بلا شيء وذلك غير واجب اتفاقا ومحل الوجوب عند من قال به إن كان العبد قادرا على ذلك ورضي السيد بالقدر الذي تقع به المكاتبة . وقال أبو سعيد الإصطخري : القرينة الصارفة للأمر في هذا عن الوجوب الشرط في قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33إن علمتم فيهم خيرا فإنه وكل الاجتهاد في ذلك إلى المولى ، ومقتضاه أنه إذا رأى عدمه لم يجبر عليه ، فدل على أنه غير واجب . وقال غيره : الكتابة عقد غرر ، وكان الأصل أن لا تجوز ، فلما وقع الإذن فيها كان أمرا بعد منع والأمر بعد المنع للإباحة ، ولا يرد على هذا كونها مستحبة لأن استحبابها ثبت بأدلة أخرى ،
ثم أورد المصنف قصة بريرة من عدة طرق في جميع أبواب الكتابة ، فأورد في هذه الترجمة طريق الليث عن يونس عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة تعليقا ، ووصله الذهلي في " الزهريات " عن أبي صالح كاتب الليث عن الليث ، والمحفوظ رواية الليث له عن ابن شهاب نفسه بغير واسطة ، وسيأتي في الباب الذي يليه عن قتيبة عن الليث ، وأخرجه مسلم أيضا عن قتيبة ، وكذلك أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=14695والطحاوي وغيرهما من طريق ابن وهب عن رجال من أهل العلم منهم يونس nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث كلهم عن ابن شهاب ، وهذا هـو المحفوظ أن يونس رفيق الليث فيه لا شيخه ، ووقع التصريح بسماع الليث له من ابن شهاب عن أبي عوانة من طريق مروان بن محمد ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من طريق ابن وهب كلاهما عن الليث . وقد وقع في هذه الرواية المعلقة أيضا مخالفة للروايات المشهورة في موضع فيه نظر وهو قوله في المتن " وعليها خمس أواق نجمت عليها في خمس سنين " والمشهور ما في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة الآتية بعد بابين عن أبيه " أنها كاتبت على تسع أواق في كل عام أوقية " وكذا في رواية ابن وهب عن يونس عند مسلم ، وقد جزم nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي بأن الرواية المعلقة غلط ، ويمكن الجمع بأن التسع أصل والخمس كانت بقيت عليها ، وبهذا جزم القرطبي والمحب الطبري ، ويعكر عليه قوله في رواية قتيبة " ولم تكن أدت من كتابتها شيئا " ويجاب بأنها كانت حصلت الأربع أواق قبل أن تستعين عائشة ، ثم جاءتها وقد بقي عليها خمس .
وقال القرطبي : [ ص: 222 ] يجاب بأن الخمس هي التي كانت استحقت عليها بحلول نجومها من جملة التسع الأواقي المذكورة في حديث هشام ، ويؤيده قوله في رواية عمرة عن عائشة الماضية في أبواب المساجد " فقال أهلها : إن شئت أعطيت ما يبقى " وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي أنه رأى في الأصل المسموع على الفربري في هذه الطريق أنها كاتبت على خمسة أوساق وقال : إن كان مضبوطا فهو يدفع سائر الأخبار .
قلت : لم يقع في شيء من النسخ المعتمدة التي وقفنا عليها إلا الأواقي ، وكذا في نسخة النسفي عن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وكان يمكن على تقدير صحته أن يجمع بأن قيمة الأوساق الخمسة تسع أواق ، لكن يعكر عليه قوله : " في خمس سنين " فيتعين المصير إلى الجمع الأول . وقوله في هذه الرواية " فقالت عائشة ونفست فيها " هو بكسر الفاء جملة حالية أي رغبت .
قوله : ( باب ما يجوز من nindex.php?page=treesubj&link=7458شروط المكاتب ، ومن اشترط شرطا ليس في كتاب الله ) جمع في هذه الترجمة بين حكمين ، وكأنه فسر الأول بالثاني ، وأن ضابط الجواز ما كان في كتاب الله ، وسيأتي في الشروط أن المراد بما ليس في كتاب الله ما خالف كتاب الله ، وقال ابن بطال : المراد بكتاب الله هنا حكمه من كتابه أو سنة رسوله أو إجماع الأمة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة : ليس في كتاب الله أي ليس في حكم الله جوازه أو وجوبه ، لا أن كل من شرط شرطا لم ينطق به الكتاب يبطل ، لأنه قد يشترط في البيع الكفيل فلا يبطل الشرط ، ويشترط في الثمن شروط من أوصافه أو من نجومه ونحو ذلك فلا يبطل ، وقال النووي : قال العلماء : nindex.php?page=treesubj&link=4501الشروط في البيع أقسام ، أحدها يقتضيه إطلاق العقد كشرط تسليمه ، الثاني شرط فيه مصلحة كالرهن وهما جائزان اتفاقا ، الثالث اشتراط العتق في العبد وهو جائز عند الجمهور لحديث عائشة وقصة بريرة ، الرابع ما يزيد على [ ص: 223 ] مقتضى العقد ولا مصلحة فيه للمشتري كاستثناء منفعته فهو باطل .
وقال القرطبي : قوله : " ليس في كتاب الله " أي ليس مشروعا في كتاب الله تأصيلا ولا تفصيلا ، ومعنى هذا أن من الأحكام ما يؤخذ تفصيله من كتاب الله كالوضوء ، ومنها ما يؤخذ تأصيله دون تفصيله كالصلاة ، ومنها ما أصل أصله كدلالة الكتاب على أصلية السنة والإجماع وكذلك القياس الصحيح ، فكل ما يقتبس من هذه الأصول تفصيلا فهو مأخوذ من كتاب الله تأصيلا .
قوله : ( فيه عن ابن عمر ) كذا لأبي ذر ، ولغيره " فيه ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " وكأنه أشار بذلك إلى حديث ابن عمر الآتي في الباب الذي يليه ، وقد مضى بلفظ الاشتراط في " باب البيع والشراء مع النساء " من كتاب البيوع .
قوله : ( إن بريرة ) هي بفتح الموحدة بوزن فعيلة ، مشتقة من البرير وهو ثمر الأراك . وقيل إنها فعيلة من البر بمعنى مفعولة كمبرورة ، أو بمعنى فاعلة كرحيمة ، هكذا وجهه القرطبي . والأول أولى لأنه - صلى الله عليه وسلم - غير اسم جويرية وكان اسمها برة وقال : nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=32لا تزكوا أنفسكم فلو كانت بريرة من البر لشاركتها في ذلك . وكانت بريرة لناس من الأنصار كما وقع عند أبي نعيم ، وقيل لناس من بني هلال قاله nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر ، ويمكن الجمع . وكانت تخدم عائشة قبل أن تعتق كما سيأتي في حديث الإفك ، وعاشت إلى خلافة معاوية ، وتفرست في nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان أنه يلي الخلافة فبشرته بذلك وروى هو ذلك عنها .
قوله : ( فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك ويكون ولاؤك لي فعلت ) كذا في هذه الرواية ، وهي نظير رواية مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة الآتية في الشروط بلفظ " إن أحب أهلك أن أعدها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت " وظاهره أن عائشة طلبت أن يكون الولاء لها إذا بذلت جميع مال المكاتبة . ولم يقع ذلك إذ لو وقع ذلك لكان اللوم على عائشة بطلبها ولاء من أعتقها غيرها . وقد رواه أبو أسامة عن هشام بلفظ يزيل الإشكال فقال بعد قوله : " أن أعدها لهم عدة واحدة وأعتقك ويكون ولاؤك لي فعلت " .
وكذلك رواه وهيب عن هشام ، فعرف بذلك أنها أرادت أن تشتريها شراء صحيحا ثم تعتقها إذ العتق فرع ثبوت الملك ، ويؤيده قوله في بقية حديث الزهري في هذا الباب فقال - صلى الله عليه وسلم - : ابتاعي فأعتقي وهو يفسر قوله في رواية مالك عن هشام " خذيها " ويوضح ذلك أيضا قوله في طريق أيمن الآتية " دخلت على بريرة وهي مكاتبة فقالت : اشتريني وأعتقيني ، قالت : نعم " وقوله في حديث ابن عمر " أرادت عائشة أن تشتري جارية فتعتقها " وبهذا يتجه الإنكار على موالي بريرة ؛ إذ وافقوا عائشة على بيعها ثم أرادوا أن يشترطوا أن يكون الولاء لهم ، ويؤيده قوله في رواية أيمن المذكورة " قالت : لا تبيعوني حتى تشترطوا ولائي " وفي رواية الأسود الآتية في الفرائض عن عائشة " اشتريت بريرة لأعتقها ، فاشترط أهلها ولاءها " وسيأتي قريبا في الهبة من طريق القاسم عن عائشة " أنها أرادت أن تشتري بريرة وأنهم اشترطوا ولاءها " .
قوله : ( ارجعي إلى أهلك ) المراد بالأهل هنا السادة ، والأهل في الأصل الآل ، وفي الشرع من تلزم نفقته على الأصح عند الشافعية .
[ ص: 224 ] قوله : ( إن شاءت أن تحتسب ) هو من الحسبة بكسر المهملة أي تحتسب الأجر عند الله ولا يكون لها ولاء .
قوله : ( فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم ) في رواية هشام " فسمع بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألني فأخبرته " وفي رواية مالك عن هشام " فجاءت من عندهم ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس فقالت : إني عرضت عليهم فأبوا ، فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - " وفي رواية أيمن الآتية " فسمع بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - أو بلغه " زاد في الشروط من هذا الوجه فقال : " ما شأن بريرة " ولمسلم من رواية أبي أسامة ، nindex.php?page=showalam&ids=13114ولابن خزيمة من رواية حماد بن سلمة كلاهما عن هشام nindex.php?page=hadith&LINKID=887914 " فجاءتني بريرة والنبي - صلى الله عليه وسلم - جالس فقالت لي فيما بيني وبينها : ما أراد أهلها ، فقلت : لا هالله إذا ، ورفعت صوتي وانتهرتها ، فسمع ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألني فأخبرته " لفظ nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة .
قوله : ( ابتاعي فأعتقي ) هو كقوله في حديث ابن عمر : " nindex.php?page=hadith&LINKID=887915لا يمنعك ذلك " وليس في ذلك شيء من الإشكال الذي وقع في رواية هشام الآتية في الباب الذي يليه .
قوله : ( وإن شرط ) في رواية أبي ذر " وإن اشترط " .
قوله : ( مائة مرة ) في رواية المستملي " مائة شرط " وكذا هـو في رواية هشام وأيمن ، قال النووي : معنى قوله : " ولو اشترط مائة شرط " أنه لو شرط مائة مرة توكيدا فهو باطل ، ويؤيده قوله في الرواية الأخيرة : " إن شرط مائة مرة " وإنما حمله على التأكيد لأن العموم في قوله : " كل شرط " وفي قوله : " من اشترط شرطا " دال على بطلان جميع الشروط المذكورة فلا حاجة إلى تقييدها بالمائة فإنها لو زادت عليها كان الحكم كذلك لما دلت عليها الصيغة . نعم الطريق الأخيرة من رواية أيمن عن عائشة بلفظ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=883988nindex.php?page=treesubj&link=26204الولاء لمن أعتق وإن اشترطوا مائة شرط وإن احتمل التأكيد لكنه ظاهر في أن المراد به التعدد ، وذكر المائة على سبيل المبالغة والله أعلم . وقال القرطبي : قوله : " nindex.php?page=hadith&LINKID=887916ولو كان مائة شرط " خرج مخرج التكثير ، يعني أن nindex.php?page=treesubj&link=33631الشروط الغير المشروعة باطلة ولو كثرت ، ويستفاد منه أن nindex.php?page=treesubj&link=33631الشروط المشروعة صحيحة وسيأتي التنصيص على ذلك في كتاب الشروط إن شاء الله تعالى .
قال الروياني : الكتابة إسلامية ولم تكن تعرف في الجاهلية ، كذا قال وكلام غيره يأباه ، ومنه قول ابن التين : كانت الكتابة متعارفة قبل الإسلام فأقرها النبي - صلى الله عليه وسلم - . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة في كلامه على حديث بريرة : قيل إن بريرة أول مكاتبة في الإسلام ، وقد كانوا يكاتبون في الجاهلية بالمدينة ، وأول من كوتب من الرجال في الإسلام سلمان ، وقد تقدم ذكر ذلك في البيوع في " باب البيع والشراء مع المشركين " .
وحكى ابن التين أن أول من كوتب أبو المؤمل ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أعينوه ، وأول من كوتب من النساء بريرة كما سيأتي حديثها في هذه الأبواب ، وأول من كوتب بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو أمية مولى عمر ، ثم سيرين مولى أنس . واختلف في nindex.php?page=treesubj&link=7448تعريف الكتابة ، وأحسنه : تعليق عتق بصفة على معاوضة مخصوصة . والكتابة خارجة عن القياس عند من يقول إن العبد لا يملك ، وهي لازمة من جهة السيد إلا إن عجز العبد ، وجائزة له على الراجح من أقوال العلماء فيها .
باب إثم من قذف مملوكه . قوله : ( باب إثم nindex.php?page=treesubj&link=18187_10507من قذف مملوكه ) كذا للجميع هنا إلا النسفي و أبا ذر ، ولم يذكر من أثبت هذه الترجمة فيها حديثا ، ولا أعرف لدخولها في أبواب المكاتب معنى . ثم وجدتها في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13265أبي علي بن شبويه مقدمة قبل كتاب المكاتب فهذا هو المتجه ، وعلى هذا فكان المصنف ترجم بها وأخلى بياضا ليكتب فيها الحديث الوارد في ذلك فلم يكتب كما وقع له في غيرها . وقد ترجم في كتاب الحدود " باب قذف العبد " أورد فيه حديث " nindex.php?page=hadith&LINKID=887913من قذف مملوكه - وهو بريء مما قال - جلد يوم القيامة " الحديث ، فلعله أشار بذلك إلى أنه يدخل في هذه الأبواب . [ ص: 219 ] قوله : ( باب nindex.php?page=treesubj&link=7457المكاتب ونجومه ) في كل سنة نجم ، وقوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33والذين يبتغون الكتاب الآية ساقوها إلى قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33الذي آتاكم إلا النسفي فقال بعد قوله في كل سنة nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33وآتوهم من مال الله الذي آتاكم . nindex.php?page=treesubj&link=7468ونجم الكتابة هو القدر المعين الذي يؤديه المكاتب في وقت معين ، وأصله أن العرب كانوا يبنون أمورهم في المعاملة على طلوع النجم والمنازل لكونهم لا يعرفون الحساب فيقول أحدهم : إذا طلع النجم الفلاني أديت حقك ، فسميت الأوقات نجوما بذلك ، ثم سمي المؤدى في الوقت نجما .
وعرف من الترجمة اشتراط nindex.php?page=treesubj&link=7489التأجيل في الكتابة ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وقوفا مع التسمية بناء على أن الكتابة مشتقة من الضم ، وهو ضم بعض النجوم إلى بعض ، وأقل ما يحصل به الضم نجمان ، وبأنه أمكن لتحصيل القدرة على الأداء . وذهب المالكية والحنفية إلى جواز الكتابة الحالة ، واختاره بعض الشافعية كالروياني . وقال ابن التين : لا نص لمالك في ذلك إلا أن محققي أصحابه شبهوه ببيع العبد من نفسه ، واختار بعض أصحاب مالك أن لا يكون أقل من نجمين كقول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، واحتج nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي وغيره بأن التأجيل جعل رفقا بالمكاتب لا بالسيد ، فإذا قدر العبد على [ ص: 220 ] ذلك لا يمنع منه وهذا قول الليث ، وبأن سلمان كاتب - بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يذكر تأجيلا ، وقد تقدم ذكر خبره ، وبأن عجز المكاتب عن القدر الحال لا يمنع صحة الكتابة كالبيع في المجلس ، كمن اشترى ما يساوي درهما بعشرة دراهم حالة وهو لا يقدر حينئذ إلا على درهم نفذ البيع مع عجزه عن أكثر الثمن ، وبأن الشافعية أجازوا السلم الحال ولم يقفوا مع التسمية مع أنها مشعرة بالتأجيل .
وأما قول المصنف : " في كل سنة نجم " فأخذه من صورة الخبر الوارد في قصة بريرة كما سيأتي التصريح به بعد باب ، ولم يرد المصنف أن ذلك شرط فيه ، فإن العلماء اتفقوا على أنه لو وقع التنجيم بالأشهر جاز ، ولم يثبت لفظ نجم في آخره في رواية النسفي ، واختلف في المراد بالخير في قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33إن علمتم فيهم خيرا كما سيأتي بعد بابين ، وروى ابن إسحاق عن خاله عبد الله بن صبيح بفتح المهملة عن أبيه قال : " كنت مملوكا nindex.php?page=showalam&ids=2207لحويطب بن عبد العزى ، فسألته الكتابة فأبى ، فنزلت : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33والذين يبتغون الكتاب الآية " أخرجه ابن السكن وغيره في ترجمة صبيح في الصحابة .
قوله : ( وقال روح عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : قلت لعطاء : أواجب علي إذا علمت له مالا أن أكاتبه ، قال : ما أراه إلا واجبا ) وصله إسماعيل القاضي في " أحكام القرآن " قال : " حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني حدثنا روح بن عبادة بهذا " ، وكذلك أخرجه عبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي من وجهين آخرين عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج .
قوله : ( وقال nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار قلت لعطاء أتأثره عن أحد ؟ قال : لا ) هكذا وقع في جميع النسخ التي وقعت لنا عن الفربري ، وهو ظاهر في هذا الأثر من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار عن عطاء ، وليس كذلك بل وقع في الرواية تحريف لزم منه الخطأ ، والذي وقع في رواية إسماعيل المذكورة " وقاله لي أيضا nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار " والضمير يعود على القول بوجوبها ، وقائل ذلك هو nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج وهو فاعل " قلت لعطاء " وقد صرح بذلك في رواية إسماعيل حيث قال فيها بالسند المذكور " قال nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج وأخبرني عطاء " وكذلك أخرجه عبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي - ومن طريقه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي - عن عبد الله بن الحارث كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج وقالا فيه : " وقالها nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار " والحاصل أن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج نقل عن عطاء التردد في الوجوب وعن nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار الجزم به أو موافقة عطاء . ثم وجدته في الأصل المعتمد من رواية النسفي عن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري على الصواب بزيادة الهاء في قوله وقال nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ولفظه " وقاله nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار " أي القول المذكور .
قوله : ( ثم أخبرني أن موسى بن أنس أخبره أن سيرين سأل أنسا المكاتبة وكان كثير المال ) القائل " ثم أخبرني " هو nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج أيضا ، ومخبره هو عطاء ، ووقع مبينا كذلك في رواية إسماعيل المذكورة ولفظه " قال nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج وأخبرني عطاء أن موسى بن أنس بن مالك أخبره أن سيرين أبا محمد بن سيرين سأل . . " فذكره ، ووقع في رواية عبد الرزاق عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج " أخبرني مخبر أن موسى بن أنس أخبره " وقد عرف اسم المخبر من رواية روح ، وظاهر سياقه الإرسال فإن موسى لم يذكر وقت سؤال سيرين من أنس الكتابة ، وقد رواه عبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري من وجه آخر متصلا من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس قال : " أرادني سيرين على المكاتبة فأبيت ، فأتى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب " فذكر نحوه . وسيرين المذكور يكنى أبا عمرة ، وهو والد محمد بن سيرين الفقيه المشهور وإخوته ، وكان من سبي عين التمر اشتراه أنس في خلافة أبي بكر ، وروى هو عن عمر وغيره ، وذكره nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في ثقات التابعين .
[ ص: 221 ] قوله : ( فانطلق إلى عمر ) زاد إسماعيل بن إسحاق في روايته " فاستعداه عليه " وزاد في آخر القصة " وكاتبه أنس " وروى ابن سعد من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين قال : " كاتب أنس أبي على أربعين ألف درهم " وروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12336أنس بن سيرين عن أبيه قال : " كاتبني أنس على عشرين ألف درهم " فإن كانا محفوظين جمع بينهما بحمل أحدهما على الوزن والآخر على العدد ، nindex.php?page=showalam&ids=12508ولابن أبي شيبة من طريق عبيد الله بن أبي بكر بن أنس قال : " هذه مكاتبة أنس عندنا : هذا ما كاتب أنس غلامه سيرين : كاتبه على كذا وكذا ألف وعلى غلامين يعملان مثل عمله " واستدل بفعل عمر على أنه كان يرى بوجوب الكتابة إذا سألها العبد ، لأن عمر لما ضرب أنسا على الامتناع دل على ذلك ، وليس ذلك بلازم لاحتمال أنه أدبه على ترك المندوب المؤكد ، وكذلك ما رواه عبد الرزاق : " أن عثمان قال لمن سأله الكتابة : لولا آية من كتاب الله ما فعلت " فلا يدل أيضا على أنه كان يرى الوجوب .
ونقل nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم القول بوجوبها عن مسروق والضحاك ، زاد القرطبي : وعكرمة . وعن إسحاق ابن راهويه أن مكاتبته واجبة إذا طلبها ، ولكن لا يجبر الحاكم السيد على ذلك . nindex.php?page=showalam&ids=13790وللشافعي قول بالوجوب ، وبه قال الظاهرية ، واختاره nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير الطبري . قال ابن القصار : إنما علا عمر أنسا بالدرة على وجه النصح لأنس ، ولو كانت الكتابة لزمت أنسا ما أبى ، وإنما ندبه عمر إلى الأفضل . وقال القرطبي : لما ثبت أن nindex.php?page=treesubj&link=4468_27700رقبة العبد وكسبه ملك لسيده دل على أن الأمر بكتابته غير واجب ، لأن قوله : " خذ كسبي وأعتقني " يصير بمنزلة قوله أعتقني بلا شيء وذلك غير واجب اتفاقا ومحل الوجوب عند من قال به إن كان العبد قادرا على ذلك ورضي السيد بالقدر الذي تقع به المكاتبة . وقال أبو سعيد الإصطخري : القرينة الصارفة للأمر في هذا عن الوجوب الشرط في قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33إن علمتم فيهم خيرا فإنه وكل الاجتهاد في ذلك إلى المولى ، ومقتضاه أنه إذا رأى عدمه لم يجبر عليه ، فدل على أنه غير واجب . وقال غيره : الكتابة عقد غرر ، وكان الأصل أن لا تجوز ، فلما وقع الإذن فيها كان أمرا بعد منع والأمر بعد المنع للإباحة ، ولا يرد على هذا كونها مستحبة لأن استحبابها ثبت بأدلة أخرى ،
ثم أورد المصنف قصة بريرة من عدة طرق في جميع أبواب الكتابة ، فأورد في هذه الترجمة طريق الليث عن يونس عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة تعليقا ، ووصله الذهلي في " الزهريات " عن أبي صالح كاتب الليث عن الليث ، والمحفوظ رواية الليث له عن ابن شهاب نفسه بغير واسطة ، وسيأتي في الباب الذي يليه عن قتيبة عن الليث ، وأخرجه مسلم أيضا عن قتيبة ، وكذلك أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=14695والطحاوي وغيرهما من طريق ابن وهب عن رجال من أهل العلم منهم يونس nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث كلهم عن ابن شهاب ، وهذا هـو المحفوظ أن يونس رفيق الليث فيه لا شيخه ، ووقع التصريح بسماع الليث له من ابن شهاب عن أبي عوانة من طريق مروان بن محمد ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من طريق ابن وهب كلاهما عن الليث . وقد وقع في هذه الرواية المعلقة أيضا مخالفة للروايات المشهورة في موضع فيه نظر وهو قوله في المتن " وعليها خمس أواق نجمت عليها في خمس سنين " والمشهور ما في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة الآتية بعد بابين عن أبيه " أنها كاتبت على تسع أواق في كل عام أوقية " وكذا في رواية ابن وهب عن يونس عند مسلم ، وقد جزم nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي بأن الرواية المعلقة غلط ، ويمكن الجمع بأن التسع أصل والخمس كانت بقيت عليها ، وبهذا جزم القرطبي والمحب الطبري ، ويعكر عليه قوله في رواية قتيبة " ولم تكن أدت من كتابتها شيئا " ويجاب بأنها كانت حصلت الأربع أواق قبل أن تستعين عائشة ، ثم جاءتها وقد بقي عليها خمس .
وقال القرطبي : [ ص: 222 ] يجاب بأن الخمس هي التي كانت استحقت عليها بحلول نجومها من جملة التسع الأواقي المذكورة في حديث هشام ، ويؤيده قوله في رواية عمرة عن عائشة الماضية في أبواب المساجد " فقال أهلها : إن شئت أعطيت ما يبقى " وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي أنه رأى في الأصل المسموع على الفربري في هذه الطريق أنها كاتبت على خمسة أوساق وقال : إن كان مضبوطا فهو يدفع سائر الأخبار .
قلت : لم يقع في شيء من النسخ المعتمدة التي وقفنا عليها إلا الأواقي ، وكذا في نسخة النسفي عن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وكان يمكن على تقدير صحته أن يجمع بأن قيمة الأوساق الخمسة تسع أواق ، لكن يعكر عليه قوله : " في خمس سنين " فيتعين المصير إلى الجمع الأول . وقوله في هذه الرواية " فقالت عائشة ونفست فيها " هو بكسر الفاء جملة حالية أي رغبت .
قوله : ( باب ما يجوز من nindex.php?page=treesubj&link=7458شروط المكاتب ، ومن اشترط شرطا ليس في كتاب الله ) جمع في هذه الترجمة بين حكمين ، وكأنه فسر الأول بالثاني ، وأن ضابط الجواز ما كان في كتاب الله ، وسيأتي في الشروط أن المراد بما ليس في كتاب الله ما خالف كتاب الله ، وقال ابن بطال : المراد بكتاب الله هنا حكمه من كتابه أو سنة رسوله أو إجماع الأمة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة : ليس في كتاب الله أي ليس في حكم الله جوازه أو وجوبه ، لا أن كل من شرط شرطا لم ينطق به الكتاب يبطل ، لأنه قد يشترط في البيع الكفيل فلا يبطل الشرط ، ويشترط في الثمن شروط من أوصافه أو من نجومه ونحو ذلك فلا يبطل ، وقال النووي : قال العلماء : nindex.php?page=treesubj&link=4501الشروط في البيع أقسام ، أحدها يقتضيه إطلاق العقد كشرط تسليمه ، الثاني شرط فيه مصلحة كالرهن وهما جائزان اتفاقا ، الثالث اشتراط العتق في العبد وهو جائز عند الجمهور لحديث عائشة وقصة بريرة ، الرابع ما يزيد على [ ص: 223 ] مقتضى العقد ولا مصلحة فيه للمشتري كاستثناء منفعته فهو باطل .
وقال القرطبي : قوله : " ليس في كتاب الله " أي ليس مشروعا في كتاب الله تأصيلا ولا تفصيلا ، ومعنى هذا أن من الأحكام ما يؤخذ تفصيله من كتاب الله كالوضوء ، ومنها ما يؤخذ تأصيله دون تفصيله كالصلاة ، ومنها ما أصل أصله كدلالة الكتاب على أصلية السنة والإجماع وكذلك القياس الصحيح ، فكل ما يقتبس من هذه الأصول تفصيلا فهو مأخوذ من كتاب الله تأصيلا .
قوله : ( فيه عن ابن عمر ) كذا لأبي ذر ، ولغيره " فيه ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " وكأنه أشار بذلك إلى حديث ابن عمر الآتي في الباب الذي يليه ، وقد مضى بلفظ الاشتراط في " باب البيع والشراء مع النساء " من كتاب البيوع .
قوله : ( إن بريرة ) هي بفتح الموحدة بوزن فعيلة ، مشتقة من البرير وهو ثمر الأراك . وقيل إنها فعيلة من البر بمعنى مفعولة كمبرورة ، أو بمعنى فاعلة كرحيمة ، هكذا وجهه القرطبي . والأول أولى لأنه - صلى الله عليه وسلم - غير اسم جويرية وكان اسمها برة وقال : nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=32لا تزكوا أنفسكم فلو كانت بريرة من البر لشاركتها في ذلك . وكانت بريرة لناس من الأنصار كما وقع عند أبي نعيم ، وقيل لناس من بني هلال قاله nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر ، ويمكن الجمع . وكانت تخدم عائشة قبل أن تعتق كما سيأتي في حديث الإفك ، وعاشت إلى خلافة معاوية ، وتفرست في nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان أنه يلي الخلافة فبشرته بذلك وروى هو ذلك عنها .
قوله : ( فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك ويكون ولاؤك لي فعلت ) كذا في هذه الرواية ، وهي نظير رواية مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة الآتية في الشروط بلفظ " إن أحب أهلك أن أعدها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت " وظاهره أن عائشة طلبت أن يكون الولاء لها إذا بذلت جميع مال المكاتبة . ولم يقع ذلك إذ لو وقع ذلك لكان اللوم على عائشة بطلبها ولاء من أعتقها غيرها . وقد رواه أبو أسامة عن هشام بلفظ يزيل الإشكال فقال بعد قوله : " أن أعدها لهم عدة واحدة وأعتقك ويكون ولاؤك لي فعلت " .
وكذلك رواه وهيب عن هشام ، فعرف بذلك أنها أرادت أن تشتريها شراء صحيحا ثم تعتقها إذ العتق فرع ثبوت الملك ، ويؤيده قوله في بقية حديث الزهري في هذا الباب فقال - صلى الله عليه وسلم - : ابتاعي فأعتقي وهو يفسر قوله في رواية مالك عن هشام " خذيها " ويوضح ذلك أيضا قوله في طريق أيمن الآتية " دخلت على بريرة وهي مكاتبة فقالت : اشتريني وأعتقيني ، قالت : نعم " وقوله في حديث ابن عمر " أرادت عائشة أن تشتري جارية فتعتقها " وبهذا يتجه الإنكار على موالي بريرة ؛ إذ وافقوا عائشة على بيعها ثم أرادوا أن يشترطوا أن يكون الولاء لهم ، ويؤيده قوله في رواية أيمن المذكورة " قالت : لا تبيعوني حتى تشترطوا ولائي " وفي رواية الأسود الآتية في الفرائض عن عائشة " اشتريت بريرة لأعتقها ، فاشترط أهلها ولاءها " وسيأتي قريبا في الهبة من طريق القاسم عن عائشة " أنها أرادت أن تشتري بريرة وأنهم اشترطوا ولاءها " .
قوله : ( ارجعي إلى أهلك ) المراد بالأهل هنا السادة ، والأهل في الأصل الآل ، وفي الشرع من تلزم نفقته على الأصح عند الشافعية .
[ ص: 224 ] قوله : ( إن شاءت أن تحتسب ) هو من الحسبة بكسر المهملة أي تحتسب الأجر عند الله ولا يكون لها ولاء .
قوله : ( فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم ) في رواية هشام " فسمع بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألني فأخبرته " وفي رواية مالك عن هشام " فجاءت من عندهم ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس فقالت : إني عرضت عليهم فأبوا ، فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - " وفي رواية أيمن الآتية " فسمع بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - أو بلغه " زاد في الشروط من هذا الوجه فقال : " ما شأن بريرة " ولمسلم من رواية أبي أسامة ، nindex.php?page=showalam&ids=13114ولابن خزيمة من رواية حماد بن سلمة كلاهما عن هشام nindex.php?page=hadith&LINKID=887914 " فجاءتني بريرة والنبي - صلى الله عليه وسلم - جالس فقالت لي فيما بيني وبينها : ما أراد أهلها ، فقلت : لا هالله إذا ، ورفعت صوتي وانتهرتها ، فسمع ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألني فأخبرته " لفظ nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة .
قوله : ( ابتاعي فأعتقي ) هو كقوله في حديث ابن عمر : " nindex.php?page=hadith&LINKID=887915لا يمنعك ذلك " وليس في ذلك شيء من الإشكال الذي وقع في رواية هشام الآتية في الباب الذي يليه .
قوله : ( وإن شرط ) في رواية أبي ذر " وإن اشترط " .
قوله : ( مائة مرة ) في رواية المستملي " مائة شرط " وكذا هـو في رواية هشام وأيمن ، قال النووي : معنى قوله : " ولو اشترط مائة شرط " أنه لو شرط مائة مرة توكيدا فهو باطل ، ويؤيده قوله في الرواية الأخيرة : " إن شرط مائة مرة " وإنما حمله على التأكيد لأن العموم في قوله : " كل شرط " وفي قوله : " من اشترط شرطا " دال على بطلان جميع الشروط المذكورة فلا حاجة إلى تقييدها بالمائة فإنها لو زادت عليها كان الحكم كذلك لما دلت عليها الصيغة . نعم الطريق الأخيرة من رواية أيمن عن عائشة بلفظ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=883988nindex.php?page=treesubj&link=26204الولاء لمن أعتق وإن اشترطوا مائة شرط وإن احتمل التأكيد لكنه ظاهر في أن المراد به التعدد ، وذكر المائة على سبيل المبالغة والله أعلم . وقال القرطبي : قوله : " nindex.php?page=hadith&LINKID=887916ولو كان مائة شرط " خرج مخرج التكثير ، يعني أن nindex.php?page=treesubj&link=33631الشروط الغير المشروعة باطلة ولو كثرت ، ويستفاد منه أن nindex.php?page=treesubj&link=33631الشروط المشروعة صحيحة وسيأتي التنصيص على ذلك في كتاب الشروط إن شاء الله تعالى .