الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في الإحسان والعفو

                                                                                                          2006 حدثنا بندار وأحمد بن منيع ومحمود بن غيلان قالوا حدثنا أبو أحمد الزبيري عن سفيان عن أبي إسحق عن أبي الأحوص عن أبيه قال قلت يا رسول الله الرجل أمر به فلا يقريني ولا يضيفني فيمر بي أفأجزيه قال لا اقره قال ورآني رث الثياب فقال هل لك من مال قلت من كل المال قد أعطاني الله من الإبل والغنم قال فلير عليك قال أبو عيسى وفي الباب عن عائشة وجابر وأبي هريرة وهذا حديث حسن صحيح وأبو الأحوص اسمه عوف بن مالك بن نضلة الجشمي ومعنى قوله اقره أضفه والقرى هو الضيافة

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( باب ما جاء في الإحسان والعفو ) الإحسان ضد الإساءة ، قال في الصراح : إحسان نكوثي كردن ، يقال أحسن إليه كقوله تعالى : وأحسن كما أحسن الله إليك وأحسن به كقوله تعالى : وقد أحسن بي وقال في المجمع : العفو التجاوز عن الذنب وترك العقاب وأصله المحو والطمس عفا يعفو انتهى .

                                                                                                          قوله : ( عن أبيه ) هو مالك بن نضلة قال في التقريب : ويقال مالك بن عوف بن نضلة الجثمي بضم الجيم وفتح المعجمة صحابي قليل الحديث ، قوله : ( فلا يقريني ) بفتح أوله تفسيره قوله ( ولا يضيفني ) بضم أوله ( أفأجزيه ) بفتح الهمز وسكون الياء أي أكافئه بترك القرى ومنع الطعام كما فعل بي أم أقريه وأضيفه ، ( قال لا ) أي لا تجزه وتكافئه ( أقره ) أي أضفه ، وفيه حث على القرى الذي هو من مكارم الأخلاق ، ومنها دفع [ ص: 122 ] السيئة بالحسنة كقوله تعالى ادفع بالتي هي أحسن السيئة ، ( رث الثياب ) قال في النهاية : متاع رث ومنال رث خلق بال ، وفي القاموس : الرثاثة والرثوثة البذاذة ، وفي رواية : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي ثوب دون ( قلت من كل المال ) من للتبعيض والمعنى بعض كل المال ( من الإبل والغنم ) بيان " لمن " المراد منه البعض ، وفي رواية : من الإبل والبقر والغنم والخيل والرقيق ( قال فلير عليك ) بصيغة المجهول ، أي فليبصر وليظهر ، وفي رواية فإذا أتاك الله مالا فلير أثر نعمة الله عليك وكرامته والمعنى : البس ثوبا جيدا ليعرف الناس أنك غني وأن الله أنعم عليك بأنواع النعم .

                                                                                                          وفي شرح السنة : هذا في تحسين الثياب بالتنظيف والتجديد عند الإمكان من غير أن يبالغ في النعامة والدقة ، ومظاهرة الملبس على اللبس على ما هو عادة العجم ، قال القاري اليوم زاد العرب على العجم ، قلت : الأمر في هذا الزمان أيضا كما قال القاري ، وقال البغوي : وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ينهى عن كثير من الإرفاه انتهى ، وروى البيهقي عن أبي هريرة وزيد بن ثابت أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الشهرتين رقة الثياب وغلظها ولينها وخشونتها وطولها وقصرها ، ولكن سداد فيما بين ذلك واقتصاد .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن عائشة وجابر وأبي هريرة ) أما حديث عائشة فأخرجه الشيخان وفيه : ما انتقم رسول الله لنفسه في شيء قط إلا أن ينتهك حرمة الله فينتقم الله بها ، وأما حديث جابر فأخرجه الشيخان أيضا وفيه قصة الأعرابي الذي اخترط سيف النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم وعفوه صلى الله عليه وسلم عنه وأما حديث أبي هريرة فأخرجه مسلم ، قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد والنسائي .




                                                                                                          الخدمات العلمية