الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3174 حدثنا عبد بن حميد حدثنا روح بن عبادة عن سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن الربيع بنت النضر أتت النبي صلى الله عليه وسلم وكان ابنها الحارث بن سراقة أصيب يوم بدر أصابه سهم غرب فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت أخبرني عن حارثة لئن كان أصاب خيرا احتسبت وصبرت وإن لم يصب الخير اجتهدت في الدعاء فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا أم حارثة إنها جنة في جنة وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى والفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها قال هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث أنس

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله ( عن سعيد ) بن أبي عروبة ( أن الربيع بنت النضر ) الأنصارية الخزرجية عمة أنس بن مالك صحابية ( كان أصيب ) أي قتل ( أصابه سهم غرب ) أي لا يعرف راميه أو لا يعرف من أين أتى أو جاء على غير قصد من راميه ، قاله الحافظ وقال الطيبي : أي لا يعرف راميه وهو بفتح الراء وسكونها وبالإضافة والوصف وقيل بالسكون إذا أتاه من حيث لا يدري وبالفتح إذا رماه فأصاب غيره انتهى ( لئن كان أصاب خيرا احتسبت وصبرت ) وفي رواية البخاري فإن كان في الجنة صبرت ( وإن لم يصب الخير اجتهدت في الدعاء ) وفي رواية البخاري : وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء . قال الخطابي : أقرها النبي صلى الله عليه وسلم على هذا أي فيؤخذ منه الجواز . قال الحافظ : كان ذلك قبل تحريم النوح فلا دلالة فيه فإن تحريمه كان عقب غزوة أحد وهذه القصة كانت عقب غزوة بدر ، ووقع في رواية سعيد بن أبي عروبة : اجتهدت في الدعاء بدل قوله : في البكاء وهو خطأ ووقع ذلك في بعض النسخ دون بعض ووقع في رواية حميد الآتية في صفة الجنة من الرقاق ، وعند النسائي : فإن كان في الجنة لم أبك عليه وهو دال على صحة الرواية بلفظ البكاء . وقال في رواية حميد هذه : وإلا فسترى ما أصنع ونحوه في [ ص: 15 ] رواية حماد عن ثابت عند أحمد ( إنها جنان في جنة ) وفي رواية أبان عند أحمد : إنها جنان كثيرة في جنة . وفي رواية حميد : ( إنها جنان كثيرة ) . والضمير في قوله " إنها جنان " يفسره ما بعده وهو كقولهم : هي العرب تقول ما شاءت والقصد بذلك التفحيم والتعظيم . وقال الطيبي : ويجوز أن يكون الضمير للشأن وجنان مبتدأ والتنكير فيه للتعظيم .

                                                                                                          والمراد بالجنان الدرجات فيها لما ورد أن في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض والفردوس أعلاها ( والفردوس ربوة الجنة ) أي أرفعها ، والربوة بالضم والفتح ما ارتفع من الأرض ( وأوسطها وأفضلها ) المراد بالأوسط هنا الأعدل والأفضل كقوله تعالى : وكذلك جعلناكم أمة وسطا فعطف الأفضل عليه للتأكيد . قوله ( هذا حديث حسن صحيح غريب ) وأخرجه البخاري والنسائي وابن خزيمة .




                                                                                                          الخدمات العلمية